قرر الاتحاد الأوروبي عقد قمة استثنائية بعد غد الخميس، مخصصة لملف الهجرة غير الشرعية، بعد غرق مركب أقلَّ 700 مهاجر في البحر المتوسط قبالة سواحل ليبيا، وآخر أقلّ 300 مهاجر سري في المياه الدولية، إضافة إلى سفينة شراعية قبالة جزيرة رودس اليونانية جنوب شرقي بحر إيجه، ما حول المتوسط الى «بحر الموت». وأعلن خفر السواحل الإيطالي نجاة 28 شخصاً فقط من كارثة غرق المركب قبالة سواحل ليبيا، وانتشال 24 جثة، في حين لم يُعرف مصير المهاجرين على المركب المنكوب في المياه الدولية. أما السلطات اليونانية، فتحدثت عن سقوط 3 قتلى أحدهم طفل، وإنقاذ 80 على متن السفينة الشراعية قبالة جزيرة رودس نقل منهم 23 الى المستشفى. وفيما يعتقد خبراء كثيرون بأن غالبية هذه الحوادث كان يمكن تفاديها، قال وزير الخارجية الفرنسي السابق برنار كوشنير وأحد مؤسسي منظمة «أطباء بلا حدود» للإغاثة: «أوروبا كلها تتحمل ذنب عدم مساعدة مئات من المهاجرين في حال الخطر، لذا نطالب بإنشاء أسطول إنقاذ أوروبي يضم زورقاً واحداً من كل الدول الأعضاء في الاتحاد». ويطبق الاتحاد منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 عملية «تريتون» لحماية الحدود، والتي حلت بدلاً من عملية «بحرنا» الإيطالية، لكنها تواجه انتقادات بسبب نطاقها الصغير وقدراتها المحدودة على تنفيذ مهمات إنقاذ. وعلى هامش اجتماع طارئ عقده وزراء الخارجية والداخلية الأوروبيون في لوكسمبورغ أمس، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني: «لا مزيد من الأعذار لعدم تحرك دول الاتحاد بعد الحوادث الأخيرة في البحر المتوسط، ويجب أن يحصل ذلك فوراً». وتابعت: «مثلما أثارت الهجمات الإرهابية في باريس مطلع السنة رداً مشتركاً، يجب أن توّلد الحوادث الأخيرة الزخم لإيجاد سياسة مشتركة للهجرة. المسألة الرئيسة هنا هي بناء حسّ مشترك من المسؤولية الأوروبية، علماً أنه لا يوجد حل سهل أو سحري». وصرح وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني: «سمعة الاتحاد الأوروبي على المحك. لا يمكن أن يكون لدينا مشكلة أوروبية وحل إيطالي»، علماً أن حكومات أوروبية كثيرة تحجم عن تمويل عمليات الإنقاذ في البحر المتوسط خوفاً من أن يشجع ذلك مزيداً من الناس على محاولة عبور البحر بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا. وفعلياً، تركت دول شمال الاتحاد عمليات الإنقاذ بالكامل لدول جنوبية، في مقدمها إيطاليا. وأنقذ خفر سواحل هذه الدول حوالى 11 ألف مهاجر خلال أسبوع، في وقت تقدر الأممالمتحدة ب 3500 على الأقل عدد الأشخاص الذي قضوا خلال عبورهم البحر المتوسط هرباً من الفقر والصراعات الحربية في أفريقيا والشرق الأوسط. وكشفت وثيقة أوروبية مسرّبة أن الاتحاد يدرس إرسال سفن حربية إلى الساحل الليبي للتصدي لمهربي النفط والسلاح، لكنه يخشى أن تشجع هذه الخطوة على خروج مزيد من المهاجرين الى البحر بأمل أن تنقذهم هذه السفن، وتنقلهم إلى أوروبا. وتقترح بريطانيا ملاحقة المهربين في شمال أفريقيا الذين يتقاضون آلاف الدولارات لنقل الناس على قوارب مطاطية وزوارق صيد. وقال وزير خارجيتها فيليب هاموند: «حل أزمة المهاجرين يجب أن يتضمن استهداف المجرمين الذين يديرون عمليات التهريب». ولم يستبعد رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، احتمال تنفيذ «إجراءات محددة الأهداف» ضد مهربي المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، لكنه استدرك أن «فرضية تدخل عسكري لإرساء الاستقرار في ليبيا غير مطروحة». الى ذلك، تؤيد النمسا اقتراح إيطاليا إنشاء مخيمات في الشرق الأوسط وأفريقيا تسمح بطلب الناس اللجوء في أماكنهم من دون الحاجة إلى المخاطرة بحياتهم للعبور من البحر المتوسط إلى أوروبا. وأيضاً تريد إيطاليا أن تلعب مصر وتونس دوراً في إنقاذ زوارق المهاجرين الغارقة في البحر المتوسط، تمهيداً لنقل الناجين إلى موانئ في شمال أفريقيا. ولا يخفى أن الاتحاد الأوروبي يأمل بنجاح الأممالمتحدة في التوسط لإبرام اتفاق سياسي بين الحكومتين المتنافستين في ليبيا، معتقداً أن هذا الأمر سيُخفف الضغط في مسألة الهجرة. ويفترض أن يقدم المفوض الأوروبي لشؤون المهاجرين ديميتريس أفراموبولوس تقريراً عن «استراتيجية جديدة للاتحاد حول الهجرة» في منتصف أيار (مايو).