لا يخفى على أحدٍ منا ما للمخدرات والسموم بأنواعها من أضرار على الفرد والمجتمع سواء كانت هذه الاضرار نفسية أو اجتماعية او صحية او اقتصادية او غيرها. ومن بين هذه السموم التي يتناولها الملايين من الضحايا في العالم الدخان اعاذنا الله وجميع المسلمين من تناوله وأعان من يتناوله على تركه، ونحن إذ نعتبر الدخان من المخدرات فلما يحويه من سموم تفتك بمن يتناولها رويداً رويداً، ومن جانب آخر لما يتركه من اثر لدى من يتناوله يؤدي به إلى ادمانه إدمانا نفسيا يجعل الفرد عندما يتوقف عن تناوله يشعر بالتوتر والقلق والصداع وغير ذلك. ولا يختلف عن تعاطي المورفين والأفيون والهيروين والكوكائين وغيرها سوى ان الادمان او الاعتماد فيها جسدي ونفسي، وأما الادمان على الدخان فإن الاعتماد فيه نفسي بمعنى ان المدمن على الدخان يشعر بين آنٍ وآخر برغبة ملحة في تناوله وإذا لم يتيسر له ذلك كما اسلفت عبر عن شعوره بالقلق والتوتر والصداع وغيرها. إن هذه البلاد ولله الحمد يقل بل يندر فيها من هو مدمن على السموم السالفة الذكر من مورفين أو أفيون أو هيروين أو كوكائين أو غيرها، في حين ان ما يحز في النفس ويُدمي الفؤاد تفشي الدخان وكثرة اعداد متناوليه بحيث اصبح كما يقال (الشق أكبر من الرقعة). وإذا أمعنا النظر فيمن وقعوا ضحية لهذا الداء العضال والذي فتك بأبناء هذا الوطن العزيز الذي ينتظر منهم الكثير والكثير لوجدنا ان من اسباب انتشاره والوقوع فيه: 1 الفراغ لدى الكثيرين. 2 الصحبة السيئة او رفاق السوء مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم عن الجليس السوء إما أن يحرق ثيابك وإما ان تجد منه ريحا خبيثة . 3 المشاكل والخلافات الاسرية والتي تؤثر على الابناء فيبحثون عن متنفس لهم من هذه الضغوط النفسية والاجتماعية فيقع بعضهم فريسة لهذه السموم. 4 البعد عن الدين وضعف الايمان بالله وأثره النفسي السيئ على الفرد والمجتمع. 5 الثراء والغنى وكثرة المال لدى البعض وعدم احسان التصرف فيه فالمال سلاح ذو حدين إما ان يستخدمه الانسان في طاعة الله جل وعلا وإما ان يستخدمه في معصيته. 6 عدم وجود الوعي لدى البعض، فالجهل بالنسبة للوالدين أو الابناء قد يعميهم ويضلهم عن التفكير في أضرار وخطورة وحرمة مثل هذه السموم. 7 العبث وحب الاستطلاع لدى البعض مما يجعلهم يقعون في شراكها وبالتالي يصعب عليهم التخلص منها. 8 التقليد الاعمى لدى البعض الذي لا ينبني على اساس ظنا منهم انها من سمات الرجولة او من الاشياء التي يكملون ويعوضون بها النقص في شخصياتهم. وأسباب عديدة لا حصر لها. وللخلاص من هذه العادة الذميمة والادمان على تناولها فهناك ادوار وخطوات يجب علينا القيام بها خير قيام، وهذه الادوار والخطوات يجب على كل فرد ان يحمل مسؤوليتها ويسهم فيها، كما يجب على المجتمع عامة ممثلا في مؤسساته التربوية القيام بها والتي منها: 1 تنمية الوعي لدى افراد المجتمع والتحذير من اضرار هذا الداء الفتاك علاوة على كونها محرمة في الشريعة الاسلامية لما فيها من قتل بطيء للنفس قال الله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وقال عز وجل: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما). 2 متابعة وملاحظة ابنائنا سواء في البيت من خلال الوالدين أو في المدرسة عن طريق معلميها ومرشديها او في الشارع تحسبا لوقوعهم لا سمح الله في الرفقة او الصحبة السيئة. 3 محاولة ملء وقت الفراغ لدى كثير من ابنائنا بالاستفادة من امكاناتهم وطاقاتهم وتسخيرها فيما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وحتى يعوضوا النقص او الخلل الذي يشعرون به في شخصياتهم كما سبق وان اشرت إليه بممارسة انشطة مختلفة وفي كافة المجالات، وليس صحيحا قول من قال: إني لا أستطيع ترك هذه العادة، فبالايمان الصادق والارادة القوية يستطيع الشخص بإذن الله الاقلاع عن مثل هذه العادة السيئة والمضرة لصحة الفرد ونفسه وماله وتحضرني هنا قصة لشخص توقف بفضل الله ونعمته عن تناول الدخان فلما سئل كيف استطعت ذلك؟ فأجاب: أولا: استحضرت وتذكرت حرمة هذا الداء شرعا، وثانيا: انني كلما شعرت بالرغبة في تناوله مارست نشاطا أو سلوكا معينا رياضة مثلا . 4 الدراسة والبحث والتقصي في ظروف هؤلاء المدخنين الاسرية والاجتماعية من ضغوط وخلافات كما اسلفت ذكره ومحاولة المساهمة في حلها لانها احيانا هي ما يسبب القلق والتوتر لدى المدخن فيلجأ إلى تناول مثل هذه السموم, نسأل الله سبحانه وتعالى ان يخلص مجتمعنا الاسلامي من هذه السموم والآفات إنه ولي ذلك والقادر عليه. عمر بن سليمان الشلاش