أدى فشل حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا حالياً بتحقيق الغالبية المطلقة في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت أول من أمس (الأحد) إلى وضع غير مسبوق في البلاد، وفتح الباب أمام احتمال تشكيل حكومة تركية جديدة تضم الحزب ومعارضيه. ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقب الانتخابات إلى تشكيل حكومة ائتلافية مطالبا الأحزاب بالتصرف ب"مسؤولية" حفاظا على "استقرار" البلاد. ومنذ ظهور نتيجة الانتخابات، بدأت التكهنات التي تغذيها تصريحات مقتضبة لوزراء ونواب من جميع الاتجاهات حول سيناريوهات غير مؤكدة تتعلق بتركيبة الحكومة الجديدة. ونال الخصمان الرئيسيان ل"لعدالة والتنمية"، وهما حزب "الشعب الجمهوري" وحزب "العمل القومي اليميني" 25 في المئة و 16,3 في المئة من الأصوات على التوالي، أي 132 و 80 مقعدا في البرلمان. وشكل حصول حزب "الشعوب الديموقراطي" الكردي على 13,1 في المئة من الأصوات، أي 80 مقعدا في البرلمان مفاجأة للمراقبين. وخلال الحملة الانتخابية، هاجمت هذه الأحزاب الثلاثة بعنف الحكومة والرئيس، كما استبعدت علنا فكرة التحالف مع "العدالة والتنمية"، ما جعل الاتفاق يبدو معقدا للغاية. وقال مدير مكتب صحيفة "حرييت" في أنقرة دنيز زيريك، إن الأحزاب المعارضة ستشترط للمشاركة في الحكومة "التخلي عن فكرة التحول إلى النظام الرئاسي في تركيا". وتولى اردوغان رئاسة الحكومة طوال 11 عاما، وانتخب رئيسا قبل عشرة أشهر، حين بدأ وضع كل ثقله السياسي في حملة الانتخابات للدفاع عن إقامة نظام رئاسي قوي لصالحه. ويتطلب تمرير الإصلاحات الدستورية التي كان يخطط لها اردوغان الحصول على 330 مقعدا على الأقل. لكن السيناريوهات البديلة لائتلاف بقيادة "العدالة والتنمية" تبدو مجرد فرضيات ليس أكثر. ومن جهته، ترك زعيم حزب "الشعب الجمهوري" كمال كيليش دار اوغلو الباب مفتوحا أمام تحالف من ثلاثة أحزاب معارضة. وقال للصحافة إن "ترك البلاد من دون حكومة يعني عدم احترام الناخبين". لكن فرصة تشكيل الحكومة ضئيلة للغاية لأن حزب "العمل القومي"، الذي يطالب بوقف مفاوضات السلام مع حزب "العمال الكردستاني"، لا يميل كثيرا إلى التحالف مع حزب "الشعوب الديموقراطي" الكردي والذي يضع إعادة المفاوضات مع "العمال الكردستاني" أبرز أولوياته. وتبقى هناك فرضية حكومة أقلية يشكلها "العدالة والتنمية"، لكن نائب رئيس الوزراء محمد علي شاهين قال انه "الاحتمال الأكثر بعدا، والحديث عنه عديم الجدوى في هذه المرحلة". وفي هذا الإطار، بدأت الصحف التركية إطلاق شائعات حول تغيير محتمل على رأس "العدالة والتنمية" إذا فشل داود اوغلو في تشكيل الحكومة. ومن بين الأسماء المتداولة لتحل مكانه الرئيس السابق عبد الله غول، وهو من المعتدلين، وقد يكون بديلا أو خصما محتملا لاردوغان. ووفقا للإجراءات المعتادة، سيقدم رئيس الوزراء التركي الحالي احمد داود أوغلو اليوم استقالة حكومته إلى الرئيس الذي سيطلب منه، بصفته رئيسا للحزب الذي حصل على أعلى عدد من الأصوات، تشكيل حكومة جديدة. وفي حال فشلت المفاوضات في التوصل الى حكومة ضمن مهلة 45 يوما، فسيكون بإمكان اردوغان الدعوة إلى انتخابات جديدة.