أظهر الانفجار الضخم الذي استهدف القنصلية الإيطالية في القاهرة صباح أمس، أن الإرهابيين ما زالت لديهم قدرة على تنفيذ عمليات في العاصمة، وكذلك سعيهم إلى تطور الأهداف التي يسعون إلى ضربها في مصر (للمزيد). وانفجرت سيارة مُفخخة أمام مقر القنصلية في قلب القاهرة، ما أوقع قتيلاً و10 جرحى، وأضراراً مادية بالغة. وفُخِّخَت السيارة بكميات كبيرة من المتفجرات، كما ظهر من حجم الدمار الذي خلفته في المقر والمباني المحيطة به، حتى على مسافات بعيدة. وتبنّى تنظيم «داعش» العملية التي قلّل توقيتها خسائرها البشرية، إذ انفجرت السيارة قبل السابعة صباحاً، في يوم عطلة رسمية للمصالح الحكومية والقنصلية التي لم يصب أي من العاملين لديها. ووقع الانفجار في منطقة تشهد تدابير أمنية لافتة. فالقنصلية تُطل على ميدان عبدالمنعم رياض وسط القاهرة، ومبناها على بعد أمتار من ميدان التحرير الذي يكتظّ بقوات الشرطة، وهو قريب جداً من مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) على كورنيش النيل الذي يحرسه الجيش والشرطة، ومن مبنى وزارة الخارجية، ومبنى دار القضاء العالي. ويشير تفجير القنصلية الإيطالية إلى أن الجماعات الإرهابية تسعى إلى تشتيت قوات الأمن من خلال تنويع أهدافها. فمنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013، اقتصرت الضربات الإرهابية على استهداف قوات الجيش والشرطة والمنشآت الحكومية، خصوصاً الأمنية، أو منشآت الخدمات العامة، خصوصاً أبراج الكهرباء ومحطات المياه. ولكن، منذ شهور شرع مسلحون في استهداف القضاة، بعد تواتر أحكامٍ بإعدام قادة في جماعة «الإخوان المسلمين»، وبلغت تلك الموجة ذروتها بقتل النائب العام. ولم تعتد الجماعات المُسلحة، منذ عزل مرسي، استهداف المصالح الأجنبية، بعمليات نوعية، إذ اقتصر أعنف هجماتها على حرق أو تحطيم فروع لشركات أجنبية خلال مسيرات «الإخوان»، أو تحطيم سيارات تحمل لوحات معدنية ديبلوماسية. والتفجير أمس هو الأول الذي يستهدف بتفجير نوعي مقراً ديبلوماسياً، لأحد أبرز حلفاء القاهرة الأوروبيين، وربما سيلحق ضرراً بالسياحة. وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان أن الرئيس عبدالفتاح السيسي تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، أكد فيه تضامن بلاده مع مصر مشدداً على أن إيطاليا عازمة على مكافحة الإرهاب لدحره. وشددت قوات الأمن وجود عناصرها المُعلن والسري في محيط المقار الديبلوماسية الأجنبية.