فرضت العملية العسكرية التي قام بها الجيش التركي ضد مسلحي «حزب العمال الكردستاني» في محافظة آغري جنوب شرقي تركيا، نفسها على أجندة الانتخابات التي بدأت تسخن في شكل كبير، بعد الإعلان عن المرشحين وبدء الدعاية الانتخابية، خصوصاً أن هذه هي المرة الأولى التي تقع فيها اشتباكات بهذا الحجم يسقط خلالها 5 مسلحين أكراد ويصاب 4 من جنود الجيش منذ بدء وقف إطلاق النار الذي أعلنه «الكردستاني» قبل سنتين. واستغل الرئيس رجب طيب أردوغان وقادة في الحزب الحاكم، الحادث، لتبرير تجميد الحوار مع « الكردستاني» الذي دعا إليه أردوغان في شكل مفاجئ الشهر الماضي بعد ربط المقاتلين الأكراد تخليهم عن السلاح، بشروط سياسية ومشاريع قانونية طلبت الحكومة تنفيذها أولاً. كما هاجم أردوغان «حزب الشعوب الديموقراطية»، وحمله مسؤولية وقوع الاشتباكات «لأنه يتعاون مع المسلحين من أجل الضغط على الناخبين لانتزاع أصواتهم تحت التهديد»، وهو ما نفاه صلاح الدين دميرطاش، مندداً بتصريحات أردوغان، ومتهماً قيادة الجيش بالعمل سياسياً لمصلحة الحزب الحاكم. وما أثار شكوك التيار الكردي من هذه العملية الأخيرة، هو أنها بدأت بأمر من والي المحافظة التابع لأردوغان، وتحرك الجيش بحجة وجود 150 من «الكردستاني» يحاولون ترهيب أهالي آغري وتهديدهم من أجل التصويت ل «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي من دون إعطاء دليل على ذلك. بعد ذلك بدأت الاشتباكات بين الطرفين، علماً أن الجيش التزم الصمت لمدة سنتين على وجود «الكردستاني» في تلك المنطقة بأمر من الحكومة. كما كان الجيش بدأ عملية تمشيط في محافظة ماردين الجنوبية قبل أسبوعين أيضاً، بأمر من الوالي بحجة «البحث عن أوكار المسلحين الأكراد» وهو ما اعتبره سياسيون أكراد «بحثاً عن مشاكل أو استفزاز غير مبرر». واتهم «الكردستاني» في بيان الجيش التركي بشن عملية ضد عناصره، وذكر بتصريحات قائده العسكري جميل بايك قبل أربعة أيام، والتي قال فيها: «نريد ترك السلاح وقد تعبنا من القتال». وتتهم أوساط سياسية كردية أردوغان بالعمل مع قائد الجيش من أجل إشعال جبهة القتال مجدداً، ولكن في شكل محدود ومدروس، من أجل التأثير في ناخبي «حزب الشعوب الديموقراطية» الذي بدأ يجذب أصواتاً يسارية وليبرالية غير كردية، ما يرشحه لتجاوز العتبة البرلمانية لدخول البرلمان للمرة الأولى بحصوله على أكثر من عشرة في المئة من الأصوات، وهو ما سيؤثر في شكل كبير في مقاعد «حزب العدالة والتنمية» الحاكم الذي اعتاد أن يظفر بنحو 40 مقعداً من أصوات الأكراد بعد فشل حزبهم في دخول البرلمان. في الإطار ذاته، سبق أردوغان رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو إلى ميادين الانتخابات، وبدأ في شكل غير رسمي حملة انتخابية لدعم الحكومة، في شكل تقول المعارضة أنه خروج صارخ على الدستور الذي يفرض على الرئيس الحياد. وظهر أردوغان في مؤتمر شعبي في مدينة بورصة ذكّر خلاله بنجاحات الحكومة وطالب الناخبين بدعم مشروع النظام الرئاسي من أجل استمرار تلك النجاحات، علماً أن الحزب الحاكم هو الوحيد الذي يطرح هذا الملف في الانتخابات.