رأيت شبحاً يسير على طريق الزمان، وسمعت صائحاً يصيح بالدنيا النائمة، تيقظي تيقظي، إن العام رحل! أمن الممكن أن يحدث هذا؟! يحدث بكل هدوء؟! نعم تمر الأيام... اليوم تلو اليوم، وتمر الشهور... الشهر تلو الشهر، وتمر الأعوام... العام تلو العام... أيام تمضي فهل من معتبر؟ في الحديث الشريف: «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون....» صححه الألباني، وما قيل في تقارب الزمان أن المراد به: قلة بركة الزمان وذهاب فائدته في كل مكان، أو أن الناس لكثرة اهتماماتهم بما دهمهم من النوازل والشدائد وشغل قلوبهم بالفتن العظام لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم. قد نادت الدنيا على نفسها لو كان في العالم من يسمع كم واثق بالعمر أفنيته وجامع بددت ما يجمع خرج النبي «صلى الله عليه وسلم» يوماً مع بعض أصحابه، فلما برزوا خارج المدينة، فإذا راكب يقبل نحوهم فصوب النبي «صلى الله عليه وسلم» إليه بصره ثم التفت إلى أصحابه فقال: كأن هذا الراكب إياكم يريد؟ فما هو إلا قليل حتى أقبل الرجل على بعيره، فوقف عليهم ثم أخذ ينظر إليهم، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «من أين أقبلت؟ فقال الرجل: وهو يئن من شدة الطريق ووعثاء السفر: أقبلت من أهلي وولدي وعشيرتي، فقال صلى الله عليه وسلم: فأين تريد؟ قال: أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقد أصبته فابتهج الرجل وتهلل وجهه وقال: يا رسول الله علمني ما الإيمان؟ قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، قال: قد أقررت، فما كاد الرجل يتم إقراره بالإسلام حتى تحرك به بعيره فدخلت يد البعير في جحر جرذان فهوى البعير على الأرض وهوى الرجل فوقه فوقع على هامته، فما زال ينتفض حتى مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليّ بالرجل فوثب إليه عمّار بن ياسر وحذيفة فأقعداه فلم يقعد، وحركاه فلم يتحرك، فقالا: يا رسول الله قُبض الرجل «مات»، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم أعرض عنه فجأة ثم التفت إلى حُذيفة وعمّار وقال: أما رأيتما إعراضي عن الرجل؟! فإني رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة، فعلمت أنه مات جائعاً». رواه أحمد بسند حسن. يا نائمون استيقظوا فإن الله عظيم! ويا غافلون تنبهوا فإن الله عظيم! فقط نريد منك عملاً وصدقاً وإخلاصاً، وفي الحديث: «إن الله يعطي الدنيا من يُحب ومن لا يُحب، ولا يُعطي الإيمان إلا من يُحب»... كم عمرك؟ 15عاماً، 20 عاماً، 30 عاماً، 40 عاماً... وماذا بعد؟! يقول الله تعالى: «ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً»...«يا بن آدم أفنيت عمرك في طلب الدنيا فمتى تطلب الآخرة؟.