يواجه لبنان ومعه المصارف المحلية مشكلة تكمن في امتناع المصارف المراسلة لها في الخارج، قبل انتهاء العام الحالي، عن تسلم الحوالات المالية والشيكات المصرفية الصادرة من بيروت إليها، ما لم يقر البرلمان اللبناني التعديلات المقترحة دولياً على قانون مكافحة تبييض الأموال. وعلمت «الحياة» من مصادر مصرفية وأخرى نيابية أن لبنان كان تسلم عبر المصرف المركزي مجموعة من التعديلات المقترحة على قانون مكافحة تبييض الأموال، يتوجب على الحكومة والمصارف المحلية التقيد بها لئلا يصنف البلد في خانة الدول غير الملتزمة بهذه التدابير التي يجب إدراجها في صلب قانون تبييض الأموال. ولفتت المصادر نفسها الى أن عدم التقيد بها سيؤدي الى تصنيف لبنان ومن خلاله المصارف المحلية على أنها غير مؤهلة للتعامل معها مصرفياً ما قد يتسبب بعدم قبول الحوالات المالية أو الشيكات المصرفية أو فتح حسابات مالية في الخارج في بعض الحالات. وأكدت المصادر عينها أن المهلة للتصديق على التعديلات المقترحة على قانون تبييض الأموال شارفت على نهايتها، لكن المؤسسات المالية الدولية ارتأت تمديدها الى نهاية العام الحالي تقديراً منها لظروف لبنان الداخلية التي ما زالت تعيق جهود عقد جلسة نيابية لتشريع الضرورة. وكشفت أن ممثلي البنك الدولي في لبنان، ومعهم سفراء عدد من الدول العربية، باشروا تحركهم باتجاه عدد من الكتل النيابية، خصوصاً تلك التي ما زالت تعترض على عقد جلسة تشريعية باتت أكثر من ضرورية للبلد. وقالت إن هؤلاء حذروا من تأثير تعطيل التشريع في المجلس النيابي على الاتفاقات والقروض العربية والدولية التي يستفيد منها لبنان في تنفيذ مجموعة من المشاريع الإنمائية التي تحتاج الى إقرار في البرلمان قبل نفاد المهلة الزمنية المحددة للتصديق عليها. وأكدت أن التعديلات المقترحة على قانون تبييض الأموال من ضمن هذه القوانين. وأوضحت المصادر أن لجنة المال والموازنة النيابية كانت عقدت أكثر من اجتماع للنظر في هذه التعديلات، لكن تشعب النقاش فيها أدى الى إحالتها الى لجنة نيابية فرعية، خصوصاً بعد اعتراض أبداه عدد من النواب المنتمين الى قوى 8 آذار. واعتبرت أن دعوة رئيس البرلمان نبيه بري الى عقد جلسة تشريع الضرورة يجب أن تؤخذ في الاعتبار لأنه من غير الجائز تعريض الوضع المالي الى أي علامات استفهام. ورأت المصادر أن مشاريع واقتراحات القوانين التي تتسم بطابع تشريع الضرورة لم تعد تتحمل إقحامها في السجالات والتجاذبات السياسية المحلية، بالتالي فإن المصلحة العليا للبلد تقضي بتحييدها عن النزاعات الداخلية التي يراد منها تسجيل مواقف سيكون لبنان في نهاية المطاف المتضرر الأول منها. وحذرت أيضاً من التداعيات المالية المترتبة على لبنان جراء التلكؤ في التصديق على هذه المشاريع وحمّلت من يعيق عقد جلسات تشريعية مسؤولية الامتناع عن حضورها لأن التذرع بعدم ميثاقيتها يسقط أمام المصلحة العليا للبلد، لا سيما في ظل الظروف المالية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها. وقالت إن الرئيس بري على حق عندما يدق ناقوس الخطر ويلح على عقد جلسات تشريعية. وأكدت أنه لن يتعامل في موقفه هذا مع المعترضين على عقدها من باب النكاية بمقدار ما انه يدرك خطورة الشلل الذي يتخبط فيه البرلمان والذي سينعكس سلباً على القطاع المصرفي الذي يتمتع بصدقية عربية ودولية. وكان نواب نقلوا عن بري بعد لقاء الأربعاء، تأكيده أن «البلد لا يتحمل المزيد من التعطيل، وهذا سينعكس على مصلحة لبنان وسمعته أيضاً في الخارج ويشل الدولة».