لقي الرئيس الكوبي راوول كاسترو، في زيارته الأولى إلى الفاتيكان، استقبالاً حاراً من البابا فرنسيس الذي أدى دوراً رئيسياً في اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات بين واشنطن وهافانا. وكان الفاتيكان كشف وساطة شخصية للبابا الذي وجّه رسالة إلى كلّ من كاسترو ونظيره الأميركي باراك أوباما، كما استقبل الفاتيكان سراً وفدين من البلدين في تشرين الأول (أكتوبر). ومهّد وزير خارجية الفاتيكان السفير البابوي السابق إلى فنزويلا بيترو بارولين، والمسؤول الثالث في الفاتيكان السفير البابوي السابق في هافانا جيوفاني أنجيلو بيشيو، لاتفاق التطبيع بين كوباوالولاياتالمتحدة. وأعلن الناطق باسم الفاتيكان فيديريكو لومباردي أن الرئيس الكوبي التقى البابا فرنسيس ساعة و «شكره على وساطته بين كوباوالولاياتالمتحدة». والاجتماع طويل على غير العادة للبابا، خلال زيارة وُصفت بأنها خاصة جداً وغير رسمية، علماً أن البابا نادراً ما يُجري اجتماعات رسمية الأحد. وأتاح البابا هذا الاستثناء عندما طلب كاسترو التوقف في روما في طريق عودته من موسكو، لشكره على وساطته. وأشار لومباردي إلى أن اللقاء «الودي» كان فرصة لمناقشة زيارة البابا إلى كوبا في أيلول (سبتمبر) المقبل، قبل توجّهه إلى الولاياتالمتحدة. وتبادل كاسترو والبابا فرنسيس هدايا، إذ قدم الأول للرئيس الكوبي ميدالية للقديس مارتين التوروزي، الضابط المعروف في التاريخ المسيحي بأنه قسّم معطفه الى جزءين ليعطي جزءاً منه إلى متسوّل. وقال البابا: «علينا أن نُلبس الفقراء ونرتقي بهم». كما أهدى البابا كاسترو نسخة من الإرشاد الرسولي الخاص به «إنجيل الفرح». أما الرئيس الكوبي فقدّم للبابا لوحة للفنان الكوبي ألكسيس ليفا مشادو، مستوحاة من الهجرة غير الشرعية إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. وذكر لومباردي أن اللوحة تمثّل صليباً من سفن غارقة في البحر. وأشاد كاسترو بالبابا قائلاً: «إنه يسوعي، وأنا كذلك في شكل ما، إذ درست دوماً في مدارس يسوعية». وأضاف: «عندما يذهب البابا إلى كوبا في أيلول، أعِدْ بأن أذهب راضياً إلى كل القداديس التي سيرأسها. أقرأ كل خطب البابا، ومقالاته، وإذا تابع على هذا المنوال، سأعود إلى الصلاة وإلى الكنيسة، وأنا لا أمزح». وبعد لقائه البابا، اجتمع كاسترو في روما برئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي. وكان الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، شقيق راوول، زار الفاتيكان عام 1996، والتقى البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، ممهداً لزيارة الأخير إلى كوبا بعد سنتين. وخلال زيارته هافانا عام 1998، قال البابا يوحنا بولس الثاني: «ليفتح العالم أبوابه لكوبا، ولتفتح كوبا أبوابها للعالم»، علماً أن البابا فرنسيس رافقه آنذاك، وكان أسقف بوينس آريس خورخي بيرغوليو. وطالب البابا الراحل هافانا بالانفتاح وإطلاق السجناء السياسيين، ومعظمهم ناشطون كاثوليك، علماً أن الفاتيكان حافظ على مسافة من معارضي كاسترو المقيمين في ميامي، والذين يطالبون بإطاحة النظام. وحين كان كاردينال بوينس آريس، اهتم البابا فرنسيس شخصياً بالملف الكوبي، كما كتب مقالاً عام 1998 في عنوان «حوار بين يوحنا بولس الثاني وفيدل كاسترو». والعلاقات الجيدة بين كوباوالفاتيكان ناتجة أيضاً من دور مهم أدته الكنيسة الكوبية في الجزيرة، خصوصاً كاردينال هافانا خايمي لوكاس أورتيغا، إذ فرضا نفسيهما محاورين للنظام. وبزيارة البابا فرنسيس المقبلة، تكون كوبا استضافت ثلاثة بابوات خلال أقل من عقدين، إذ إن البابا السابق بنديكتوس السادس زارها عام 2012، والتقى فيدل كاسترو.