تأليف: جيمس أوشيا وشارلز ماديجان يبدو أن التفكير الإداري قد أصبح مهمة صعبة تشق حتى على مديري أكبر الشركات لدرجة أنهم يفضلون استئجار جهة خارجية لتقوم بذلك نيابة عنهم مقابل مبالغ هائلة. إنهم يريدون تحصيل الأرباح آخر كل موسم، دون أن يتجشموا عناء التفكير في كيفية توليدها، يشجعهم على ذلك صحبة ما ثمن الأفكار والحلول؟ قد يحتاج مثل هذا السؤال إلى فيلسوف للإجابة عليه. رغم ذلك - وبعيداً عن كل سفسطة- فإن إجابته غاية في البساطة: ثمن الأفكار باهظ. أما الحلول فهي فادحة الثمن. نحن نقصد هذا بالحرف الواحد. فالفكرة الجيدة لا تقدر بثمن، أما الحلول الخاطئة فقد تؤدي بشركتك إلى الوقوع داخل مصيدة الصحبة الخطرة - مصيدة بيوت الخبرة الاستشارية الإدارية. أما محاولة قياس الثمن الذي ستدفعه شركتك بالدولارات مقابل الحلول الاستشارية فهو يتلخص تماما في كلمة «باهظ». هناك إجابة أخرى أكثر واقعية وهي تلك التي تعتمد على قوانين العرض والطلب: ثمن الحلول الاستشارية تحدده قدرة طالب الاستشارة على الدفع وقدرة صاحب الحل الاستشاري على المساومة. استشارات ناجحة بحلول فاشلة بالنسبة لواحدة من أكبر شركات العالم الطالبة للحلول تجاوز هذا الثمن نصف البليون دولار، وهي ATالجزيرةT الاستشارية. كان هذا ما دفعته أكبر شركة اتصالات أمريكية لأقدر مستشاريها الإداريين المساومين خلال الفترة 1989 - 1994 هل تعتقد أنه يمكن للشركة تعويض هذا المبلغ شيئا فشيئا من فواتير المكالمات التليفونية التي تحصلها عبر العالم؟ إن الدهشة التي نبديها من هذا الرقم ليست لكبر حجمه - فمن المعروف أن شركة ATالجزيرةT ذات دخل يتجاوز الخمسين بليون دولار سنوياً - إنما تتعلق دهشتنا بالحقيقة الآتية: أن الشركة تبدو - وبعد دفعها لكل هذا المبلغ ثمنا لاستشارات أفضل بيوت الخبرة الاستشارية بلا جدال - على نفس الحال الذي كانت عليه قبل شراء استشاراتها. مرة تلو الأخرى حررت الشركة الشيكات بملايين الدولارات للمستشارين على أمل عودتها إلى المسار الصحيح في واحد من أكثر مجالات الأعمال تنافساً على وجه البسيطة، ورغم ذلك تذهب أمالها أدراج الرياح. اطرح عنك، بسرعة، الفكرة التي تراودك الآن بأن بيت الخبرة المذكور لم يكن مخلصاً في إسداء الاستشارة للشركة. على العكس، فقد قام أكثر من مرة بقلب إستراتيجيتها التسويقية والإنتاجية رأسا على عقب، ولكن دون جدوى. أما الشركة نفسها فقد انتقلت من بيت استشاري إلى آخر، و ذاقت في صحبتهم الأمرين من جودة شاملة لهندرة الأعمال، إلى تخفيض حجم العمالة إلى الحجم الأمثل Right - sizing وقائمة، أخرى طويلة من الحلول والتقاليع المفضلة لبيوت الخبرة الاستشارية. كل ذلك دون أن يلوح لها بصيص من أمل في تحقيق نتيجة مفيدة. إذا ما أودعنا كل ما سبق للتاريخ، يتبقى سؤال هام: هل تستحق حلول الاستشاريين مثل هذه الفاتورة الهائلة؟ «لا أعرف»، هكذا يجيبنا أحد المسؤولين بالشركة الموقرة، ثم يستطرد: «حقيقة لا أعلم إجابة لهذا السؤال. لكن الشيء الوحيد الواضح في كل هذه الأحداث هو ضعف الإدارة. إنك لن تصرف كل تلك الأموال إذا كنت في موقف قوى. أما كونك وصلت لحالة من الاعتماد المزمن على الاستشاريين فذلك يعنى اعترافا بضعف الإدارة وعدم فاعليتها. وهذا أمر يدعو إلى الانزعاج الشديد». إن ما اشترته شركة ATالجزيرةT هو ببساطة شديدة ما أرادت البيوت الاستشارية بيعه. لقد تحرك كل طرف طبقاً لأسلوبه وترك بصمته. فقد ركز أحدهم على إعادة هندسة المنتج، والآخر على مكافآت الاستشاريين، وغيره على تخفيض أعداد العاملين، وما شابه ذلك. لابد أن شركة تتساءل في قرارة نفسها ATالجزيرةT: ما فائدة الحلول الاستشارية؟ فإذا غابت الإجابة عنها، فإنها واضحة للطرف الآخر في التعاقد. فقد جمع الاستشاريون ثروة هائلة من بيع أفكارهم، بصرف النظر عن نتائجها. لعبة الاستشارات الإدارية أصبحت الاستشارات الإدارية واحدة من أكثر الأعمال نجاحا في التاريخ، فهي تحقق عائدا يصل إلى (؟.؟.؟.؟.؟.؟??) بليون دولار سنويا داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وحدها، ويصل لضعف هذا الرقم إذا حسب على مستوى العالم. ينجذب الاستشاريون إلى حيث تكثر الأموال تكاثر الذباب على العسل. إنهم يقتفون أثر الشركات السمان حيثما لاحت لهم، فهي كالعجوز الثرية التي تعاني من أحد الأمراض الإدارية الخطيرة التي تستدعي تدخل جراح إداري متخصص. عدد الصفحات Pages: 384. الرقم الدولي للكتاب ISBN: 0-201-62632-2