كلنا يعرف ما لمرحلة المراهقة بالذات من عمر الانسان من أهمية بالغة وذلك لما يواكبها من تغيرات واضحة سواء في النمو او النفسية او الانفعالات او المزاج او حتى الشهوة كما دلفت الى ذلك في موضوع سابق حول سمات وتغيرات مرحلة المراهقة واحتياجاتها كمرحلة حرجة ومنعطف خطر في حياة الانسان عموما، ولما يمارس فيها المراهق من سلوكيات تحتاج الى متابعة ووقاية منها قبل وقوعها. نعيش في العصر الحاضر وللاسف الشديد اهمالاً اسرياً وضعف متابعة وخصوصا في هذه المرحلة الهامة وكل ذلك بالطبع إما بسبب الجهل بأساليب التربية والواجبات تجاه هؤلاء الأبناء وإما معرفة تلك الواجبات والمهام بيد انها الغفلة أحيانا أو الانشغال بأعباء الحياة ومسؤولياتها. ومما يزيد الأمر خطورة وصعوبة في مواجهته ويحتم علينا واجبات ومهام ومسؤوليات أعظم تجاه ابنائنا هو اننا في عصر انفتاح عالمي وثقافي وكذلك تعقد في الحضارة واساليب الحياة ونشوء مثل هؤلاء الأبناء امام هذا السيل الجارف من الغزو الفكري والثقافي السافر، حيث ان الابن يولد ويجد نفسه أمام هذه التيارات )قنوات فضائية، انترنت وهي سلاح ذو حدين يمكن استخدامها في الخير والشر(. ومما أدى إليه هذا الانفتاح وضعف المتابعة والاهمال منا لأبنائنا وعدم معرفة طبيعة ما يمارسون من سلوكيات ومما ولدته القنوات الفضائية وشبكات الانترنت وسهولة انتشارها لدينا وخطور ة من يعملون في مقاهي الانترنت ليسوا من مجتمعاتنا الاسلامية المحافظة والذين يستغلون ابناءنا عن طريق هذه المقاهي ببث الصور الخليعة والأفكار الالحادية التي قد لا يدرك الشاب خطورتها على نفسه ودينه ومستقبله ومجتمعه مما يجعله يفجر ما لديه من شهوات وسلوكيات منحرفة إما مع زملائه في المدرسة أو حتى خارجها وخصوصا في مرحلة المراهقة التي يصعب التحكم فيها بالشهوات بل قد يعيش فيها المراهق فترة لا وعي بما يقوم به من سلوكيات. إن الأمر حقيقة يشكل خطرا داهما على مجتمعنا الاسلامي المحافظ وعلى ابنائنا وشبابنا الذين سيكونون في المستقبل بإذن الله عماد الوطن وكل تلك الخطورة والسلوكيات التي ظهرت لدى بعض ابنائنا كان سببها في البداية كما اسفلت الاهمال وضعف المتابعة والرقابة من قبل بعض الأسر، واذا كان الامر ليس فيه خطورة او قد لا يدرك ولي الأمر خطورة ذلك على ابنائه واذا لم تفسد مقاهي الانترنت والقنوات الفضائية مجتمعنا وأبناءنا فبماذا تفسر انتشار بعض السلوكيات الجنسية المنحرفة والشاذة وتبادل الصور الخليعة لدى بعض الابناء دون علم أسرهم. يجب على كل ولي أمر تهمه مصلحة ابنه ويخاف على نفسه وولده من سخط الله وضياع الدين والاخلاق ان يكون على علم وبصيرة بما يفعله ابنه ويمارسه سواء في حضرته او غيبته ومعرفة من يرافق ويصادق وهل هم صالحون ام غير ذلك وكذلك طبيعة ما يمارسون من اعمال قبل أن يقع ابنه في الرذيلة لا سمح الله فيحدث ما لا تحمد عقباه مع ان المسؤولية هنا لا تقع على الابن بقدر ما تقع على والده المهمل غير المتابع له، حيث اننا لو بحثنا ودرسنا أسباب الوقوع في الجريمة لدى افراد أي مجتمع لوجدنا ان من بينها سوء التربية وضعف المتابعة من الاهل مما ادى به الى الوقوع في رفقة سيئة وشيئا فشيئا اصبح مجرما يشار له بالبنان. كما يجب على كل ولي أمر ان يكون على اتصال بالمدرسة التي يتعلم فيها ابنه دون دعوة أو طلب من المدرسة، والا يكون هدفه عند زيارته للمدرسة معرفة مستواه التحصيلي فقط بل وحتى الاخلاقي والتربوي، واشعار الابن بذلك، حيث انه لا يزال في سن صغيرة ومتابعته في مثل هذا العمر هو ما نجني ثماره بإذن الله مستقبلا فنضمن بذلك عدم انحرافه عن الصراط المستقيم وذلك لشعوره بتلك المتابعة، كما انه من جانب آخر يحس بقيمته وزهوه وفخره امام زملائه وكذلك بأن هناك من يسأل عنه فترتفع روحه المعنوية مما يؤدي الى زيادة الحماس والنشاط لديه في دراسته، ومن جانب آخر يضع ألف علامة استفهام قبل الاقدام على اي سلوك وذلك كما اسلفت لشعوره بأن مثل ذلك سيصل الى علم والده الذي يتابعه ويلاحظه ويعرف الكثير عنه. اللهم احفظ مجتمعنا وبلادنا المسلمة من كل سوء واجعل كيد من يريد افسادها في نحره واجعل عملنا خالصا لوجهك إنك على ذلك قدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين. عمر بن سليمان الشلاش المرشد الطلابي بمجمع الأمير سلطان التعليمي ببريدة