بعد عقود من الجمود استفاقت روح العمل التطوعي بين الشباب اليمنيين وان في شكل ظرفي يرتبط بالمناسبات، فشهد عدد من المدن اليمنية مبادرات طوعية نفذتها مجموعات من الشباب لمناسبة اليوم العالمي للتطوع. وشارك شبان متطوعون في صنعاء وعدن وحضرموت وتعز، وبدعم من برنامج المبادرة الشبابية المجتمعية (نسيج)، في مبادرات شملت مجالات الصحة العامة والبيئة، وقاموا بحملات صحية ميدانية استهدفت بعض الأحياء الفقيرة، كما عقدوا ورش عمل تدريبية تضمنت محاضرات حول الصحة العامة والعمل التطوعي. وأطلق شباب من «جمعية الأحياء الشعبية في عدن» مبادرة لصيانة احد الملاعب الرياضية وترميم مجرى للصرف الصحي وصيانة منزل أسر فقيرة وغرس الشتول وحملات نظافة. وتأتي الحملات التي نظمت تحت شعار «من اجل شباب مبادر ومشارك في تنمية المجتمع والوطن» في وقت تسود الشباب اليمني حالات اللامبالاة ومشاعر الإحباط. ويرى مختصون أن انتشار الفقر والبطالة وبروز نزعة المصلحة الشخصية، وراء ضعف قيم الانتماء المجتمعي وبالتالي انحسار مبدأ التكافل الاجتماعي وروح العمل الطوعي. وقال أمين النهاري منسق برنامج «نسيج»: «نعتمد بشكل رئيس على مقدرات العمل الجماعي ونعمل على بناء قدرات المتطوع»، موضحاً أن هدف هذه الفعاليات تشجيع الشباب على العمل التطوعي وتعزيز المشاركة الايجابية في خدمة المجتمع»، ومنوهاً بأن دور برنامج «نسيج» في دعم المبادرات الشبابية يقتصر على دعم المشاريع المقدمة للجمعيات والمنظمات المحلية والتي تهدف الى تقديم الخدمات العامة. وقال النهاري أن عزوف بعض الشباب اليمني عن العمل التطوعي يرجع إلى شعورهم بأن بعض الجمعيات والمنظمات يستغل طاقاتهم بهدف الربح الأمر الذي يؤدي الى إحباطهم وعزوفهم عن المشاركة. وتخلو برامج الأحزاب ونشاطات المؤسسات الاجتماعية الفاعلة من مبادئ التشجيع على العمل التطوعي، خلافاً لما كانت عليه الحال في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته عندما عرف الشمال والجنوب على حد سواء نشاطات شبابية وطالبية تصب في الخدمة العامة. ويرى الناشط الطالبي في الحزب الاشتراكي اليمني علي الصبري (33 سنة) أن غياب الرؤية لدى الأحزاب وانحصار عملها على الهم السياسي وراء خلو نشاطاتها من المبادرات التطوعية. وبحسب فردوس ( 24سنة) فإن «الحملة التي انطلقت من عدن، ويشارك في تنظيمها عدد من المنظمات والجمعيات الأهلية الى جانب نسيج ربما أعادت الروح إلى العمل التطوعي لدى الشباب وأخرجته من نفق الإحباط الذي بدأ يأخذ شكلاً عدائياً حيال المجتمع وكل ما هو شأن عام». من جهته يرى الناشط الشبابي والطالب في كلية الإعلام في جامعة صنعاء عبد الرزاق العزعزي أن العمل التطوعي في اليمن ما زال يندرج تحت عنوان «الاستغلال» لغالبية مؤسسات المجتمع المدني، مؤكداً أن هذه المؤسسات تسعى الى «سلب طاقات الشباب وأموالهم في ظل غياب أي قوانين تنظم عمل المتطوعين وتلزم الاحزاب بإدراج بنود في قوانينها الداخلية خاصة بالتطوع». وأشار عبدالرزاق إلى أن الشباب أنفسهم يسعون في أحيان كثيرة الى اقتحام المجتمع المدني لتأهيل أنفسهم وصقل مهاراتهم، وهم مستعدون للتطوع تحت أصعب الظروف ولا ينقصهم إلا حماية جهودهم وتثمينها. وكانت مؤسسات أهلية عاملة في اليمن محل تندر كثيرين نظراً الى تكرار وجوه المشاركين في نشاطاتها حتى درج البعض على وصفها بمنظمات «الجوقة الواحدة». وبحسب عبد الرزاق فإن العمل التطوعي صار محكوماً بهذه الشروط لافتاً إلى غياب أي نشاط حقيقي في هذا المجال باستثناء نشاطات محدودة تشهدها العاصمة صنعاء. وتابع: «لذا تجد الشباب المتطوعين هم أنفسهم في كل الأماكن التي تزورها وفي منظمات المجتمع المدني وهذا دليل على قصور عمل هذه المؤسسات».