تتكرر شكوى كثير من الشباب من وجود فجوة آخذة في الاتساع، بينهم وبين أسرهم، وافتقادهم إلى تلك العلاقات والروابط الأسرية المليئة بالحب والألفة.. والتي تُسهم بعد الله في حماية شبابنا من الوقوع في مشاكل وربما انحرافات سلوكية مدمرة.. نعم فثمة مساحات تفصل بين بعض الشباب وأسرهم.. مما ينعكس بالتالي وبصورة سلبية على علاقتهم بمجتمعاتهم.. فما هي الأسباب المؤدية إلى ذلك؟.. وهل بالإمكان ردم هذه الفجوة؟.. وكيف؟ بعض الأسباب عبد العزيز فروان أجاب على هذه التساؤلات قائلاً: نعم تُوجد فجوة بين الشباب وأسرهم.. وغالباً ما تكون الفجوة بسبب جبروت الأب، وسرعة غضبه، وسوء تعامله مع الابن مما يسبب تنافراً بينهما.. وأيضاً الإهمال من الأسرة يسبب ضياع الابن وعدم المبالاة أو الاهتمام بأسرته.أما بالنسبة للفجوة بين الشاب ومجتمعه فهو على حسب التربية.. وما يُبنى في فكره من خلال تربية أسرته له، نعم يمكن ردم تلك الفجوة من خلال الندوات والمحاضرات الموجهة إلى الآباء لتوجيههم إلى أسلوب التربية والتعامل الأمثل مع الأبناء. أما بندر المطرفي فيجيب بقوله: نعم تُوجد فجوة بين الشاب وأسرته والسبب الأول هو الأب والأم فهما يدللان الولد ولا يجعلانه يتحمَّل أي مسؤولية إلى درجة يصل فيها الشاب عندما يكبر إلى التطاول على والديه.. ولا يتقبل منهم أي نصح أو مناقشة.. ومع الأيام تزداد الفجوة بينهما.. ويضيف بندر بقوله: وفي النهاية العتب على الآباء وطريقة تربيتهم.. أما عن إمكانية ردم هذه الفجوة فأعتقد أنه من الصعوبة فعل ذلك.. فمن شبّ على شيء شاب عليه، ولعل ذلك يفسر لنا اتجاه كثير من الشباب إلى قضاء معظم أوقاتهم في الاستراحات أو الشقق بحيث يبعد الشاب عن المشاكل والضغوطات.. ويستمتع بوقته بعيداً عن أجواء الأسرة، مع أنني لست من هذا النوع.. ولكن هذا ما أراه من حولي. محمد مراد يؤكد وجود تلك الفجوة قائلاً: من المؤكد أن هناك فجوة بين الشباب وأسرهم من جهة.. ومع المجتمع من جهة أخرى.وطبعاً ليس كل الشباب يعانون من هذه الفجوة.. كما أن تلك الفجوة تختلف من شخص لآخر، حسب الأسباب المؤدية لهذه الفجوة.. ومنها تربية الوالدين غير الصحيحة لأبنائهم.. أو ضعف التربية الدينية.. وبالتالي يصبح الشاب غير مقدِّر لقيمة الوالدين ومكانتهم في الإسلام.. عندها تحدث فجوة بينه وبين والديه لأنه يعتقد أنهما يأمرانه وينهيانه، ولا يلبيان طلباته أو تكون بينه وبين إخوانه أو أخواته بعض المشاكل كأن يكون الأب غير عادل مع الأولاد.. فيعتقد الشاب أن الأب أو الأم يفضلان غيره عليه، وبالتالي يحاول الهرب من الواقع الذي يعيشه بالخروج من المنزل والسهر ورفقة الأصدقاء.. أو السفر... وسبب آخر وهو شدة الأب مع أولاده وقسوته عليهم.. ومن المؤكد أن الولد سيكون كارهاً لوالده ولتصرفاته وقسوته معه.. ومن هنا تتكون الفجوة وتبدأ في الاتساع، هذا فيما يخص الفجوة بين الشاب وأسرته.. أما فيما يخص الفجوة بين الشاب ومجتمعه فقد يكون المكان أو البيئة التي تربى فيها الشخص أو عاش فيها سيئة تتأثر مثلاً.. أو من جهة الجيران.. أو الحالة الاقتصادية فتتكون فجوة بين الشاب وبين محيطه ويكره العيش فيه. مثال آخر إذا تخرج الشاب وبحث عن وظيفة معينة ولم يحصل عليها مع أنه مستحق لها عن جدارة وبالأخير لا يحصل على وظيفة تقيه الحاجة والعوز فأكيد سيكره المجتمع.. خصوصاً مع مسألة الوساطات وما تسببه للبعض من فقد لحقوقهم أو يكون تعرَّض لظلم في مسألة معينة.. وبالتالي يكون ناقماً على مجتمعه.أما الرؤية للحل فهي أن ننشئ ونربي جيلاً جديداً يتحمل المسؤولية ولديه طموحات وأهداف ويبدأ من تربية الوالدين (أهم نقطة).. والغالبية مهملها.. ويدلل الولد أو يسلمه للشغالة والسائق.. فأين اهتمام الوالدين وتربيتهم وعطفهم؟؟ صادقوهم وخاووهم أحمد السالمي يوجز الأسباب بقوله: نعم تُوجد فجوة وأعتقد أن سببها استخدام أسلوب الفرض والإلزام في التعامل.. طبعاً يمكن ردم تلك الفجوة.. بأسلوب الصداقة أو (المخاواه).. كلنا نعلم أن الأصدقاء يعرفون أسرارنا أكثر من آبائنا.. فإذا اتبع الآباء هذا الأسلوب.. أتوقع سينجحون كثيراً.. والحمد لله الآن أغلب الأسر لديها توجه لهذا النوع من التعامل مع الأبناء. نهيان المطرفي يبدي رأيه حول هذا المحور بقوله: نعم يوجد فجوة بينهم.. وهناك سببان مهمان: أول سبب بُعد الأب عن أبنائه وانشغاله بأعماله وعدم الجلوس معهم.. ثاني سبب بُعد الأم كذلك عن أبنائها وانشغالها بالزواجات والأسواق والجلوس مع الصديقات. وهذا من أهم الأسباب.. لأن ابتعاد الأب والأم عن أبنائهما يوجد الفجوة.. بل ويساهم في اتساعها بمرور الوقت.. حيث إنه إذا واجهت الشاب مشكلة أو الفتاة لا يجدون من يسمع لهم.. فيضطرون بعد ذلك إلى اللجوء إلى الأصدقاء.. وطبعاً هناك الصديق الصالح وصديق السوء، ويضيف نهيان قائلاً: طبعاً بالإمكان ردم هذه الهوة.. وذلك من خلال قُرب الأب والأم من أبنائهما وسماعهما لمشاكلهم وإيجاد الحلول لها هو الحل الأمثل لكل مشاكل الأبناء. فيصل العودة يقول: نعم تُوجد فجوة بين الشباب وأسرهم.. لكنني سأختصرها في هذه النقاط. أولاً: فقدان الحب والألفة التي يفترض أن تحيط بالجو الأسري. ثانياً: إهمال الوالدين لأولادهما وعدم محاولة التقرب منهم ومعرفة مشاكلهم وكذلك البُعد عن التربية الدينية الصحيحة. ثالثاً: التأثير السلبي للإعلام على تفكير بعض الشباب وكذلك تأثير أصدقاء السوء. ختاماً.. يشاركنا الدكتور صلاح الزيلعي برأيه حول هذا المحور.. حيث يرى أن مرحلة الشباب هي عبارة عن مجموعة من المتغيرات الفسيولوجية، والجنسية، وأيضاً الاجتماعية.. والشاب في هذه المرحلة أحوج ما يكون إلى أسرة تحتويه وتراعي توفير احتياجاته الأساسية كالشعور بالأمان، والمحبة، والحرية، والانتماء لأسرة تتفهم ما يمر به من متغيرات قد يغفلها الكثير من الآباء دون تقدير للعواقب ومن احتياجات الشاب في هذه المرحلة حاجته أيضاً إلى أن يشعر ويشعر الآخرين بقيمته الذاتية.. وقد يحاول تأكيد ذلك بطرق مختلفة كالتفوق في دراسته أو محاولة البروز في نشاط رياضي معين.. أو من خلال لفت نظر الآخرين إليه.. وذلك من خلال الظهور بمظهر مختلف.. ويضيف الزيلعي: الشاب في هذه المرحلة عادة ما يكون سريع الانفعال ويريد تحقيق رغباته بسرعة.. فيما قد يجابه بالرفض ومحاولة الهيمنة وكبت رأيه من قبل الأسرة خصوصاً أمام الآخرين.. وهذا الأسلوب قد يدفع بالشاب إلى محاولة الانتماء خارجياً.. فيجد من الأصدقاء من يحتضنه ويستمع إلى آرائه ويحاول تسليته والترويح عنه.. وطبعاً قد يتجاوز ذلك إلى أشياء وممارسات سلوكية سيئة لا تخفى على أحد. فالشاب يحتاج أيضاً في بعض الأحيان إلى المجاراة والمسايرة حتى لا تنقطع شعرة معاوية وتتسع الهوة.