أكد رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو ان بلاده لا تنوي شن عملية عسكرية بين ليلة وضحاها في سورية لحماية حدودها، في وقت قالت مصادر أمنية إن تركيا نشرت قوات إضافية وعتاداً على امتداد جزء من الحدودها مع اشتداد حدة القتال شمال مدينة حلب شمال سورية. وأعلن داود أوغلو الجمعة تعيين وجدي غونول السياسي المحافظ المخضرم وزيراً للدفاع خلفاً لعصمت يلماظ الذي انتخب الاربعاء رئيساً للبرلمان. وقال أوغلو في مقابلة مع القناة السابعة الخاصة مساء الخميس: «لا يجدر بأحد ان يتوقع من تركيا ان تدخل سورية غداً أو في مستقبل قريب. انها مجرد تكهنات». وأشار الى ان «تركيا لن تنتظر حتى الغد في حال وجود تهديد على أمنها الداخلي» لكن وفقاً للوضع الحالي «فإن التدخل العسكري الأحادي الجانب ليس مطروحاً». وأكد: «لن ننجر أبداً الى مغامرة، فليطمئن شعبنا». وتورد وسائل الإعلام التركية منذ اكثر من اسبوع ان الحكومة تدرس القيام بعملية عسكرية في سورية لإبعاد متطرفي تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) من حدودها ومنع تقدم المقاتلين الاكراد الذين يسيطرون على جزء واسع من المنطقة الحدودية بين تركيا وسورية. وقام الجيش قبل بضعة ايام بتعزيز قواته على طول الحدود التركية - السورية الممتدة على مسافة 900 كيلومتر. وقال داود اوغلو امام الصحافة ان تعيين غونول الذي سبق ان تولى حقيبة الدفاع من 2002 الى 2011، كان ضرورياً لانه «لا يمكن السماح بشغور مثل هذا المنصب، وخصوصاً في الوقت الراهن». ومنذ ان صدت «وحدات حماية الشعب» الكردية عناصر «داعش» وطردتهم من مدينة تل أبيض في منتصف حزيران (يونيو)، تتخوف انقرة من اقامة منطقة حكم ذاتي كردية في شمال سورية. وتتهم تركيا القوات الكردية في سورية والقريبة من «حزب العمال الكردستاني» الذي يخوض تمرداً مسلحاً على اراضيها، ب»التطهير الاثني» في المناطق التي تسيطر عليها، الامر الذي ينفيه الاكراد بشدة. وجدد اوغلو الذي تقوم حكومته بتصريف الاعمال منذ الانتخابات التشريعية في السابع من حزيران، التأكيد مساء الخميس انه لن يوافق على «أمر واقع» في شمال سورية. وقال: «كما فعلنا منذ البداية (بداية الازمة السورية في العام 2011) تحافظ تركيا على استقرارها في هذه الاجواء المشتعلة التي تحيط بها». وطرحت أنقرة مسألة إقامة «منطقة آمنة» داخل الأراضي السورية بسبب مخاوف من تقدم الأكراد السوريين ووجود «داعش» إضافة إلى احتمال تدفق موجة جديدة من اللاجئين الفارين من الصراع. وذكرت مصادر أمنية ومسؤولون في أنقرة أن الجيش التركي كثف اجراءات الأمن وأرسل قوات خاصة مع احتدام القتال. وقال مسؤول تركي كبير ل «رويترز» إن أنقرة غير مرتاحة لوجود عناصر «داعش» هناك ولا لاحتمال سيطرة القوات الكردية على الحدود بالكامل. وأضاف أن الطريق بين تركيا وحلب مهم وأن أنقرة ستتحرك إذا سيطرت القوات الكردية على جرابلس، وهي بلدة سورية إلى الغرب من نهر الفرات على الجانب الآخر من الحدود من بلدة كاركاميس التركية. وتابع: «إرسال جنود كثيرين حالياً إلى منطقة الحدود يوضح إصرار تركيا. لكن هذه ليست قطعاً استعدادات لعبور الحدود»، مضيفاً أنه لا توجد خطة لدخول سورية من جانب واحد. وقال مسؤول تركي آخر ل «رويترز» إن هناك مخاوف أيضاً من تدفق نحو مليون مهاجر آخرين على تركيا نتيجة للإشتباكات في سورية. وأضاف: «هناك حاجة لمنطقة آمنة على الجانب السوري من الحدود، لهذا السبب نناقش هذا مع شركائنا». وقال جون باس السفير الأميركي في أنقرة للصحافيين الخميس إن تركيا والولايات المتحدة تعملان معاً لمواجهة تهديد وجود عناصر «داعش» في شمال سورية. لكن وزارة الخارجية الأميركية قالت إنها لا تملك «دليلاً قوياً» على أن تركيا تبحث إقامة منطقة عازلة في سورية. وقال شهود إن قتالاً عنيفاً وانفجارات سمعت من بلدة كيليس الحدودية التركية الليلة الماضية على بعد نحو 50 كيلومتراً من مدينة أعزاز السورية الصغيرة. وأضافوا أن الوضع هادئ صباح الجمعة. وذكرت قوات الامن أن القتال في أعزاز يدور بين «داعش» من جانب وتحالف يضم «جبهة النصرة» وجماعات معارضة يدعمها الغرب من جانب آخر. ويسيطر الجيش النظامي السوري وجماعات متحالفة معه على الأحياء الغربية في حلب. وقال داود أوغلو إن الرئيس السوري بشار الأسد يتعاون مع متشددي «داعش» في مهاجمة المعارضة المعتدلة. ونفى مسؤولون سوريون مثل هذه المزاعم من قبل، مشيرين إلى أنهم يخوضون معركة ضد «داعش». وأشار داود أوغلو إلى أنه إذا أصبحت حلب معزولة بسبب القتال فإن هذا سيؤدي إلى تدفق بشري كبير جديد على تركيا التي يعيش فيها بالفعل أكثر من 1.8 مليون لاجئ سوري.