عشية جولة مفاوضات قد تكون حاسمة، تبدأ في سويسرا اليوم، اشترطت إيران لإبرام اتفاق يطوي ملفّها النووي، قبول الغرب «الحقائق» ورفع العقوبات المفروضة عليها. ويلتقي وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف، اليوم في مدينة لوزان السويسرية، في جولة يُرجّح أن تستمر حتى الأحد المقبل، ويحاول الجانبان خلالها تذليل عقبات تعرقل إبرام إطار لاتفاق سياسي بحلول نهاية الشهر. وقد ينضمّ إلى كيري وظريف، وزراء خارجية بلدان أخرى في مجموعة الست (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا). وقبل توجّهه إلى لوزان، انتقد كيري معارضي الاتفاق، إذ تساءل أمام سفراء الولاياتالمتحدة: «ماذا سيحدث إذا تخلّينا، كما يقترح المنتقدون، عن خطة يعتبر سائر العالم أنها معقولة»؟ وتابع: «ستنهار المحادثات، وستكون إيران قادرة على إعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي، وتخصيب اليورانيوم بالنسبة التي تريدها، ولن تصمد العقوبات» المفروضة عليها. وأضاف أن من واجب إدارة الرئيس باراك أوباما «تأمين اتفاق جيد، يغلق المسارات الأربعة لصنع سلاح نووي». ودعا منتقدي المفاوضات إلى طرح «بديل واقعي قابل للتطبيق»، وزاد: «لم أرَ أي شخص يفعل ذلك». وقال الوزير الإيراني قبل توجّهه إلى لوزان، إن وفد بلاده «سيبذل قصارى جهده» في هذه الجولة. وسُئل عن التزام الوفد توجيهات مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، في شأن إلغاء كامل للعقوبات، من أجل التوصّل إلى اتفاق، فأجاب أن «الحكومة تصرّ على هذا الموقف منذ البداية». أما مجيد تخت روانجي، عضو الوفد الإيراني، فأشار إلى أن «الخلافات باتت قليلة جداً»، وزاد: «ما زالت هناك مسألة أو اثنتان نأمل بتسويتهما في أفضل شكل ممكن». واستدرك: «ليس سهلاً توقّع النتائج، وهذا يتوقّف على الطرف الآخر الذي لا بد أن يتقبّل الحقائق، ويتفهّم أن عليه التخلي عن سياسة العقوبات على إيران، إذا أراد التوصّل إلى نتيجة». واعتبر أن المفاوضات «بلغت مرحلة تُحتّم اتخاذ قرارات جدية»، معرباً عن أمله بأن «يتمكّن الطرف الآخر من اتخاذها». وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أبلغ ظريف في اتصال هاتفي أن «المفاوضات بلغت المرحلة النهائية من الماراثون»، مضيفاً: «التوصل إلى اتفاق هو اتجاه العصر وإرادة الشعب، وهو أمر يتفق مع المصالح المشتركة وبعيدة المدى لجميع الأطراف، بما في ذلك إيران». في غضون ذلك، رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما التعليق على تقرير أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال»، أفاد بتجسس إسرائيل على المفاوضات بين طهران والدول الست، وتسريبها معلومات لأعضاء في الكونغرس، محاولةً إحباط اتفاق محتمل. واكتفى أوباما بتأكيد إطلاع إسرائيل وشركاء آخرين في المنطقة، على التقدّم في المفاوضات التي شدد على أنها لن تُسفر عن اتفاق، إلا إذا كانت الولاياتالمتحدة واثقة من أنها ستمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. وذكّرت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي، بأن واشنطن كانت «تحدثت سابقاً عن مخاوفها في شأن تسريب معلومات حساسة»، مشيرة إلى «اتخاذ تدابير لتبقى المفاوضات سرية». واستدركت: «ما زلنا نجري مشاورات مستمرة مع إسرائيل». وذكرت أن إدارة أوباما ستتابع إطلاع المسؤولين الإسرائيليين على نتائج المفاوضات، وزادت: «أُطلِع الكونغرس في شكل موسّع ودقيق ومستمر (على نتائج المفاوضات)، ولذلك أن يحتاج إلى معلومات من دولة أجنبية (في هذا الشأن)، هو أمر غريب». ومنذ تشرين الأول (أكتوبر) 2013، أجرى مسؤولون أميركيون 230 اجتماعاً واتصالات مع أعضاء في مجلسَي الشيوخ والنواب، لإطلاعهم على مضمون المفاوضات. إلى ذلك، أعلن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، أن المجلس سيصوّت على مشروع قانون يشدّد العقوبات على إيران، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الشهر، كما سيطرح مشروع قانون يطالب أوباما بإحالة أي اتفاق نووي على الكونغرس للمصادقة عليه. في نيويورك، اعتبر المندوب الفرنسي لدى الأممالمتحدة فرنسوا دولاتر، أن المفاوضات مع طهران بلغت «مرحلة حاسمة». وقال خلال اجتماع لمجلس الأمن في شأن العقوبات المفروضة على إيران: «حققت المفاوضات تقدماً، ما زال غير كافٍ». وأشار إلى «خلافات في شأن تطوير (البرنامج) النووي الإيراني والبحوث الخاصة به، وحول تسوية مسألة العقوبات»، وزاد: «على إيران اتخاذ خيارات صعبة، إذا أرادت استعادة ثقة المجتمع الدولي. نحن مصممون على التوصل إلى اتفاق راسخ يُمكّننا من ضمان الأهداف السلمية للبرنامج النووي الإيراني على المدى البعيد». إلى ذلك، أفادت وكالة «رويترز» بأن إيران تخزّن أكثر من 20 مليون برميل من النفط الخام على ناقلات عملاقة ترسو قبالة سواحلها، جاهزة لشحنها إلى عملائها فور إبرام اتفاق نووي.