قالت مصادر مراقبة للجولة التي يقوم بها وفد «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي بزعامة ميشال عون لمناقشة مبادرته الأخيرة التي تضمنت 4 مخارج لمسألة الشغور الرئاسي، إن البحث يتركز على أمور كثيرة، لا سيما هذه المخارج، التي لم تلق تجاوباً من كتل نيابية كثيرة، لا سيما فكرة انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب على مرحلتين الأولى من المسيحيين، ثم بين المتنافسين الأقوى على المستوى الوطني، أو إجراء استفتاء شعبي يختار بعده البرلمان بين المرشحين الأقويين، أو أن تنحصر المنافسة في البرلمان بين مرشحين وصولاً الى إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية بعد إقرار قانون انتخاب جديد. وذكرت مصادر مواكبة أن مواقف الكتل تفاوتت بين اعتبارها تحتاج إلى تعديلات دستورية، وأخرى ناقشتها بإيجابية حفاظاً على الحوار بين الأطراف وللمساعدة على الحؤول دون تصعيد عون موقفه. إلا أن المصادر المراقبة نفسها علّقت على المناقشات الجارية بالإشارة إلى عبارة: «مارتا مارتا تقولين أشياء كثيرة والمطلوب شيء واحد»، وهي تعني بذلك أن تصعيد عون مواقفه وطرحه هذه المخارج جاء بعد أن أثاره اتجاه قوى سياسية إلى تأجيل تسريح القادة العسكريين عند انتهاء مدة خدمتهم القانونية، بدل تعيين بدلاء منهم، لا سيما أنه يهمه تعيين العميد شامل روكز في قيادة الجيش بدل التمديد للعماد جان قهوجي. ويرى غير مصدر سياسي أن عون أطلق مبادرته بعدما تأجّل حصوله على جواب واضح من «تيار المستقبل، المقصود الرئيسي من وراء هذه المبادرة، باعتبار أنه حصل على موافقة «حزب الله» على مطلبه وعلى التحرك لتحقيقه وأخذ موافقة «المستقبل». وذكرت المصادر المواكبة لتحرّك تكتل عون أن موضوع تعيين روكز لم يناقش مع كل الكتل التي التقاها وفده، على رغم أنه بيت القصيد. لكنه نوقش مع كتلة «المستقبل». وعلمت «الحياة» أنه بموازاة لقاء وفد التكتل مع كتلة «المستقبل» النيابية أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، ينتظر أن تشهد الساعات المقبلة لقاء بين «المستقبل» وعون للبحث في مسألة قيادة الجيش، بعد أن صعّد الأخير موقفه أول من أمس بهجوم عنيف على الحكومة. وقالت مصادر سياسية مطلعة إن سبب التصعيد أن وزيري عون في الحكومة جبران باسيل والياس بوصعب طلبا من نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل أن يطلب إدراج مسألة تعيين رئيس جديد للأركان مكان اللواء وليد سلمان الذي تنتهي خدمته في آب (أغسطس) المقبل ومكان العماد قهوجي الذي يحال على التقاعد أوائل أيلول (سبتمبر) المقبل، لضمان عدم اللجوء إلى التمديد لهما، لكن الأخير اعتبر أن من المبكر القيام بذلك ما أثار حفيظة عون فاتهم مقبل بأنه «طربوش المخالفات». وذكرت المصادر أن «المستقبل» سيطرح على عون مقاربة لملف قيادة الجيش تقوم على الاستفسار منه عما إذا كان التجاوب مع مطلبه تعيين روكز يفترض أن يتم دون أن يكون معزولاً عن معالجة سائر عناوين التأزم السياسي في البلاد، لا سيما استمرار الشغور في الرئاسة الأولى وما إذا كان عون سيبقى على موقفه مقاطعة جلسات انتخاب الرئيس ورفضه الوصول الى تسوية على الرئاسة. وأوضحت المصادر أن «المستقبل» يرى في المقابل عدم الربط بين التعيين في قيادة الجيش والتعيين في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إذ لا تجوز المساواة بين المنصبين، نظراً الى أن قائد الجيش أكثر أهمية بكثير... كما ان «المستقبل» سيحيل عون على اقتراحات سيطرحها المشنوق في خصوص قوى الأمن الداخلي. وعلمت «الحياة» أن الاتصالات في شأن استحقاق انتهاء خدمة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص في 5 حزيران (يونيو) المقبل، ستتم في الأيام المقبلة بمعزل عن موضوع قيادة الجيش ومن دون ربط الأمرين، إذ يملك وزير الداخلية نهاد المشنوق تصوراً في هذا الشأن، سيطرحه في الوقت المناسب تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء، وسيقوم بالتنسيق في شأنه مع رئيس الحكومة تمام سلام وزعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط، وسيلتقي في الساعات المقبلة أيضاً عون. وأشارت مصادر رسمية الى أن تصور المشنوق لمسألة المدير العام لقوى الأمن يفصل هو الآخر بين هذا الأمر وبين قيادة الجيش، وعلى قاعدة أنه من غير الجائز طرح مسألة القادة العسكريين في الإعلام وإخضاعها للتجاذب السياسي في ظروف تخوض المؤسسة العسكرية بكل فروعها معارك ضد الإرهاب وتواجه تحديات تتعاطى معها بنجاح على الحدود وفي الداخل. وأفادت المصادر بأن تحرّك المشنوق يمهّد لطرح تصوره قبل حزيران، ولا يقوم على اعتماد اقتراح بعضهم تعيين الأكبر سناً في مكان من تنتهي مدته، لأنه تدبير موقت يجري اعتماده فقط في حال سفر الأصيل أو مرضه لفترة وجيزة وبالتالي لا يؤمّن ديمومة العمل وفق الحاجات الملحة الحالية في المؤسسة الأمنية. وكان موضوع التعيينات في المناصب القيادية العسكرية أثير أول من أمس أيضاً في جلسة الحوار الثانية عشرة بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» برعاية الرئيس بري ممثلاً بوزير المال علي حسن خليل. وأوضحت مصادر المتحاورين أن «حزب الله» أكد دعمه موقف عون وسعيه إلى تجنب التمديد للقادة العسكريين، لكن الحزب أبدى حرصه على ضرورة الإبقاء على الحكومة وعدم تعريضها لانتكاسة نتيجة الخلافات لأن البلد لا يحتمل فراغاً جديداً، إلى الفراغ الرئاسي. وقالت مصادر المجتمعين إن ما نص عليه البيان عن ضرورة «متابعة الحوارات المفتوحة» تشجيع على اللقاءات الحاصلة حالياً بحثاً عن مخارج للخلافات، لأن هذه الحوارات إطار يسمح باستيعاب التصعيد الذي يلوّح به عون وحفظ خط الرجعة. الحوار يثير مسألة عرسال كما أثير في الجلسة كلام الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، فاستفسر «المستقبل» عن تهديده بخوض معارك في جرود عرسال إذا لم يتولّ الجيش طرد المسلحين، واعتبر «المستقبل» أن هذا الكلام له تداعيات ويسبب المزيد من الاحتقان الذي يسعى الحوار الى خفضه. كما ذكّر «المستقبل» بسعيه الى معالجة وضع عرسال واقترح نقل المخيمات التي يمكن أن يحتمي بها المسلحون إلى خارج عرسال على أن يتم توزيعها في مناطق أخرى وألا تكون حاجزاً يحول دون مواجهة الجيش المسلحين، لكن لم يكن هناك تجاوب مع الفكرة من الحزب. وكان النائب ألان عون قال باسم وفد التكتل بعد زيارة السنيورة «استطعنا تقريب وجهات النظر. هناك خلافات حول مفاهيم كالانتخابات والتعيينات الأمنية، ونأمل نزع الحواجز التي تمنعنا من الوصول إلى نتيجة ترضي جميع اللبنانيين». أما عضو «المستقبل» أحمد فتفت الذي شارك في اللقاء فتحدث عن «تلاقٍ بين التيارين في نقطتين أساسيتين: اتفاق الطائف، إذ أعلنوا التزامهم به وأنهم لا يطرحون أي تعديل دستوري وأبلغونا أنهم لم يتحدثوا عن «استفتاء» لانتخاب الرئيس وإنما عن استطلاع رأي، فأبلغناهم، إما الاتفاق السياسي على مرشح كما حصل في الدوحة، وإما النزول إلى المجلس النيابي، ولتأخذ الديموقراطية مجراها. والثانية صلاحيات المحكمة العسكرية التي سيُراجعونها، وطلبنا منهم أن يدرسوا الاقتراح الذي تقدم به الرئيس الحريري منذ سنتين، والقائم على استكمال تطبيق الطائف من خلال تسجيل «إعلان بعبدا» المتعلق بتحييد لبنان في مقدمة الدستور، انتخاب مجلس الشيوخ وفقاً للقانون «الأرثوذكسي»، إجراء انتخابات نيابية وفق قانون الدائرة الصغرى ولكن أن تكون مختلطة للحفاظ على صيغة العيش المشترك إضافة إلى اللامركزية الإدارية، وأبدى التكتل استعداده لدرس هذه الاقتراحات». ولفت إلى أن «السنيورة ابلغ الوفد ان اختيار قائد الجيش سياسي ولرئيس الجمهورية دور فيه». والتقى الوفد كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد الذي قال: «علينا الالتقاء على المخرج الوطني الذي نتوافق عليه جميعاً لنملأ الفراغ في الرئاسة». ورحب الرئيس نجيب ميقاتي خلال لقائه وفد التكتل «بأي مبادرة تخرج لبنان من مأزق الرئاسة تحت مظلة الطائف».