لم يصمد رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان طويلاً أمام الضغط النفسي والسياسي الذي مارسه الرئيس رجب طيب أردوغان عليه، وقرر سحب ترشحه للانتخابات والعودة إلى رئاسة الاستخبارات حيث يحافظ على «أسرار الرئيس» كما قال أردوغان سابقاً. وكان أردوغان كرر في أكثر من مناسبة أنه مستاء من قرار فيدان وأنه لا يوافق على تركه الجهاز، على رغم توسط رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو للرجل، حتى حسم أردوغان الأمر في اجتماع الحكومة الذي استضافه في قصره الجمهوري للمرة الثانية منذ توليه الرئاسة، فأعلن للقاصي والداني أن الكلمة الأخيرة في الحزب الحاكم هي له وحده دون منازع ولو بعد حين، علما بأن الدستور يمنع أي تواصل سياسي أو تأثير من الرئيس على أي حزب على الساحة، اذ يفترض فيه الحياد. في المقابل، انتفضت المعارضة ضد عودة فيدان إلى جهاز الاستخبارات، واعتبر حزبا «الشعب الجمهوري» و «الحركة القومية» أنه لا تمكن فيدان العودة بعد أن تقدم بطلب ترشح على قوائم الحزب الحاكم وتقدم بطلب عضوية فيه، فيما الدستور ينص على أن تكون مؤسسة الاستخبارات حيادية وغير مسيسة. وقال الناطق باسم «حزب الشعب الجمهوري» مصطفى كوتش، إن «عودة فيدان إلى جهاز الاستخبارات تعني تسييس الجهاز، أو بالأحرى كشف ما هو حاصل فعلاً»، محذراً من تحول تركيا إلى دولة أمنية يخدم فيها الجهاز الحكومة والرئيس وليس الوطن. وفي الإطار ذاته، سرب مقربون من الرئيس السابق عبدالله غل إلى صحيفة «جمهورييت» المعارضة، أنه يفكر في رفض دعوة «حزب العدالة والتنمية» الحاكم للعودة إليه من جديد، لأن الحزب لم يبد أي مؤشر إلى الموافقة على توجهاته السياسية. وكان غل قد أعلن سابقاً رفضه مشروع أردوغان تحويل نظام الحكم في تركيا إلى رئاسي، وتحدث عن «خطأ» إقصاء العديد من القيادات القديمة في الحزب في الانتخابات المقبلة، بحجة التزام النظام الداخلي بمنع ترشح النائب لأكثر من 3 دورات برلمانية متتالية، اذ إن الغربلة القادمة ستطيح بكثير من رفاق غل داخل الحزب، مثل نائب رئيس الوزراء على باباجان وبولنت أرينش وحسين شيليك. ومن غير الواضح إذا كانت هذه التسريبات تعبر عن موقف نهائي لغل أم أنها أتت للضغط على الحزب، الذي يبدو أنه استنجد بغل بعد كشف استطلاعات الرأي تراجع شعبيته بين 5 و10 نقاط مئوية.