يقول الحمد (1997م): الموت هو الفناء من هذه الدنيا، وهو ضد الخلود والدوام, ورغم أن الإنسان يعلم علم اليقين أنه ميت ولو بعد حين إلا أنه يحاول دائماً الهرب من هذا المصير باقناع نفسه بوهم أنه قد يختلف عن بقية البشر، او بمحاولة إطالة عمره دون أن يقضي على الموت ذاته, فرغم أن الموت حق معلوم إلا أنه مكروه من كل أحد. وورد في الموسوعة الأمريكية (1985م) عن الموت بأنه هو نهاية كل كائن حي، ولكن الجنس البشري هو الكائن الحي الوحيد الذي يمكن أن يتصور موته, ويخاف أغلب الناس من الموت، ويحاولون حتى عدم التفكير به, ويعتبر خوف الإنسان من الموت أحد القوى الرئيسية في تطور الحضارة البشرية, وقد بحث الإنسان عبر تاريخه عن معرفة وسيلة طبية ناجعة يستطيع بواسطتها تأخير موته, إضافة لذلك فقد حاول الفلاسفة ورجال الدين معرفة معنى الموت. ويقول الخولي (1976م): الموت هو المصير الطبيعي المحتوم الذي ينتهي إليه كل حي، من الخلية إلى الفرد، برغم عوامل حفظ البقاء، فحياة الخلايا قصيرة، وحياة الأفراد أطول، أما بقاء النوع فطويل، ولكن كم من أنواع ماتت وانقرضت أو تطورت إلى أنواع مغايرة, أما موت الكائن أو الفرد، كموت إنسان مثلا فنميز فيه نوعين أو درجتين من الموت: الموت الكلي أو العام، وهو موت الفرد ككائن حي موحد، ومن أهم مظاهره توقف الأجهزة الرئيسية، وهي الجهاز العصبي المركزي، والجهاز الدوري (القلب والدورة الدموية)، والموت الجزيئي، وهو موت الأنسجة والخلايا وسائر أجهزة الجسم الأخرى، وهو ما يحدث بعد الموت العام بفترة, فبعد موت الفرد تستمر الحياة في الأنسجة فترة قصيرة تعمل فيها وظائف عديدة كالهضم، ونمو الشعر، وغير ذلك, ثم تموت الخلايا نتيجة انقطاع الدورة الدموية وعدم تبادل المواد بين خارج الخلايا وداخلها، وبفعل بعض عوامل الموت والتحليل الكامنة في الخلايا ذاتها، ثم بفعل جراثيم التعفن. وقد ميز العلماء ثلاثة انواع من الموت تحدث لجميع الكائنات الحية اثناء حياتها ما عدا في تلك الكائنات التي تتكون من خلية واحدة, وهذه الانماط الثلاثة من الموت هي: موت حياتي، وموت موضعي، وموت جسدي, فالموت الحياتي هو موت مستمر للخلايا وإحلالها بخلايا حية طول حياة الكائن ما عدا خلايا الأعصاب، اما الموت الموضعي فهو موت الأنسجة، أو حتى موت عضو من الأعضاء، فمثلا تمنع جلطة الدم دوران الدم إلى جزء من القلب، فالجزء المتأثر يموت، ولكن الكائن يستمر في الحياة إلا إذا كان التلف كبيراً, ويعتبر الموت الجسدي نهاية لجميع العمليات الحيوية في الكائن الحي, ويمكن اعتبار شخص توقف قلبه ورئتيه عن العمل ميتاً طبياً، ولكن موته الجسدي لم يحدث حتى هذا الوقت، فخلايا الجسم الفردية تستمر حية لعدة دقائق، ويمكن للشخص أن يسترد حياته بقدرة الخالق إذا بدأ قلبه ورئتاه بالعمل مرة أخرى، وزودت الخلايا بالأوكسجين الذي تحتاجه, وتعتبر خلايا المخ حساسة جداً لفقد الأوكسجين، ولذا وبعد ثلاث دقائق من فقدانه، تبدأ خلايا المخ بالموت، ويموت الشخص مباشرة بدون أي احتمال لرجوعه إلى الحياة، وهكذا وبالتدريج فإن خلايا الجسم الأخرى تموت أيضاً، وآخر ما يموت من خلايا الجسم هي خلايا العظام والشعر والجلد، والتي بإمكانها أن تستمر حية لعدة ساعات. وتحدث عدة تغيرات في الجسم بعد حدوث الموت، فدرجة حرارة الجسد تنخفض إلى درجة حرارة المحيط، ويحدث للعضلات تصلب يسمى بالتخشب الموتي، ويقف الدم عن الدوران في الجسم ويصبح لونه ارجوانيا محمراً في المناطق السفلى للجسم, وأخيراً تنمو البكتريا والكائنات الدقيقة الأخرى على الجثة محدثة لها التعفن. * كلية الملك خالد العسكرية بالرياض. للمزيد من القراءة: 1 الحمد، تركي، 1997م الموت والخلود جريدة الشرق الأوسط العدد: 6858. 2 الخولي، وليم، 1976م الموسوعة المختصرة في علم النفس والطب العقلي، دار المعارف بمصر. 3 The World Book Encyclo Pedia, 1985 World Book inc. Chicago. U.S.A.