لامست كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خطابه الأخير عن كارثة جدة شغاف قلوب المجتمع السعودي، ما دفع عدداً من الأكاديميين والعلماء والإعلاميين المهتمين بقضايا الإصلاح والعدل والفساد إلى تأسيس صفحة في الموقع الشهير «فيس بوك» بعنوان: «مواطنون ضد الفساد»، شددوا فيها على أنه «بوجود الفساد الجميع يدفع الثمن». وتهدف هذه الحملة التي تزامنت مع التوجيه الملكي إلى مساندة التوجّه الملكي في حملته ضد الفساد، وتفعيل الوظيفة الرقابية للمجتمع، وذلك في ظلّ تقصير الهيئات الرقابية الرسمية، ما أسهم في حدوث كارثة جدة، والحصول على الأخبار والمعلومات الخاصة بأعمال اللجنة التي كلفها الملك بالتحقيق في الكارثة ونشرها للجمهور، لتحقيق التواصل بين اللجنة وبين فعاليات المجتمع المدني، ومتابعة صرف التعويضات التي أمر بها الملك للمتضررين. وبلغ عدد المنضوين تحت لواء الصفحة نحو ألف عضو، ويشرف على هذه الحملة عبدالله المالكي والدكتور محمد العبدالكريم والدكتور مبارك الزعير والصحافي نواف القديمي وهاشم الرفاعي ووليد أبو الخير. وساند الدكتور سلمان العودة الحملة من بريطانيا برسالة بعثها للدكتور العبد الكريم قال فيها: «شرع الدين محاربة الفساد والمفسدين بالوسائل كافة، على أن التركيبة الاجتماعية والثقافية السائدة تجعل الفساد مسوغاً في نظر الكثيرين، وتسميه بغير اسمه، وبذا تبدو مكافحة الفساد مهمة غير مهمة، ويصبح الفساد فيروساً يتهرب من العلاجات، ويتخفى تحت عدد من المسميات، ويتحصن بمراكز القوة والتأثير، ويعرف كيف يعمل وكيف يخطط». وذكر عبدالله المالكي أن الحملة الشعبية «مواطنون ضد الفساد»، «هي محاولة متواضعة نرجو منها أن تؤتي ثمارها الطيبة لهذا الوطن، إذا صدقت النيات وحضرت عزائم الرجال». وأوضح الدكتور محمد العبدالكريم أنهم يسعون لنشر هذه الصفحة وذلك بتزويد الأعضاء بلائحة من أسماء الكتاب والمسؤولين الشرفاء ممن شهد لهم الناس بالنزاهة والصدق (فأنتم شهداء الله في أرضه )، «ستجدون في الأيام المقبلة لائحة شرف تتجدد بين حين وآخر، فهذا واجب أدبي وأخلاقي لكل هؤلاء المخلصين فهم أجدر بالتصدير والريادة». كما وجد مقال الكاتب في صحيفة الوطن محمد الرطيان بعنوان: «محاولة لقراءة «كائناً من كان»! تعليقاً من رواد الصفحة، إذ يقول فيه: «كائناً من كان»: هي العبارة التي ندور حول حماها ولا نستطيع أن ندخل إلى الحمى، «كائناً من كان»: تعني أن النقد ارتفع صوته.. وتجاوز اللحم.. وهو يقف على أطراف العظم!، «كائناً من كان»: لا تتحدث عن «كائنات فضائية»، هي تتحدث عن كائنات أرضية نعرف أسماءها ولا نستطيع أن نؤشر بأصابع الاتهام إليها. «كائناً من كان»: تعني أن سقف الحرية ارتفع في عهد أبي متعب.. وصارت أقلامنا «تلمّح» وقريباً – بحول الله – «تصرّح». «كائناً من كان»: تعني أن الغفير والوزير والغني والفقير سيحاسبون على ما فعلوه». أما الإعلامي والكاتب نواف القديمي (من مؤسسي الصفحة) فقال في نهاية مقاله بعنوان «مواطنون أنهكهم الفساد»: «يجب ألا يبقى ملف الفساد الأسود في وطننا مطموراً تحت الأراضي المنهوبة، وألا يبقى قصة يتحدث بها الناس بصوت خفيض في مجالسهم الخاصة مصحوبة بالآهات وربما الدعاء على السرّاق وناهبي المال العام.. بل يجب أن يُشرع الباب على مصراعيه للحديث عن الفساد والنهب المنظم الذي ستتجرع أجيالنا القادمة كثيراً من مائه العكر، وربما قامت بالدعاء علينا لأننا اكتفينا بالامتعاض الصامت والحوقلة المكتومة».