(أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته) مقولة تتداولها النساء باعتبارها وصفة سحرية لكسب الرجال، وأن الأطباق الشهية بروائحها الزكية بوابة العبور إلى قلوب الأزواج، وأي امرأة ماهرة في الطبخ تعرف الأثر السحري؛ حيث إن الرجال أو الأزواج يضعفون أمام المائدة حتى أصبحت كتب الطبخ في مكتباتنا تزاحم كتب المعرفة، وكأن ملء البطون مهم قبل العقول!! تستطيع الزوجة الوصول إلى قلب زوجها عندما تكون ماهرة في الطبخ، لكن السؤال: هل بنات اليوم كبنات الأمس يدخلن المطابخ لطهي الطعام، خاصة أن كل البيوت تحتضن خادمة وهي المسؤولة الأولى عن تدبير شؤون المنازل كالطبخ وغيره؟ إنه زمن الرفاهية، وزوجات المستقبل لم تطأ أقدامهن المطابخ ولا يجدن إعداد أي وجبة قد يحلم بها أو ينتظرها زوج المستقبل. والمتأمل من حولنا يجد أن الأكثر انتشاراً في المملكة هي المطاعم. في كل يوم افتتاح مطعم جديد، وهناك العشرات بجوار بعضها البعض، حراك اقتصادي في مطاعمنا لا مثيل له، في دلالة واضحة على أن معظم زوجات اليوم لا يطبخن. (الجزيرة) من خلال هذا التحقيق تكشف «أن المطبخ هو البوابة إلى السعادة أو المشاكل الزوجية».. زوجات حائرات وأخريات عاجزات لكسب قلوب الأزواج في ظل إصرار الرجال على أن يتذوقوا طبخ زوجاتهم، خاصة أن المطاعم تربك ميزانية الأسرة. أجهل أبسط الطبخات في البداية تحدثت سعاد أحمد وهي في حيرة كلما اقترب موعد زواجها، وتزداد حيرة وهي طيلة عمرها لم تدخل المطبخ؛ فكانت تعيش في بيت أهلها مدللة، والخادمة هي من تتولى الطبخ.. زواجها بعد شهر، وهي تجهل أبسط الطبخات، وجميع صديقاتها المتزوجات أخبروها بأن الزوج يحب أن يأكل من يد زوجته، وهذا يسهم في توطيد علاقة الحب بين الزوجين، وأن الزوجة التي لا تجيد الطبخ تخسر زوجها وتتسبب في زعزعة ميزانية الأسرة في ظل شراء الوجبات اليومية من المطاعم. وأرجعت سعاد عدم تعلمها الطبخ إلى تعودها الحصول على الأكل جاهزاً في البيت عن طريق الخادمة، خاصة أن أمها بسبب وظيفتها معلمة نادراً ما تدخل المطبخ؛ فهي لم تحفزها على تعلم الطبخ. فشلتُ في أول اختبار ومن جانبها وصفت حنان ناصر أن بداية حياتها الزوجية كانت الرومانسية هي عنوانها وسط أجواء من الألفة يتوجها عيش لحظات جميلة مع زوجها في المنتزهات والمطاعم الشهيرة، وكأي لحظة جميلة تمر سريعاً، وانتهت إجازة زوجها، وعاد للعمل لتفاجأ بأن زوجها لا يرغب في أن يأكل في المطاعم مرة أخرى؛ فهو يشتهي تذوق الطعام من يدها؛ فظنت أن كتب الطبخ التي اشترتها ستشفع لها، فكانت محاولتها الأولى مع الكبسة تجربة لإسعاد زوجها بأنها تجيد الطبخ كما أخبرته مسبقاً، وعندما شرع الزوج في الأكل قال لها بغضب (لا تجيدين الطبخ، إنها غير مستوية، ولا يمكن أكلها). وأضافت حنان أن كل الكلمات الرومانسية في ذلك اليوم تحولت إلى توبيخ، وهو يلومها في كل لحظة بأنها غير ماهرة في الطبخ، ومنذ ذلك اليوم أصبح المطبخ هو بوابة المشاكل في حياتها اليومية. زوجتي لا تعرف إعداد الشاي وأضاف عبد العزيز خالد أنه صُدم بجهل زوجته بكيفية تجهيز الشاي وأنها طيلة عمرها لم تدخل المطبخ في بيت أهلها، ويرجع ذلك إلى عدم حرص بعض الأمهات على تعليم بناتهن بواجباتهن تجاه أزواجهن، ومن ضمنها الطبخ؛ ليدفع الضريبة الأزواج بالعيش مع زوجات لا يجدن أي طبخة، حتى أبسطها. لا يحب إلا طبخ أمه وأكدت نوال سلطان إجادتها جميع الطبخات إلا أن زوجها يرغب في تناول الغداء في بيت أُمّه؛ لوجود بيتها في مبنى أسرته نفسه؛ ما تضطر هي وأولادها إلى تناول الغداء بمفردهم بدون رب الأسرة. وعند مناقشة زوجها يردد أنه لا يحب إلا طبخ أمه، فتعجبت من هذا التصرف الذي أسهم في شرخ بحياتهم الزوجية. بيوتنا ليست فنادق اتفقت ناهد وسمية وحياة وعبير على أن الحياة الزوجية بعد سنوات تتحول إلى روتين ممل في ظل حرص الأزواج على الأكل والنوم فقط في بيوتهم، ولا يشاركون أسرهم أية لحظات جميلة كما في الأشهر الأولى من الزواج؛ فلا همّ للرجال سوى ملء البطون والخروج مع أصدقائهم في الاستراحات ثم العودة إلى بيوتهم ليناموا؛ فتحولت بيوتنا إلى مطاعم وفنادق للأزواج. خداع الأزواج ومن جانبها كشفت سامية فهد حال العديد من صديقاتها في خداع أزواجهن؛ حيث إنه بشكل يومي خلال وجود أزواجهن في العمل تصلهن أطباق جاهزة من بيوت أسرهن تعدها أمهاتهن والأزواج المغلوب على أمورهم منذ سنوات يعتقدون أن زوجاتهم ماهرات في الطبخ. واعتبرت سامية أن هذا من الخداع في الحياة الزوجية، ولا يقبله الشرع، وعند مناقشتها صديقاتها في هذا الأمر يتفقن على رد واحد «أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته». كعكة العريس وأشارت أمل سعيد إلى أنها تحرص على مشاهدة برامج الطبخ في القنوات الفضائية، خاصة في شهر رمضان؛ لتتعلم فنون الطبخ والأطباق العالمية. وتصف أمل موقفاً طريفاً حدث لها بداية حياتها الزوجية عندما شاهدت طريقة إعداد الكعكة؛ فحاولت تقليد ما شاهدته، وأثناء إخراجها الكعكة من الفرن احترقت يدها فقضت أيامها الأولى عروساً بيد محروقة بسبب كعكة العريس. الإسلام لا يلزمها ومن جانبه أكد الأخصائي النفسي والأسري الدكتور عبدالرحيم الميرابي ل(الجزيرة) قائلاً: «أقصر الطرق إلى قلب الرجل معدته» هذه المقولة باتت تمثل وجهتي نظر متباينتين لجيلين مختلفين، كل منهما يدعي أنه أحد أسباب نجاح العلاقات الأسرية.. بالنسبة لي أختلف مع مَنْ يؤمن بأن «أقصر الطرق إلى قلب الرجل معدته».. فهي مقولة اجتماعية تبنتها أجيال سابقة ردحاً من الزمن، في ظل إلزام الزوجة بالطبخ لزوجها، في حين لم نجد نصاً دينياً في التشريع الإسلامي يُلزم الزوجة بالقيام بهذا العمل، بل هو عمل مشترك بين الزوج والزوجة؛ فحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم ببعض أعمال المنزل، ولم يفرضها على الزوجة، إنما جاءت بها التقاليد التي ظهرت في المجتمع العربي المسلم حين أخذ يفسر بعض النصوص الدينية المتعلقة بالمرأة كشهادتها في الأمور القضائية أو حقها في التركة على أنها انتقاص لذات المرأة ولمكانتها في المجتمع. وأضاف: نحن نعلم أن المرأة تخضع أكثر من الرجل لتطبيق العادات الاجتماعية الصارمة من قيم ومُثل وتقاليد متباينة على مر العصور؛ فنجدها عند بعض المجتمعات القديمة قبل الإسلام كالمجتمع الصيني مجرد خادمة عند الزوج يستطيع بيعها وقتما يشاء، بينما عند بعض المجتمعات الإفريقية نجد أنه من العيب الاجتماعي أن تقوم المرأة بأعمال المنزل كالطبخ وغيره. ويرى الدكتور الميرابي أن مقولة «أقصر الطرق إلى قلب الرجل معدته» ليس المقصود بها معدة الرجل، بل المقصود بها وضع المرأة ومكانتها عند الرجل العربي.. ولهذا قد نسمع في الوقت الحاضر بعد أن حصلت المرأة على قسط وافر من العلم والمعرفة من تقول: أنا أفتح مع زوجي بيتاً لا مطعماً لمعدته.. وفي المقابل قد نجد رجلاً يعزف عن الزواج من فتاة ما لمجرد علمه بأنها لا تستطيع إعداد الطعام أو حتى الشاي، وبعضهم قد يشترط على المرأة التي يرغب في الزواج بها أن تجيد الكبسة أو المطازيز أو الميفى أو المغش.. وهكذا.. فهل هم يتزوجون النساء من أجل إعداد الأطعمة أم من أجل تكوين أسرة؟!.. فحينما نسمع أن الأسر لم تعد تؤهل بناتها للحياة الزوجية بسبب وجود الخادمة؛ فإنني أتساءل: ما علاقة الخادمة بتأهيل الزوجة لبيت الزوجية؟ هل هو من أجل عدم تدريبها على القيام بعمل الخادمة، أم أن الأهم هو تدريبها كيف تؤسس أسرة تشارك بها المجتمع في بنائه وتطوره؟ وأوضح أن الذي يتزوج من أجل تكوين أسرة لا يهمه أن تكون زوجته تدربت على المطبخ والمغسلة والمسح والكنس بقدر ما يهمه أن تكون زوجته قد تدربت على مهارات التوافق في الحياة الزوجية السعيدة الكريمة المتبادلة بين الطرفين، لا مهارات معدة الرجل وبهاراتها. ويتساءل الدكتور الميرابي قائلاً: هل عدم دخول الزوجة إلى المطبخ يؤثر في الحياة الزوجية؟.. نعم يؤثر عند الزوج الذي تزوج من أجل أن يأكل، ولا يؤثر عند الزوج الذي تزوج من أجل بناء أسرة متعاونة متفاهمة متحابّة، أما الذي يهتم ببناء كرشته فقد لا يهتم ببناء أطفاله بناء صحيحاً سليماً، بل قد لا يسأل عنهم حين يقضون معظم أوقاتهم في الشوارع، بينما هو مهتم بما أنتجته له زوجته في المطبخ. لذلك كله أرى أن: «أقصر الطرق إلى قلب الرجل هو قلب زوجته لا حجم معدته». مَنْ المسؤول؟! وختاماً، بعد أن ناقشت (الجزيرة) هذا الموضوع من جوانب عديدة، هناك العديد من الأسئلة: مَنْ المسؤول عن عدم تأهيل الفتيات لمرحلة الحياة الزوجية؟ وهل سيقبل الأزواج بالعيش مع زوجات لا يجدن الطبخ؟ قد يُفاجأ الزوج في الأيام الأولى من زواجه بأن زوجته تجهل أبجديات الطبخ بسبب الاتكالية واللامبالاة من الفتاة أو أهلها قبل الزواج في ظل اعتماد بعض الفتيات بشكل كامل على الخادمة بإيعاز من الوالدين؛ فتعجز الفتاة عن التكيف في عش الزوجية بعد توديعها لأهلها.