يعوّل اليمنيون على الدعوة الاخيرة التي أطلقها الرئيس علي عبد الله صالح للحوار بأن تشكل نهاية حقيقية للمخاطر التي تواجه بلادهم جراء حرب صعدة والمطالبات بانفصال الجنوب ومخاطر تنظيم القاعدة، بعد إعلانه أن اليمن هو المقر الرئيس له في الجزيرة العربية. وقال رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن عبد الحفيظ النهاري اليوم الاحد ليونايتد برس انترناشونال إن دعوة صالح عشية عيد الاضحى "جاءت مخالفة لباقي الدعوات السابقة للحوار من خلال تجديد دعوته لكافة القوى السياسية والحزبية في السلطة والمعارضة، إلى الجلوس إلى طاولة الحوار". واشار النهاري إلى أن وجه الاختلاف فى هذه الدعوة جاء من خلال الجهة التي ترعى الحوار وهي "مجلس الشورى" لمناقشة كافة القضايا والتحديات التي تواجه الوطن في الوقت الراهن ومنها صعدة، والأعمال الخارجة على القانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية والشرقية،وتهديدات الخطر الإرهابي للقاعدة. ومجلس الشورى اليمني هو" الغرفة الثانية بعد البرلمان "، ويضم لفيفاً من وزراء سابقين وشخصيات اجتماعية قبلية مهمة فى تركيبة المجتمع اليمني ،اضافة الى مستقلين وممثلين عن الاحزاب السياسية. واكد النهاري على أن الحوار "سيشمل الأوضاع الاقتصادية وقضايا أخرى تهم الوطن، وصولاً إلى اصطفاف وطني لمجابهة هذه التحديات، والتوافق حول قواسم وطنية مشتركة يلتقي حولها الجميع ويدافعون عنها ويعملون على تأصيلها وترسيخها في ممارستهم للعمل السياسي والجماهيري والحزبي". وقال "لا تقتصر الدعوة على أحزاب القاء المشترك، بل تتجاوزهم إلى الأحزاب السياسية المعارضة الأخرى، وتشمل إشراك منظمات المجتمع المدني، كما أنه تم تحديد سقف ومرجعيات الحوار والمتمثلة في مرجعيات : الجمهورية والوحدة والديمقراطية". وأضاف " كل طرف وأي طرف يوافق على هذه المرجعية سيكون مشمولا في الحوار". وفي رد على سؤال بأن الدعوة تتضمن أيضا المعارضة فى الخارج والمتمردين الحوثيين قال " كل من يمتثل للمرجعيات الدستورية الثلاث معني بالحوار ". من جهتها رحبت المعارضة اليمنية ممثلة ب "اللقاء المشترك " بالدعوة ولكن بتحفظ. وقال الرئيس الدوري الاعلى للقاء المشترك حسن زيد، أمين عام حزب الحق ليونايتد برس انترناشونال " نحن لسنا ضد الحوار من الاصل، لكن على أن يكون إيجابيا بنّاء يخرج بنتائج عملية نلمسها على أرض الواقع ". وأضاف زيد " ورغم ان الدعوة للحوار ترافقت للاسف مع تصعيد كلامي غير متوقع، خصوصا والمناسبة دينية "فى إشارة إلى خطاب صالح عشية عيد الاضحى ،متمنياً " أن يلهم القيادة السياسية الاستجابة لدعوات المشترك واللجنة التحضيرية وأصدقاء اليمن وأشقائه للحوار الوطني الجامع والجاد". وأكد في الوقت ذاته "أهمية الحوار لمعالجة كل أزمات اليمن وتطوير النظام السياسي" فيه. وكانت أحزاب "اللقاء المشترك " استبقت دعوة صالح للحوار عندما أعلنت الاربعاء الماضي ترحيبها بدعوة وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي " لإصلاح الاوضاع المنفلتة فى اليمن " عبر الحوار بين السلطة والمعارضة، والتي تمثل وجهة دول مجلس التعاون الخليجي. لكن الصحافي المستقل محمد الغباري كان له رأي آخر حيال دعوة صالح حيث قال " الاقتصاد الوطني لم يعد بمقدوره الوفاء بالالتزامات للملايين من الفقراء، ومع هذا فإننا نغوص في حرب مدمرة تدور رحاها منذ سنوات في صعدة، ونواجه نشاطاً سياسياً في الجنوب يرتكز على العداء للجغرافيا، وحكماً عاجزاً عن فعل ما يؤكد أن لديه إمكانية لمعالجة أية مشكلة من المشاكل". بيد أن الصحافي أحمد الزرقة الذي يعمل فى وزارة الاعلام اليمنية خالف الغباري الرأي قائلا "على الرغم من صعوبة الأوضاع في اليمن سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وحدّة النزاعات والاقتتال في شماله وجنوبه وتنامي نفوذ تنظيم القاعدة واستشراء الفساد وتعطل الحياة السياسية ،إلا أنه مازال بالإمكان السيطرة على تلك الفوضى ". وأكد الزرقة أن استثمار ما يحصل لصالح إعادة بناء اليمن لن يتأتى إلا بوجود رغبة حقيقية من الأطراف اليمنية أولاً لإصلاح تلك الأوضاع ،وهو ما يتطلب تحليها مع النخب السياسية بقدر كبير من الشجاعة والمسؤولية للجلوس إلى طاولة الحوار من أجل اليمن وليس من أجل تغليب مصلحة طرف على آخر. وشدد على أنه لتحقيق ذلك" لابد من تخفيف الخطاب الإعلامي والسياسي وتهذيبه، بعيدا عن لغة الإقصاء والتهميش وكيل الاتهامات بين السلطة والمعارضة، فالطرفان على السواء يتحملان قدرا من المسؤولية في إيصال اليمن لوضعه الراهن". ويجمع مراقبون وتقارير دولية على أنه فى حال فشل الدعوة الاخيرة لصالح واستمرار الوضع على ما هو عليه، فإن اليمن الذي يعاني من مشكلات في الشمال والجنوب وتعثر في التنمية وسيطرة العسكر والقبائل وتمرد الحوثيين وعمليات تنظيم القاعدة، سيكون مهدداً ليس بانفصال الجنوب عن الشمال فحسب، ولكن أيضاً لتقسيمه على أساس طائفي .