جدة، المدينة الساحرة مدينة الليل والسهر وعروس البحر الأحمر... تغرق... تغرق...! ما أكثر الميادين في جدة... وما أكثر المشاريع التي تبدأ ولا تنتهي... ويوم أن تنتهي يأتي المطر ليكشف حقيقتها...! وما أكثر الضجيج في هذه المدينة ذات الكاريزما العجيبة...! وما أكثر الأمناء الذين تعاقبوا عليها... ولكن...! كل ذلك لم يمنع الكارثة. هناك أساسيات وضروريات، وهناك في المقابل ما يسمى بالكماليات...! «أمناء جدة» منذ ما يقارب ثلاثة عقود، اهتموا بالكماليات أكثر من اهتمامهم بتنفيذ المشاريع الحيوية والمهمة...! لقد حولوا جدة إلى مدينة ل«العبارات الرنانة» كتلك التي تقول «ابتسم أنت في جدة»...! أسأل... من هو الذي يبتسم الآن في جدة؟ قبل أن يهطل «مطر الأربعاء» لا أعتقد أن أحداً كان يسير في شوارع جدة يمكن أن يبتسم...! تدرون لماذا؟ لأن شوارع جدة كافة معطلة ومغلقة، وقد استبدلت ب«تحويلات» مع وجود عبارة مستهلكة، رفعت الضغط عند أصحاب المركبات مكتوب عليها: «نعمل من أجلكم ونأسف لإزعاجكم»! فكيف تأتي الابتسامة بعد كارثة الأربعاء؟ مياه الأمطار تقتحم منازل المواطنين الطيبين والبسطاء... تغمر المساجد...! العشرات من الغرقى... العشرات من المفقودين... تلف مئات السيارات...! صحيح أن باستطاعتنا أن نعوّض ما ضاع من المتضررين وما أتلف من مركباتهم وحاجاتهم، لكن ليس باستطاعة أحد أن يعيد ابناً لأمه، أو أباً لأبنائه وأسرته سرقته سيول الأربعاء! آه يا جدة «فديتك يا مدينتي الحبيبة» متى تنتهي معاناتك أيها العروس؟ كنت أمرّ في أحد الشوارع، حيث وُضعت لوحة بطول 10 أمتار كُتب عليها عبارة: «جدة أمانة في أعناقكم فحافظوا عليها»، وجاء أسفل هذه العبارة توقيع ب«أمانة محافظة جدة»! لاحظت أن هناك من سعى إلى طمس مسمى «أمانة»، واستبدل بها «خيانة»، وهذا قد يبدو أمراً طبيعياً، ولكنني لست مع التعميم، فنحن لا ندخل في الذمم، ولا يمكن أن نصدر التهم على أحد، ولكن الجميع في رأيي الشخصي مسؤولون عما يحدث لمدينة جدة! لكن ما هو دورنا نحن كرياضيين والذي يجب أن نقوم به من أجل جدة، لا سيما أن جدة تمتلك الناديين الكبيرين «الاتحاد والأهلي»؟، وهنا أقترح على إدارتي الناديين الرفع لاتحاد كرة القدم بتضامنهما مع ضحايا سيول جدة، ورغبتهما في الطلب من الشركات الراعية دعم فكرة اقامة مباراة بينهما، تضامناً مع ضحايا كارثة السيول ويوزع دخل المباراة على ذوي الضحايا. ويمكن أن تعمم الفكرة على الأندية الأخرى، بحيث تخصص جولة هذا الأسبوع للتضامن مع ضحايا ومنكوبي فيضانات الأربعاء الماضي، وهذا أقل ما يمكن أن يقدمه الرياضيون لإخوانهم المواطنين المتضررين في شرق جدة! لكن يا جدة... ابشري بالخير من ملك الخير... ملك يتدفق حباً... ويهطل مطراً وبلسماً... من لنا غيرك بعد الله...؟ يا أبانا كلنا... يا أبا متعب... أنت الذي تشعر بمواطنيك... لقد مسحت دموع اليتامى... وواسيت المكلومين... وأعنت العجزة والمحتاجين... وداويت جراح المصابين... حفظك الله. [email protected]