أجمع عدد من الأطباء المتخصصين على أن المخدرات تلحق بالإنسان أضرارا جسيمة ومدمرة. وأكدوا في تصريحات ل(اليوم) إن إدمان المخدرات له تأثير يدمر حياة الأفراد والأسر والمجتمعات. كما تحدث ل(اليوم) وزير الصحة الدكتور حمد المانع عن جهود وزارته في سبيل معالجة أضرار المخدرات. الصحة تكافح اكد وزير الصحة الدكتور حمد عبدالله المانع ان وزارته مصممة على ان تسهم بكل مالديها من جهود وطاقات لمواجهة مشكلة إدمان المخدرات، واداء رسالتها النبيلة في نشر التوعية الصحية بالأخطار التي تهدد ضحايا هذا الوباء والتعريف بحجم الضرر الذي يسببه تعاطي وإدمان جميع انواع المواد المخدرة لكل اجزاء جسم الانسان.. مشيرا الى الاستفادة من كفاءات وزارة الصحة في مختلف التخصصات، بما في ذلك الطب النفسي وعلاج الإدمان. واكد المانع ل(اليوم) ان الأضرار العديدة الناجمة عن ادمان المخدرات قد تخفى على الكثير ممن يسقطون في هذه الهوة السحيقة.. وهنا تكمن اهمية التوعية الصحية بهذه الاضرار مؤكدا على اهمية التوعية الصحية بهذه الأضرار. واوضح ان وزارة الصحة دأبت على الأخذ بزمام المبادرة في مجال التوعية بالأضرار التي تصيب الانسان من جراء ادمان المخدرات، والمشاركة في اي عمل من شأنه التخفيف من اخطار هذه الظاهرة التي تفترس الكثير من الشباب، الذين هم ذخيرة الأمة وأمل المستقبل، من منطلق الوعي بحجم المشكلة وخطورتها وبخاصة فيما يتعلق بالأضرار الصحية، التي تتأكد مصداقيتها يوما بعد يوم.. مشيرا الى ما تكتشفه العلوم الطبية، وما يلمسه الاطباء على اختلاف تخصصاتهم اثناء ادائهم عملهم، والممارسة الميدانية لمهنة الطب على وجه العموم. وشدد على ان مكافحة الادمان بجميع اشكاله وصوره مسؤولية اجتماعية يجب أن يشارك فيها الجميع كل في مجال تخصصه ووفقا لمجال عمله وتأثيره. وأضاف: ان رسالة الصحة ستظل ذات طبيعة خاصة، لأنها تنطلق من ان المخدرات قد تكون طريقا سريعا للموت، وانها من اخطر ما يعطل القدرات الابداعية لدى الانسان، ويهدد كيان الأسرة بالتفكك والدمار.. مشيرا الى انه ثبت بالدليل القاطع تأثير المخدرات المدمر على اعضاء الجسم واجهزته، من خلال معلومات طبية دقيقة يقينية لامجال للتشكيك في صحتها. تحذير دائم أو مؤقت كما تحدث عبر (اليوم) عدد من المتخصصين حول الأضرار الجسيمة للمخدرات. ويعرف د. موفق عبدالمولى - اختصاصي التخدير والعناية المركزية - الإدمان بأنه: حالة من التخدير المؤقت او الدائم، المؤذي للفرد او المجتمع او كليهما، الذي يتميز بأنه مزيج من الصفات التالية: الاعتماد الجسدي والعاطفي، حيث يصبح وجود العقار او المخدر في داخل الجسم ضروريا لاكمال العمليات الفيزيولوجية المختلفة، والاعتماد النفسي، ويعبر عنه بالدافع القوي، والحاجة القسرية للاستمرار في تعاطي العقار المخدر، وظاهرة التحمل tolerence ويعبر عنها بزيادة جرعة العقار المخدر للوصول الى الآثار المرغوبة. فيما يعرف الدكتور عزت عبدالعظيم - استشاري الطب النفسي - المخدرات من الناحية العلمية، فيقول: انها كل مادة تحتوي على عناصر، او مركبات مسكنة، او منشطة تؤدي الى حالة من التعود والإدمان عليها، سواء كانت هذه المادة طبيعية، او مشتقة من مواد طبيعية، او مصنعة من مركبات أخرى.. ويضاف الى ذلك بعض المواد التي تستخدم علاجا او عقاقير، إذا ما تم استخدامها في غير الاغراض الطبية، او دون اشراف الطبيب. 500 نوع ويضيف د. عزت: وتجمع التعريفات والتوصيفات كافة ان المواد المخدرة بكل اشكالها، وصورها، وانواعها، التي تقدر بما يزيد على 500 نوع تتصف جميعها بالقدرة على السيطرة على من يتعاطاها تدريجيا او بصورة سريعة - حسب نوع المخدر- وصولا الى مرحلة استعباده بعد اعتياده عليها، قبل ان تؤدي به الى الانهيار النفسي والبدني، والضعف العقلي الذي قد يصل في بعض الاحيان الى حد الجنون او الهوس، زيادة على الفشل التام في وظائف معظم اجهزة الجسم، حيث تؤثر سلبا في الحالة العقلية والمزاجية والادراك، كما تؤدي الى تأثيرات مباشرة على المخ،والجهاز العصبي. وهم أوسراب وحول اضرار المخدرات يقول د. عزت عبدالعظيم: المخدرات هي الوهم او السراب الذي يلهث وراءه المدمن، فلا يصل لشيء، بل يصاب بأضرار كثيرة، ليست فقط الاضرار الجسمانية والتأثيرات النفسية السيئة، ولكن اضرارها تطال أمورا أخرى، مثل الأضرار المادية والاجتماعية والدينية والأسرية، ويمكن تلخيصها فيما يلي: @ الاضرار النفسية: قد يعتقد الشخص ان هذه المخدرات تعالجه، او تخفف من معاناته النفسية، او تعطيه السعادة والنشوة واللذة والمتعة الزائدة عن حالة الاستقرار النفسي الذي يعيشه اذا كان لا يعاني أي مشكلة نفسية، ولكن بعد الدخول لهذا العالم الخداع يعاني الاكتئاب والقلق والاحباط والصراع النفسي والاعتماد على المخدرات التي اصبح أسيرا لها، تتحكم فيه، وتبتزه، ولا تعطيه الراحة النفسية التي كان يريدها. @ الأضرالجسدية: وهي كثيرة جدا حسب نوع المخدر، وطريقة تعاطيه، وشدة ادمان المخدر ومدد التعاطي والآثار الضارة الناتجة عن كل مخدر، ومنها التأثير المدمر والضار على المخ الذي يتفق فيه معظم المخدرات وما تحدثه في العقل من هذيان وذهول وجنون وهوس واكتئاب، وكذلك تأثيره القاتل في بعض الأحيان نتيجة جرعات عالية، أو نتيجة جرعة زائدة، قد تؤدي لحوادث السيارات او الحرائق، بخلاف أمراض عضوية كثيرة مثل تليف الكبد، وقرحة الأنف، أو المعدة، أو في الاصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي او الإيدز أو فشل الجهاز التنفسي، وكذلك ضمور الأعصاب، خصوصا عصب الابصار، وما يؤدي اليه من فقد الإبصار، وكذلك اضرار المخدرات بصورة مباشرة على الجنين عند السيدات المدمنات، او تعرض المولود للأعراض الانسحابية. @ الأضرال المادية: حيث ان المخدرات من الأمور المكلفة ماديا، وبالتالي قد تحول الأغنياء الى مفلسين معدمين لا يملكون قوت يومهم، كما يتكبد المدمنون وذووهم وكذلك الدولة ومؤسساتها اموالا طائلة في علاج المدمنين تأهليهم، اضافة الى عدم انتاجية هؤلاء المدمنين. @ الأضرار الاجتماعية: وتكون على المستوى الأسري وما تؤديه من المشكلات والخلافات الزوجية والعائلية والتفكك الأسري، وحالات الطلاق، وتشريد الأبناء، وتحول الشخص المدمن الى بؤرة فساد وأذى، وليس فردا نافعا لأهله ومجتمعه، وبالتالي ينعكس ذلك على المجتمع، وتتأخر الدول التي ينشغل أبناؤها بالمخدرات، ويكثر فيها معدل الجريمة والانحرافات السلوكية، لأن الإدمان يؤدي للسلوكيات السلبية الأخرى من سرقة وقتل وانحرافات للحصول على المخدرات، وانحطاط القيم، والاخلاق بين المدمنين. آثار عضوية وفيما يتعلق بالآثار العضوية للمخدرات يؤكد د. عز الدين عبدالله محمود - استشاري الأمراض الباطنية والغدد الصماء - ان الآثار العضوية المدمرة لتناول المخدرات تتنوع بتنوع المواد المخدرة، ويمكن رصد عدد من آثار المخدرات الجسمانية ومضاعفاتها التخريبية في داخل جسم الانسان، ويمكن تلخيص هذه الآثار في الآتي: @ تأثير هذه المواد المباشر في الجسم. @ تلوث هذه المواد وتأثيرها في الجسم حين تعاطيها. @ حوادث ناتجة عن تعاطيها. ولمعرفة تأثير المواد المخدرة المباشر على الجسم، يطرح د. عز الدين بعض الأمثلة لتوضيح تأثير هذه المواد الخطرة على كل اقسام الجسم: @ المورفين والهيرويين: يؤديان الى خمول، ورغبة في النوم، وغثيان، وفي الجرعات الكبيرة يسببان شلل الجهاز النفسي، وهبوط ضغط الدم، واحتقان الرئة، والغيبوبة المؤدية للموت. @ المنشطات: مثلا الامفيتامين amphetammie تزيد ضربات القلب، وترفع ضغط الدم مع زيادة في العرق، وتأثير حاد في المخ يؤدي إلى اختلال الوعي اما المدمنون فتصبح عندهم درجة عالية من الحساسية للمنشطات لدرجة ان القهوة مثلا تسبب لهم درجة من الهلوسة واختلال العقل. @ الكوكايين: أخطر ظاهرة لهذه المادة هو ما يحدث في بريطانيا الآن، فالشباب يستعملون مادة مستخلصة منه تسمى كراك crack لتنشطهم وهذه المادة تسبب هبوطا في الدورة الدموية، واختلالا في ضربات القلب، وجلطات القلب والمخ والصرع وتليف الرئة، فقد حدثت حالات مؤسفة لهؤلاء الشباب الضائعين الذين يرقصون حتى يسقطوا موتى. @ الحشيش: ثبت ان استعماله المزمن يؤدي الى التهابات الجهاز التنفسي، وانسداد قصبات الرئة المزمن، ويخفض هرمون الذكورة وتعداد الحيوانات المنوية. تلوث الحقن ولمعرفة تأثير تلوث هذه المواد، يضيف د. عز الدين عبدالله: أبلغ مثال على هذا هو تلوث الإبر التي تحقن بها هذه المواد، والتي يتبادلها المدمنون بدون تعقيم مما يسبب تسمم الدم وصمامات القلب، وايضا نقل فيروسات الكبد مثل hbv-hcv وقد لوحظ في السنوات الأخيرة ازدياد مرض الإيدز بدرجة عالية في مدينة غلاسكو مثلا، وفي معظم المدن الغربية الكبرى، وهو الذي يفتك بشباب في مطلع عمرهم، وقد أثبتت الأبحاث أن المصدر هو تلوث الإبر المستعملة، وأيضا حدثت حالات تلوث للحشيش بمادة الزئبق نتج عنها تسمم، أهمه فشل الكلى. أما الحوادث الناتجة عن تعاطيها، فهذه ناتجة عن عدم المقدرة على التركيز ووزن الأمور، وأهمها حوادث الحركة المروعة، وحوادث المنزل، وما ينتج عنها من الأذى الجسيم، ومن المؤسف أن هذا يشمل الاطفال الابرياء ايضا، وهناك ايضا التصرفات العجيبة التي تنتج عن الهلوسة التي تسببها بعض المواد كمادة ل-س-د l.s.d كالمثال المعروف في حالة من يعتقد أنه يستطيع الطيران، فيقذف بنفسه من سطح عمارة الى حتفه، وخلاصة القول إن الآثار المدمرة لصحة الانسان جراء تناول المخدرات وادمانها كبيرة وخطيرة، وتهدم الانسان من الداخل وتحطم حياته الاجتماعية من الخارج، وقانا الله وإياكم سوء المصير، والعاقل من اتعظ بغيره. المخ والجهاز العصبي ويتوقف د. خالد عابدين - استشاري جراحة المخ والأعصاب - عند تأثير المخدرات على المخ والجهاز العصبي فيقول: للأسف ان الغالبية العظمي من حالات ادمان المخدرات في مجتمعاتنا تحدث في اوساط الشباب، مما يهدد بتدمير الحاضر والمستقبل، ليس على نطاق الفرد فقط، بل والأسرة والمجتمع، وهو ما يهدد أيضا الأخلاق والمبادىء المميزة للمجتمع المسلم، إضافة الى تدمير الصحة العامة لأفراد المجتمع، حيث يؤدي إدمان المخدرات الى اضرار جسيمة على الجهاز العصبي والمخ للشخص المدمن، ويختلف ذلك باختلاف نوع المخدر. ويمكن رصد هذه الأضرار بالنسبة لبعض المخدرات كالتالي: تأثير ضار من خلال ما تحدثه من التبدل الذهني عند من يتعاطاها، وللاسف فان كثيرا من هذه المواد المخدرة، تتضاعف معدلات تأثيرها 10 مرات من خلال المستحضرات الحديثة، مما يضاعف من مخاطر تأثيرها الفيزيائي المباشر على جسم وأجهزة الشخص المدمن لها، مثل زيادة معدل ضربات القلب، وتدفق الدم الزائد للعينين، وجفاف الفم والحنجرة، ونقص في فعالية الذاكرة القريبة، وتبلد الإحساس بالوقت والمكان، وفقدان التركيز، بخلاف تأثيرها السلبي على طيف واسع من المهارات الشخصية للمتعاطي، وهذه المهارات تتأذى، وتتعطل لأوقات تتراوح بين أربع الى ست ساعات من بدء تعاطي الحشيش أو الماراجوانا، وتزيد المدة في أنواع اخرى من المخدرات. اما بالنسبة لتأثيرات المواد المخدرة على المدى الطويل على اعضاء الجسم فيقول د. سلمون: انها تمتد لتصيب معظم الاجهزة الحيوية، وفيما يتعلق بالجهاز البولي التناسلي عند الذكور ثبت ان المواد المخدرة عند تعاطيها لمدة من الزمن تتسبب في انخفاض مستوى هرمون الذكورة (التستوستيرون) وحيث ان هذا الهرمون هو المسؤول عن الصفات الجنسية الذكورية الثانوية مثل نمو الشعر وخشونة الصوت وتوزع العضلات الذكورية ،فإن تعاطي المواد المخدرة يسبب تراجع هذه الصفات، وبالتالي عدم القدرة على اداء الوظيفة الجنسية بالشكل الطبيعي، فتحدث العنة أو ضعف الانتصاب، ويكثر عند من يتعاطون المواد المخدرة في سن مبكرة من 12 الى 17 عاما تناقص حاد في عدد الحيوانات المنوية، وربما يصل الامر الى انعدام النطاف في السائل المنوي، فضلا عن حدوث تشوهات في النطاف المنتجة، وهو ما يؤدي الى تشوهات الأجنة في حالة الزواج، وحدوث الحمل. ضرر على الأطراف وعن تأثير إدمان المخدرات على الأوعية الدموية يؤكد د. محمد طلعت عاشور - استشاري الجراحة العامة- ان من المفاجآت غير السارة التي يتعرض لها الشباب ممن ادمنوا المخدرات عن طريق حقن انفسهم بالابر في الوريد في الذراع او أعلى الفخذ انه تواجههم فجأة برودة وتورم وزرقة الطرف العلوي او السفلى مع عدم القدرة على الحركة حيث تؤدي هذه الممارسة الى عدة انواع من اصابات الاوعية الدموية والأنسجة، حيث ثبت ان تكرار ادخال الحقن في الوريد يؤدي الى جلطة بجدار الوريد، وبالتالي انسداده، مما يؤثر على الدورة الدموية فيه، وتورم الذراع او الساق مع حدوث آلام، بجوار الوريد الرئيس للساق او الذراع حيث يوجد الشريان، وفي كثير من الاحيان تدخل الحقن في الشريان بدلا من الوريد، وهذا يؤدي الى مضاعفات خطيرة حيث يحدث تلف في الانسجة نتيجة انتشار المخدر مباشرة الى انسجة الطرف، مما يسبب في بعض الأحيان غرغرينا فورية. ويضيف د. عاشور قائلا: ان تكرار وخز الشريان يؤدي الى تلف جدار الشريان، وحدوث كيس دموي (أم الدم) وهذا يهدد بحدوث نزف مباشر وبشكل خطير على حياة المدمن، وكذلك فقدانه للطرف، وتجلط الشريان يؤدي الى قصور الدورة الدموية للطرف، وبالتالي حدوث غرغرينا اي تموت انسجة الطرف كالذراع او الساق وفقدانها، وفي هذه الحالة - وعندما يحضر المريض عادة الى قسم الاسعاف - تواجهه الحقيقة المرة بوجوب تدخل جراحي كبير لمحاولة اعادة الدورة الدموية وفي بعض الحالات ينتهي الأمر ببتر الطرف، وجميع هذه الاصابات تؤدي في نهايتها الى مضاعفات شديدة تنتج عنها اعاقة دائمة، وفقدان الذراع او الساق نتيجة حدوث غرغرينا، وهو ما يضاعف من مخاطر الآثار المدمرة للمخدرات من الناحيتين النفسية والاجتماعية. صعوبة التخدير ويتوقف د. موفق عبدالمولى - اختصاصي التخدير والعناية المركزة - عند بعض المخاطر التي تسببها المخدرات اثناء تخدير المريض المدمن، فيقول: يتناول المدمن عادة العقار المخدر من خلال اربع طرق مختلفة، وهي: الفم، والاستنشاق، والامتصاص عبر الاغشية المخاطية مثل الأنف، والطريقة الاكثر سرعة وخطورة هي الحقن الوريدية. ويعد الادمان عن طريق الحقن الوريدية من اخطر انواع التعاطي، لما له من آثار سلبية غير متوقعة من حيث الجرعة الزائدة، وما ينجم عنها من غياب للوعي يصل في بعض الاحيان الى التلف الدماغي غير القابل للعودة، والناجم عن نقص الأوكسجين اذا لم يتم الاسعاف المباشر لتلقي العلاج الطبي المناسب، حيث يترك المدمن في أغلب الاحيان مع اصحابه ليصحو من تلقاء نفسه او تتدهور حالته بشكل شديد، بحيث يتأخرون في اسعافه. ويضيف د. عبدالمولى: ان من المخاطر الاخرى للادمان عن طريق الحقن الوريدي العدوى بالتهاب الكبد الوبائي B ، والايدز والخراجات التي تتشكل مكان الحقن من التلوث، او تسرب العقار تحت الجلد، والالتهاب الجرثومي لصمامات القلب والاوردة المحيطة، وحقن المادة المخدرة داخل الشريان وما ينجم عنها من موت في الأصابع (الغانغرين). وتصعب مهمة طبيب التخدير في علاج مريض الإدمان عند دخوله المستشفى للعلاج من أي مرض او اجراء عملية جراحية، لانه لابد من ملاحظة الأعراض الناجمة عن ايقاف العقار من قبل المريض، وهي ما تسمى عادة (الأعراض الانسحابية)، التي تتمثل بالقلق والحركة المتواصلة والشعور بالتوتر الذي يتبعه التثاؤب المتكرر، والتعرق الغزير، وسيلان الأنف والعينين، واتساع الحدقتين، والرجفان، وجلد الأوزة، والإسهال، والتقلصات العضلية، وتزداد هذه الاعراض شدة في الاربع والعشرين ساعة الاولى، كما يحدث ألم عضلي حاد ومفاجئ يصاحبه قيء وفقدان في الشهية، وعدم القدرة على النوم، وزيادة في معدل التنفس، وقد يحدث ارتفاع في حرارة الجسم، وفي ضغط الدم الانقباضي. وعند تخدير هؤلاء المرضى يجب مراعاة احتمالات ان يكونوا يحملون فيروس التهاب الكبد، ومرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وقابلية لهبوط ضغط الدم، وذلك بسبب نقص كمية الوسائل الموجودة داخل الجهاز الوعائي، وقصور في نشاط الغدة الكظرية، ونقص كمية المورفينات داخل الجهاز العصبي المركزي، وتظهر الاعراض الانسحابية لدى 20% من مرضى الادمان في وقت ما حول العمل الجراحي، وهذه الأعراض تسبب ارتباكا في تشخيص المرض في هذه المدة، لذا يجب ان يؤخذ ذلك في الحسبان، وذلك بإعطاء كمية كافية من مواد التخدير للسيطرة على هذه الأعراض. تضعف القدرة الجنسية وحول ما يشاع من ان المخدرات تزيد القدرة الجنسية يقول د. مازن شقير - استشاري جراحة المسالك البولية والضعف الجنسي: لا صحة لمثل هذه الخرافات، بل على العكس، فان المخدرات ذات تأثير قاتل يدمر حياة الأفراد والأسر والمجتمعات، تسيطر على نفوس ضعيفة، ويضيف د. شقير: ان رصد الآثار المدمرة لهذا (الخطر) القاتل على صحة الجسم والنفس، والمجتمع يحتاج الى مجلدات كثيرة، وعلى سبيل المثال فإن آثار الادمان وعواقبه على الجهاز البولي والتناسلي عديدة، فالكلى تقوم بتخليص الجسم من دخول هذه السموم، لتطرحها عن طريق البول، وهذه المواد في معظمها مواد مسرطنة، وتعد من العوامل الرئيسة المسببة لسرطان الجهاز البولي، وبخاصة المثانة. كما انها من الاسباب الرئيسة للعقم عند الرجال والنساء، حيث انها تؤثر في الهرمونات الذكورية والانثوية، وتؤدي الى تغيرات في السائل المنوي من ناحية الكثافة والحيوية، مؤدية الى العقم، ولا يقتصر الأمر عند ذلك، بل انها تؤدي الى تشوهات في اشكال وبنية الحيوانات المنوية التي قد تؤدي دورا مهما في التشوهات الخلقية الولادية، وهذا ينفي تماما صحة الافكار الخاطئة والشائعة التي يستغلها مروجو تلك السموم من أنها تزيد في الطاقة والقدرة الجنسية، والحقيقة هي عكس ذلك تماما، فإن المخدرات هي من اهم الاسباب النفسية والعضوية في حدوث الضعف الجنسي عند الرجال، بسبب الإيذاء المباشر للاوعية الدموية والاعصاب المسؤولة عن عملية الانتصاب، كما ان المخدرات - بمختلف انواعها - تؤدي الى حدوث اضطرابات جنسية بسبب التأثير السمي على شخصية الفرد، وعلى شعوره بالرغبة واللذة، وعن عدم الإحساس بالزمان والمكان، ونحن نسأل كيف ترجى الفائدة من شيء حرمه الله - تعالى - ونهانا عنه، لكي يبقى الانسان مكرما وفاعلا اساسيا في بناء هذه الأرض؟! الجهاز التنفسي وفيما يتعلق بإدمان المخدرات واخطاره على صحة الجهاز التنفسي يقول د. احمد قعقع - اختصاصي امراض الأنف والأذن والحنجرة - لا يسلم عضو من أعضاء جسم الإنسان المدمن للمخدرات من آثارها المدمرة، وتختلف درجة الضرر بين عضو وآخر، او جهاز وآخر من اجهزة الجسم، باختلاف نوع المخدر، ومدة التعاطي، وطريقة التعاطي، ولأن طرائق التعاطي التقليدية لمعظم المواد المخدرة تتم عن طريق الفم والأنف، كونهما وسيلتي إدخال المادة المخدرة للجسم بالاستنشاق او البلع، فيجدر التوقف عند الأضرار التي تلحق بهذا الممر الهوائي.. لرصد الآثار المدمرة لإدمان المخدرات على كل من الأنف والبلعوم والحنجرة. ومن أبرز الأعراض شيوعا عند الشخص المدمن: الاحتقان والاحمرار المستمر على مستوى الاغشية المخاطية، وهو ما يؤدي الى الرعاف وتكرار الانتانات بمنطقة الحفرة الأنفية، ومع استمرار استنشاق المواد المخدرة قد يحدث ثقب بالحاجز الأنفي، واخطر ما يترتب على ذلك: خلل في الوظيفة التنفسية للأنف، وتكرار الرعاف الشديد من حين لآخر، وضمور الأغشية المخاطية للأنف بسبب حدوث تليف في الشريانات الأنفية. ويضيف د. قعقع: وكثيرا ما يصاب المدمن بنقص تدريجي في حاسة الشم يصل الى انعدامها، بسبب التأثير السمي للمخدر على الخلايا العصبية الشمية، كذلك فإن الشخص المدمن يعاني من احتقانا في البلعوم بسبب التعرض للتخريش المستمر أثناء استنشاق المواد المخدرة السامة، ويصل الأمر في كثير من الأحيان الى حدوث تقرحات التهابية بالبلعوم وضعف في مناعته ومقاومته، حيث يمتلئ بالانتانات، والفطريات المرضية، ناهيك عن عسرة البلع المرافقة لهذه الأعراض. وفيما يتعلق بالحنجرة، فإن ادمان المخدرات يحدث خللا في الوظيفة التنفسية لها بسبب الاحتقان المستمر لغلافها أثناء البلع، وحدوث وذمة للسان المزمار، بخلاف التهاب الحنجرة المزمن وبحة الصوت، وآلام الحلق، واحتقان الحبال الصوتية، وهذه الأعراض تهيئ الظروف للاصابة بسرطانات الحنجرة والبلعوم. خطر على الحامل والجنين من جانبه يحذر د. محمد الحلبي - استشاري أمراض النساء والولادة والعقم وأطفال الأنابيب - من أخطار المخدرات على صحة الحوامل، فيقول: يشكل الإدمان - بشكل عام - خطورة شديدة على صحة الأم الحامل والجنين، والإدمان على المخدرات - بشكل خاص - يؤثر على صحة الأم الحامل، اضافة الى تأثيره على صحة جنينها، وتعريضه للخطر، ونقص النمو داخل الرحم، كما قد يؤثر في صحته ومستقبله بعد الولادة، إذ ان الادمان على الكوكايين والمخدرات التصنيعية يؤدي الى مشكلات توليدية عديدة، اضافة الى تأثيره على الجهاز العصبي للأم والجنين معا، مما قد يؤدي لحدوث صداع، وارتفاع شديد في ضغط الدم، واختلاجات مما يجعلها حالة تشابه ارتفاع ضغط الدم الخاص بالحمل، وما يتلوه من انفصال في المشيمة، واحتمال وفاة الحمل، كما ان المخدرات تؤدي ايضا - وبشكل عام - الى نقص قدرة الأم، وعدم اهتمامها بالأكل والتغذية، وإصابتها بنقص التغذية، وبالتالي اصابة جنينها بنقص التغذية، ونقص نموه داخل الرحم، وهو تأثير يكون أشد في حالة الادمان على مشتقات الامفيتامين الذي يؤدي الى انعدام الشهية لدى الأم، ويحدث ايضا في الادمان على المورفين الذي يؤدي الى حدوث قيء شديد مستمر، مما يمنع الحامل من تناول الغذاء الكافي، وايقاف المخدرات الآتية عن طريق دم الام عن الوليد بعد الولادة يؤدي لحالة تشابه حالة الحرمان عند الوليد. ويضيف د. الحلبي: ان التدخين الذي يعد من وسائل تعاطي المخدرات يزيد من الاحتمالات السلبية المؤثرة في صحة مواليد الامهات المدخنات، وغالبا ما يلدن اطفالا قليلي الوزن، اضافة الى زيادة نسبة وفيات الولدان لديهن، ويعود السبب الى تأثيرات وجود غاز أول أكسيد الكربون CO الذي يؤدي الى نقص وظيفة الهيموغلوبين عند الحامل وجنينها، وعدم قدرته على نقل الاكسجين الضروري للنمو عند الجنين، اضافة الى حدوث تقبض في اوعية المشيمة بتأثير النيكوتين، كما ان نقص شهية الأم المدخنة او المدمنة يؤدي الى نقص في تناول الطعام الكافي لنمو طفلها، وبالتالي يصاب الجنين بنقص النمو بشكل اكثر مما لو كانت أمه تتناول المخدرات وحدها، اضافة الى ذلك لوحظ ان اطفال الحوامل المدخنات يحدث لديهم تأخر في القراءة والقدرة على الاستيعاب في المراحل الأولى من الدراسة. ضرر على المواليد وفيما يتعلق بصحة مواليد الأم المدمنة يؤكد د. ساري دعاس - استشاري الاطفال وحديثي الولادة - أنه لم يعد خافيا على احد ما لعقاقير الادمان من آثار مدمرة على صحة الجنين، فهو يتأذى - ايضا - أيما أذى، بإدمان امه ويضعف نموه، ويكون عند الولادة ناحلا ناقص الوزن ضعيف النمو، وتنتابه أعراض المدمن عند سحب الدواء مما يتطلب له عناية خاصة، وعلاجا يدخله قسم العناية المركزة. وغير خفي - ايضا - مجموعة الامراض التي تصيب المدمن جراء تعاطيه حقن المخدر بطريقة سيئة من إيدز، والتهاب الكبد وغيرهما الكثير، وأبشع ما في الأمر هو نشر هذا الإدمان، ونقله، وتوسيع دائرة هذا الشذوذ ليضطرب المجتمع كله، ويتردى حاله، لهذه السبب تسعى الحكومات لمكافحة المخدرات ومروجيها، والضرب بيد من حديد على ناشريها، وواجب على الجميع التعاون في هذا المجال، ومساعدة من هو معروف بإدمانه على العلاج للتخلص من هذا الداء العضال، وان التمسك بتعاليم ديننا الحنيف، والابتعاد عن الخبائث، وكل ما هو ضار بالجسم لأفضل عاصم لنا ولمن حولنا من شرور هذه العقاقير الفتاكة بإذن الله تعالى. أخطار تمتد الى الجنين ويؤكد د. صفاء العيسى - استشاري الاطفال وحديثي الولادة - ، وجود مخاطر كبيرة تهدد صحة الأم المدمنة للمخدرات وجنينها.. فيقول: تعد ظاهرة ادمان المخدرات من اهم المشكلات في المجتمع الغربي، لما تسببه من مشكلات اجتماعية لا حصر لها، ومن المؤسف ان مجتمعاتنا العربية والاسلامية بدأ يتفشى فيها هذا الداء الخطير، واخطر ما في المخدرات الانواع التخليقية حيث يصبح الانسان مدمنا عليها في وقت قصير، ويعتمد جسمه، وحالته الفسيولوجية على المخدرات للعيش، والاخطر من ذلك ان الجسم يحتاج الى كميات متزايدة منها كل يوم، لذا نرى الانسان المدمن يضحي بكل شيء للحصول على المزيد من المخدرات للاستمرار في العيش وعلى سبيل المثال فان الهيرويين يمر من الأم المدمنة للجنين عن طريق المشيمة مما يحدث حالات الإجهاض المبكر، وان ولد الطفل لأم تعاني الادمان، فان هذا الطفل ستكون لديه اعراض خطيرة بعد الولادة مثل الرعشة والتشنجات وزيادة نبضات القلب، وزيادة الاصفرار والتعرق الشديد، وانخفاض ضغط الدم وهو أوضح دليل على ان مشكلة المخدرات لا تقتصر آثارها على متعاطيها فقط، وانما تؤثر - ايضا - على المحيط الذي يعيش فيه متعاطي المخدرات، ويجعل الشخص الذي فيه معرضا لأمراض نفسية شديدة، ناهيك عن احتمال أخذ أمراض اخرى مثل التهاب الكبد والإيدز، عن طريق الحقن التي تستعمل، وتتبادل بين المتعاطين ومن الأم لجنينها. د. طلعت عاشور د. صفاء العيسى