مسألة التمييز الجنسي بين الصحافيات والصحافيين في المؤسسات الإعلامية الغربية شغلت بال المهتمين، والمفاضلة في الغالب تعمل لمصلحة الذكور، ومن الأمثلة المعروفة للتمييز ضد المرأة في أمريكا وأوروبا، سيطرة الصحافيين على مواضيع السياسة والاقتصاد، وترك المواد الهامشية والخفيفة للنساء، إضافة إلى أن معظم القيادية الصحافية في المستويات العليا والمتوسطة محتكرة رجاليا، وكذلك القيم والاعتبارات المسيرة للعمل الصحافي لها طابع رجولي في أصلها، وتعاملها مع المرأة يضعها في خانة «الآخر» المختلف أو الأقل درجة، وهذا الموقف ربما أكد عليه التركيز على الأسماء الرجالية كمصادر للأخبار، وعدم الاستعانة بالشخصية أو المصدر النسائي إلا في أضيق الحدود، وللدقة في الشؤون التي تخصها ولا تكتمل إلا برأيها، وهناك اعتقاد بأن المحطات الفضائية التي تملك فيها المرأة قرارا تحريرا نافذا، تهتم أكثر من غيرها بالأخبار الخفيفة والمنوعات ومواد الفضائح والنميمة الاجتماعية أو وما يدخل في حكمها، والحضور التلفزيوني للصحافيات،إجمالا، لا يتجاوز الأبواب الخاصة بالأسرة والتعليم، ومن الأمثلة المحلية، قناة «أجيال» السعودية الجديدة، وتسليم دفة القيادة فيها لإعلامية، في سابقة سعودية مسبوقة خارجيا. العجيب أن الأفكار الأخيرة تعتبر موضوعية ومحايدة ومقبولة جدا، والتبريرات جاهزة ومن بينها أن صحافة الحدث تحتاج إلى قرارات سريعة لا تستطيع المرأة العاملة في الإعلام الانسجام معها، في بعض الأحيان، وأن المرأة متشجنة وقد تصاب بما يشبه حالة «تراتس سندروم» عند الضغط عليها أو مطالبتها بأعمال صحافية فيها مجازفة أو خطورة، وأنها كذلك مترددة وأسئلتها كثيرة، بينما الإعلامي «الرجل» كما يقولون يملك حس المبادرة ولا يسأل ويؤمن بنظرية «أنت تامر وحنا نطامر» في تعامله مع التكليفات والمهام الصحافية، وقرأت أن الصحافية، باعتراف قيادات صحافية نسائية، ثقيلة في تحركاتها وردود أفعالها تجاه الأخبار العاجلة وغير المتوقعة، والصحافية قد تختار بإرادتها دور ال «ماريونيت» أو «الدمية» المستسلمة تماما لما يطلب منها إعلاميا وبدون مناقشة، مثلما هو حاصل في موضوع احتكارها لتقديم البرامج التلفزيونية بأنواعها، وهي تستخدم في هذه المواد ك«فاتح للشهية» أو «مغناطيس» لجذب المشاهد، والمرأة هنا تنفذ المطلوب منها ولا تخرج بالتالي عن دور التابع أو الصحافي الأقل درجة، المدار بمعرفة «الرجل» المتبوع، كما يراه دون زيمرمان وكانديس وست(1987) وأدوار التابع والمتبوع، من وجهة نظر «دون» و «كانديس»، داخلة في تركيبة المجتمع وتسيرها تراكمات ذهنية أخذت بمرور الزمن «هالة من القداسة»، أو قد «تسترجل» وتتقمص حركات وسكنات الصحافيين وتكون «واحدا من الشباب» حتى تحفظ لها مكانا في خارطة الأخبار الجادة وصاحبة «البرستيج» والمكانة المؤثرة. في كل الأحوال، دخول المرأة إلى عالم الأخبار المهمة أو المناصب القيادية، لا يأتي إلا من باب الرجل أو تحت عينه وبمتابعته، وفي السابق عودة إلى «الموال القديم» وسياسة «التمييز» ب«التحفيز» أو مواجهة التمييز بأسلحة «الفحولة» وشخصية «المرأة الفحل» ولا أدري كيف يمكن للمرأة من أي جنسية، أن تجتمع ب «الفحولة العربية» في غرفة واحدة وبدون محرم..!. ثم إن سلوك الصحافية غير المشجع في عملها أو في حياتها عموما، قد يشكل أكبر مشكلاتها وأبرز عامل في تدهورها الوظيفي ورجوعها إلى الصفوف الخلفية، والمرأة الإعلامية، مثلما يقول المعهد الأمريكي للصحافة (2002) تدافع عن النساء إذا كن مساويات لها في الدرجة أو الظروف الوظيفية، ولكنها وبمجرد الوصول إلى موقع القيادي تعمل ضد بنات جنسها، ويجوز أن نفسر التصرف من زاوية الحياد والعدالة أو من زاوية الرغبة في الإبقاء على الكرسي الصحافي العزيز، والاستمتاع بامتيازاته لأطول فترة ممكنة، خصوصا أن القيادات في الإعلام العربي والغربي رجالية في معظمها. النظرة المنتقصة من المرأة أو المهمشة لوظيفتها، ليست محصورة في تصورات وانطباعات المسؤولين عن إدارة المؤسسات الإعلامية، ويشترك معهم في هذا الرأي أهل الأكاديميا الغربية من الرجال، وهم يرون بأن الصحافة مهنة لا مكان فيها إلا «لأصحاب الشوارب» وأن أي اعتراض فيه إنكار للحقيقة ومكابرة لا معنى لها، وطبعا الاختلافات الثقافية والصورة الذهنية عن المرأة في أي مجتمع، قد تقف إلى جانبها أو تسوغ التحامل عليها باسم الفضيلة وحماية المرأة من نفسها ومن المتربصين بها، وأنها لا يمكن أن تتحرك إلا ب«الريموت كنترول» وإلا فقدت السيطرة ووقعت في المحذور. وكتبت مارغريتا ميلن في: ثقافة الصحافي المجندرة(2008) أن المؤسسات الإعلامية في الدول الغربية تشخصن قضية المرأة، وتحاكمها باعتبارها «أنثى» دون أن تضع في حساباتها ما تملكه من مهارات وإمكانات مهنية، وإنها لا تقارن إلا نادرا بين خبراتها وخبرات الرجال، وعمليا، يوجد تجاهل واضح وغير مفهوم للظلم والإحباط الذي تتعرض له المرأة العاملة في الإعلام الغربي، وإذا كان هذا يحصل في مجتمعات ترفع شعار حقوق المرأة في كل مناسبة، فما هو الحال في بعض الأوساط العربية التي ترى بأن «المرأة» مجرد «مفرخة» أو «ماكينة مولينكس» متعددة الوظائف..!. binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة