قرأت رد عبدالعزيز صالح العسكر بالجزيرة لعدد الخميس 16-2-1432ه على مقال للكاتب/ حمزة السالم الواردة بالجزيرة بتاريخ 3-2-1432ه بعنوان (رجال الدين بين العاطفة والفكر). وكان الكاتب السالم يتحدّث بشكل تحليلي حول العاطفة والفكر وأن المجتمعات المتخلفة بعضها لجأ إلى ثقافة العاطفة حتى باتت تقود ثقافة الفكر لديهم وتوجههم، والبعض الآخر لجأ إلى ثقافة التمرد الفكري فسحق العاطفة ثم أشار إلى المسار الوسطي المحمود بين العاطفة والفكر ودلّل على تطور المسلمين عندما كانوا أمةً وسطاً وهذا لا يحتاج إلى أدلة على سلامة مقصد الكاتب وصحة ما أشار إليه في مقاله. وما ذهب إليه الكاتب من أن هذا المصطلح الوسطي عندما انتقل إلى بلاد الغرب حيث استخدموه في نظامهم وحياتهم السياسية فأصبحوا دولاً متقدمة بينما أمسى المسلمون ودولهم متخلفين عندما تقسموا وتطرف بعضهم حتى داخل مجتمعاتهم وتنازعوا من الداخل فحصل التشرذم والاختلاف في كيان يشكل نصف شعوب الكرة الأرضية تقريباً. وكقارئ لم أفهم بعض فقرات ردود الكاتب/ العسكر ونقده على ما ذكره السالم من وجود مجتمعات بدائية وثورية ومتطورة، فهذه مصطلحات معروفة ولا غبار عليها وأستغرب أنه لا يدرك مراميها واستغرابه كذلك لوصف السالم بأن الفكر كالماء الراكد ينتن إن لم يجد من يحركه، والفكر إن لم يتطور ويساير الزمن يكون نتناً بحكم قِدمه وتخلفه عن مرحلة الحياة الراهنة ثم عاد واعترف بأن الإقصاء والتكفير والتغريب نماذج من نتن الفكر وترديه وهذا ما كان يقصده السالم في مقاله وهو ما دأبت عليه بعض التيارات المتشددة في بعض البلدان الإسلامية والتي تصف خصومها الذين يدعون لتطوير شعوبهم وفق بعض الأساليب العلمية بأنهم تغريبيون وليبراليون وعلمانيون وهم في الحقيقة لا يدركون فحواها لا في الغرب ولا في الشرق ولكنها العاطفة التي سيطّرت على الفكر المتشدد والمتخوف الذي في بعض مكوناته يجهل ما حوله من عالم متغير تحكمه مصالح وعلاقات يجب إدراكها لتحتل الصدارة فيه. وأعتقد أنه فيما سبق لم يأت بجديد. وفي ختام رده ركّز على العلم الشرعي وأنه زينة لطالبه واستعاذ من عدم ذلك وكأن السالم دعا لغير ذلك، واختتم بأن طالب العلم يجب أن يذهب للمعلم، وهذا لا خلاف عليه، والغريب بداية رده حيث عندما قرأ المقال توقع أن كاتبه من بكين أو الصين أو باريس... إلخ. وهذا مما يجعلك تعتقد أنه ذهب لتحليل النوايا دون فحوى ومقصد الكاتب وهذه دائماً ما تتسم به ردود المتخوفين من التغريب ولا نلوم الغيورين، لكننا نأمل تفهم المدركين منهم لنتائج التشدد الفكري وما أنتجه أصحابه من ثقافة مارسوها باسم الدفاع عن المسلمين أثّرت في فكر شبابنا عندما عشعشَ هذا الفكر المتشدد على عقولهم ورماهم في أوحال التطرف والصراع على غير هدى مما أضر ببلدانهم وأمتهم. ولذا، كل من حاول التبرير لهذا الفكر أو مصادمة من يكتب عنه وكشف زيفه فهو شريك في نشر الفكر المتشدد ولم يعتبر مما يراه من نتائج وحري بكل كاتب سعودي مدرك أن يكون فطناً لهذا الأمر ومحذراً منه لا مدافعاً عنه. محمد المسفر - شقراء