كل ما أعرفه أن المقطع استفزني وأغضبني بشدة كما استفز وأغضب الكثيرين والكثيرات، وكل ما أعرفه أن الطفلة ربما لا تتعدى العامين وأنها كانت في وضع خطر للغاية. الذي شاهدناه في مقطع بنت المسبح الشهير (على اليوتيوب) يترجم الإهمال بعينه وثقافة الملكية، فبعض المعلقين غير الغاضبين يرون المشهد خالياً من العنف لأنه بحسب فهمهم وثقافتهم (أبوها وهو حر فيها)! فهل هو حر فيها كما يعتقدون؟ أليس ما فعله يشكل خطورة كبيرة على حياة البنت وعلى نفسيتها أيضاً؟ هل ما زلنا نعتبر الأبناء ملكية خاصة لا يجوز أن يتدخل احد في سلوكيات الأسرة «تجاههم»! «خلها تشرب مويا» واحدة من الألفاظ التي سمعتها تتكرر في المقطع، ربما يكون الوالد حسن النية ويريد فقط أن يعلمها السباحة، ويجعلها لا تهاب المسبح! ولكن هل اتبع الطريقة السليمة؟ الم يعرض حياة طفلته للخطر؟ هذا المشهد - وغيره - يجعلني أعود لأكرر بأن الزواج والأبوة والأمومة مسؤولية كبيرة، ينبغي أن يمارسها من هو أهل لها فقط، والفحص الطبي الذي تم اعتماده أخيراً ليس كافياً بمفرده لأن يكون الوالدان مؤهلين نفسياً وثقافياً واجتماعياً لتحمل تبعات الأبوة والأمومة. واعتبر نفسي واحدة من أشرس المعارضات للزواج المبكر للذكور والإناث، نظراً لعدم توافر الوعي الكامل لديهم في سن مبكرة، ونظراً لعدم وجود برامج ثقافية واجتماعية وتدريبية قبل الفرح بإنجاب الأطفال الذين هم أمانة قبل أن يكونوا زينة الحياة الدنيا! ماذا نتوقع من أم عمرها 11 عاماً؟ كيف ستتصرف مع طفلها؟ وإلامَ نستند لضمان قيامها بمسؤولياتها نحوه خير قيام؟ ماذا نتوقع من مراهق يتزوج وعمره 15 عاماً ما مؤهلاته وقدراته النفسية التي تؤهله لقيادة أسرة إذا كان الوالد كما بدا في المقطع في عمر الثلاثين أو اكبر وقام بتصرف ارعن ينقصه الحكمة والوعي والمسؤولية؟ أعود وأقول ليس الهدف محاكمة الأب فقط، وإنما الهدف نشر الوعي بأن الأبناء ليسوا ملكية خاصة، أرواحهم وأجسادهم أمانة لدينا، وسنحاسب عن أي تقصير تجاههم أمام رب العالمين وأمام الجهات الرقابية، والهدف كذلك تبصير الناس من خلال دورات وبرامج وإعلانات مدروسة عن معنى الرعاية والولاية والمسؤولية. [email protected]