كشفت احصاءات غير رسمية جمعتها مجموعة من المكاتب الاستشارية ان قناعة المستثمرين في الشركات الاستشارية المتخصصة في المجالات كافة لا تزال دون المستوى المطلوب بسب تدني حجم الوعي الاستثماري وعلى رغم ان دائرة الاستثمار في ادنى معدلاتها حالياً. وعزت المكاتب، التي تحدث مسؤولون فيها الى "الحياة"، الامر الى نقل المستثمرين السعوديين افكارهم وتصوراتهم للمشاريع المقترحة الى بيوت الخبرة الدولية على رغم تعاون المكاتب الاستشارية السعودية معها، الأمر الذي يرفع كلفة الدراسات الاستشارية بما يزيد على 70 في المئة من كلفتها الحقيقية ويُقدم نماذج غير ملائمة لطبيعة المجتمع السعودي والمنافسة الاجنبية غير المشروعة التي تلبي حاجات بعض رجال الاعمال ورغباتهم أيضاً. وتشير الاحصاءات الى ان ما بين 15 و25 في المئة فقط من اجمالي المشاريع الاستشارية التي طرحت في الاعوام الخمسة الماضية حصلت عليها مكاتب محلية بينما حظيت الشركات الاجنبية والدولية بالحصة الاكبر منها. وتسعى المكاتب الاستشارية السعودية من خلال تخصصاتها الى تقديم دراسات جادة تلائم السوق المحلية التي يصفها بعض من الاستشاريين بأنها "تعاني من انفصام بين الواقع والدراسات" ومنافسة المكاتب الاستشارية الدولية التي تؤمن للسوق مشاريع لم يتدخل فيها العامل المحلي سوى بالفكرة. ويقول استشاريون سعوديون "ان الثقة في قدرات وامكانات الاستشاريين السعوديين احد ابرز عوامل استقطاب المستثمر السعودي للاستفادة من خدمات المكاتب الاستشارية المحلية التي تعاني موسم ركود شبه تام بسب الوضع الاقتصادي يضاف الى ذلك عدم قناعة المستثمر السعودي بنتائج اعمالها نتيجة عدم تحقيقها في اوقات كثيرة احلام وطموحات المستثمرين بسب نقص الوعي الاستثماري. اضافة الى ان الدراسات الاستشارية المحلية لها ميزة نسبية في انها مرتبطة بتوجهات القرار المستقبلي لجهة نوعية العمل المراد البحث في جدواه الاقتصادية". ويقول استشاري سعودي التقته "الحياة": "فقدت عميلاً من كبار رجال الاعمال بسب عدم توصل الدراسة المطلوبة للنتائج التي يتوقعها". ويحدد رئيس "مركز السجيني للاستشارات الادارية والاقتصادية" اسماعيل سجيني في لقاء مع "الحياة" اهم المشاكل التي تواجهها مهنة الاستشارات في السعودية "في قلة البيانات والمعلومات التي يمكن الاعتماد عليها في الدراسات التي تعدها المكاتب وتعارض البيانات بين الوزارات والقيود التي تُفرض من المستثمرين على الاستشارة اضافة الى بعض المعوقات المهنية الاخرى". ويقول إن كثيراً من المشاريع المتعثرة "اما ان دراساتها غير مكتملة او غير محلية وهو ما يودي بالضرورة الى هدر الثروة الوطنية". ويعتبر سجيني نشاط المكاتب الاستشارية "بمثابة مقياس دقيق يعكس حركة السوق واتجاهات النشاط الاقتصادي"، خصوصاً الجانب الاستثماري منه. وتتنوع نشاطات المكاتب الاستشارية في تقديم دراسات بين الادارة والجدوى الاقتصادية والمصرفية والهندسية وغيرها ويعمل فيها جيلان الاول يملك الخبرة من خلال عمله السابق في القطاع الحكومي لفترات طويلة والثاني حديث عهد بالحياة العملية. ويبدو ان النتائج تكون عادة سجالاً بين الطرفين لكن يحتاج الامر الى بعض الوقت لايضاح حاجة السوق للاستشارات بصورة عامة. وتبدأ اسعار الاستشارات من خمسة آلاف ريال ولا تنتهي عند حدود معلنه لكنها لا تتجاوز الملايين. وتحقق مكاتب المحاسبين الماليين مراكز متقدمة في السوق السعودية عن غيرها من المكاتب الاستشارية لانها ترتبط مع عملائها بعقود سنوية مجزية وتنافسها حالياً مكاتب المستشارين القانونيين بعدما تبدلت قناعة المجتمع او تغيرت الظروف وتهيأت بصورة تضمن وجودها في صورة رسمية من خلال الانظمة والقوانين الجديدة وتلحق بها الاستشارات الهندسية والاقتصادية وتبقى الدراسات المصرفية محدودة لتركز رؤوس اموال المصارف في مجموعة لا يتجاوز عددها ألفي شخص. ويتوقع الاستشاريون السعوديون ان تنشط سوق الاستشارات في الفترة المقبلة مع تكامل دورة الدائرة الاقتصادية شرط ان تتوافر لها الظروف الملائمة.