تعهد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان امس، أن «يستخلص الدروس» من نتائج الانتخابات البلدية التي أظهرت تراجع شعبية حزبه «العدالة والتنمية» 3 نقاط مقارنة بنتائج الانتخابات البلدية العام 2004، و7 نقاط عن الانتخابات الاشتراعية العام 2007، ما يشكّل التقهقر الأكبر للحزب منذ تأسيسه. وذلك، رغم ان الحزب فاز مجدداً في الانتخابات بفارق كبير عن منافسيه، محققاً نسبة 39 في المئة، تلاه «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي ب23 في المئة و»حزب الحركة القومية» اليميني الذي نال 16 في المئة. وبدا على اردوغان الأسف خلال تعليقه على نتائج الانتخابات التي لم يحتفل بها الحزب رغم فوزه، خصوصاً أنه مني بخسارة قوية أمام «حزب المجتمع الديموقراطي» ذي التوجهات الكردية في محافظات جنوب شرقي تركيا ذات الغالبية الكردية. كما فشل في «اقتحام قلعة» بلدية دياربكر التي احتفظ الأكراد بالسيطرة عليها، وضموا إليها خمس بلديات أخرى انتزعوها من الحزب الحاكم في تلك المنطقة، وبينها فان وسيرت. وعلّق احمد ترك رئيس «حزب المجتمع الديموقراطي» على النتائج، معتبراً أنها دليل على ان الشعب الكردي في تركيا لا يمكن ان ينسى قضيته السياسية، في مقابل وعود الحكومة له بالرفاه الاقتصادي و»التصدّق» عليه بمساعدات مالية من حين الى آخر. وقال ان «الشعب لقّن الحكومة درساً. استرجعنا أصواتنا. الحكومات موقتة، والناس دائمة الوجود». وتضعف هذه النتيجة يد اردوغان الذي يستعد، بالتعاون مع القيادات الكردية في العراق، لاتخاذ خطوات مهمة في شأن الملف الكردي في تركيا، من أجل إقناع «حزب العمال الكردستاني» بإلقاء السلاح، خصوصاً أن «حزب المجتمع الديموقراطي» يُعتبر الواجهة السياسية ل «الكردستاني»، ما دفع بعض «الصقور» داخل الحزب الى القول أن على اردوغان ان يعيد حساباته ويقدّم المزيد سياسياً، اذا أراد إغلاق ملف العنف الكردي. واعتبر الناشطون الأكراد ان نتائج الانتخابات دليل على زيادة الحس القومي الكردي في جنوب شرقي تركيا، وتعاطف الشارع مع «حزب العمال» وعدم ثقته بوعود الحكومة. وعلى رغم نجاح «حزب العدالة والتنمية» في الحفاظ على اكبر بلديتين في تركيا، اسطنبول والعاصمة أنقرة، فانه خسر بلدية مرسين التي سيطر عليها «حزب الحركة القومية» بزعامة دولت بهشلي، ضمن تقدمه في عدد مهم من البلديات وتشكيله منافساً قوياً لأردوغان في اكثر من مكان. ولوحظ أن معظم الأصوات التي خسرها الحزب الحاكم ذهب الى القوميين، بصفتهم بديلاً يمينياً بدأ يقوى مع تفاعل القضية الكردية والاعتراف بالهوية الكردية في تركيا وتحسين العلاقات مع أكراد العراق. كما خسر اردوغان بلدية انطاليا السياحية لمصلحة غريمه «حزب الشعب الجمهوري» الذي نافس بقوة للمرة الأولى في بلديتي انقرةواسطنبول، واحتفظ بالسيطرة على مدينة ازمير الرئيسية. ولوحظ أن «حزب الشعب الجمهوري» زاد أصواته بعد مبادرة مصالحة غير مكتملة مع الحجاب، وقبول زعيمه دنيز بايكال للمرة الأولى انضمام محجبات الى الحزب، ما أثار نقاشاً داخلياً قوياً حول فشل السياسة التقليدية في التركيز على علمانية النظام ووصايا مصطفى كمال اتاتورك. وكان الحزب أسقط خلال حملته الانتخابية الأخيرة الحديث عن حماية النظام العلماني، مركزاً على ملف الفساد والأزمة المالية العالمية، ما اعتُبر تغييراً مهماً عاد بالنفع عليه.