الأول من شهر شباط هو يوم المرأة العربية، هو يوم أمّ الأجيال العربية من المحيط إلى الخليج، ولكن أية امرأة تلك التي يحتفى بها كل عام وفي مثل هذا التاريخ الذي يتصادف توقيته في شهر شباط دون غيره من الأشهر,, ولست أدري ان كان لهذا الاختيار معنى استثنائياً أم معنى مقصوداً، وفي كلتا الحالتين يظل شهر شباط الأقل أياماً والأكثر برداً,, ولكنه الأفضل عند معشر الموظفين الذين تنهال رواتبهم فيه مبكراً وزائداً,! أية امرأة هذه التي تنام في أحضانها كل محطات الزمن,, وتضيق عليها كل عربات القطار,. هل هي المرأة التي أفنت ذاتها في غيرها دون أن تدري؟ وربما دون أن يدري بها أحد؟ أم هي التي أفنت غيرها في ذاتها دون أن تقف أمام المرآة مرة واحدة لتقرأ في صفحتها ملخصاً ولو عابراً لما جنته يداها؟ أم هي التي وحدها تتقن الدثار,, وتدس الدفء في حنايا الجليد,,؟ أم هي التي استرجلت حين استشهد الرجال,, وحفظت وروت وبارت الرجال,,؟ أم هل هي امرأتنا التي أسهمت في صنع حاضرنا الثقافي,, والتربوي,, والاقتصادي,, والاجتماعي,, والسياسي,, وما لا حصر له من المجالات التي برعت فيها وقدمت ما يليق بجنسها في خدمة المجتمع والأمة والعالم من حولها؟ فإذا كانت المرأة التي نحتفي بها كل شباط بهذه المواصفات والمقاييس المثالية فإنني أتلهف إلى رؤيا هذا الاحتفاء لائقاً وكافياً على مدى العام. فالمرأة التي تسهم في تعليم وتربية النشء، والمرأة التي ترعى الخير في كل وقفاته وسكناته حيث كانت، والتي تدفع بالأجيال إلى ساحة الحياة الكريمة, والتي لا تخفى نجاحاتها في ادارة مشروعات خاصة تساهم في نمو اقتصاد بلادها وتصل وتتواصل مع الأسواق العالمية: وان كانت لديها القدرة على التحمل والصبر فسيولوجياً ونفسياً أكثر من غيرها,, إلا أنه ما تقوم به من دور في حاضرنا ضرب من الحلم الممتع الذي تصحو وأنت تردد أن يديم الله هذا الحلم الجميل اللذيذ في واقعنا التنموي الزاهي,. حقاً ان المرأة حفرت فيه نجاحاتها الباهرة المتميزة في عالم مليء بالمتاعب وعشرات الصعوبات وكل التحديات,, وشقت طريقها في مسيرة التنمية بكل فخر,, وهي امرأة تستحق وبلا شك التقدير والاحترام,, والاحتفاء وقبل هذا وذاك هي المرأة الأم الحنونة العظيمة صاحبة الحب غير المشروط. مع كل ما فات وما غاب عن الذكر، فإن هناك من ينظر إلى المرأة على أنها جسر معلق ثابت تمر عليها الخطى ليس غير,, وهناك من يراها خارج السرب دائماً ويتلذذ في رؤيتها هناك,, وهناك من لا يريد أن يراها أصلاً,, علماً بأن له عينين ولساناً وشفتين,, وتاليتها؟!