تمسك جهاز الاستخبارات والهيئة القضائية في تركيا، كل بموقفه، من قضية «التخابر» مع الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني المحظور، إذ رفض رئيس الجهاز هاكان فيدان ومعاونوه طلب مدعي عام المحكمة الخاصة صدر الدين صاري قايا المثول أمامه للإدلاء بشهاداتهم في القضية بصفتهم «مشبوهين»، فيما التزم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الصمت، على رغم ان السجال ذات انعكاسات مباشرة عليه وعلى حزب العدالة والتنمية الحاكم، باعتبار ان فيدان الذراع اليمنى لأردوغان ومستشاره في أهم القضايا الأمنية، وبينها الملف النووي لإيران والقضية السورية والعلاقات مع إسرائيل. وأرسل فيدان كتاباً رسمياً للاعتراض على طلب مساءلته في أمر يتعلق بوظيفته، مشيراً إلى أن قانون الاستخبارات يُعفي افرادها من الخضوع لاستجواب امام المحاكم في شأن مهماتهم الخاصة الا بعد نيل إذن خطي من رئيس الوزراء. لكن المدعي العام صاري قايا رفض حتى النظر في كتاب فيدان، وأصرّ في خطاب رسمي وجهه إلى الحكومة على مثول فيدان أمامه لاستجوابه، وأمر باعتقال المسؤولين الاستخباراتيين الأربعة الآخرين الذين امتنعوا عن تنفيذ قراره، وبينهم الرئيس السابق للجهاز إمرة طانر ومساعدته عفت غونيش، ما يشكل تحدياً قوياً لحكومة أردوغان وسياساتها. وتحدث نواب عن الحزب الحاكم بعد لقاء فيدان الرئيس عبد الله غل في القصر الجمهوري، عن عزم الحكومة إلغاء صلاحيات المحاكم الخاصة للخروج من المأزق الحالي وتفادي تكراره، مشيرين الى ان غل أبدى انزعاجه مما حدث وأعلن تأييده لفيدان وثقته به. ونقلوا عنه قوله إن «بعض المؤسسات يجب ان تتخذ خطوات حذرة لدى اتهامها مؤسسات أخرى في الدولة بالتقصير أو الإهمال». لكن تساؤلات دارت حول عدم اجتماع اردوغان مع فيدان أو التحدث اليه وتجنبه التعليق على السجال الدائر. ويرى محللون بأن السجال بين فيدان والقضاء يطلق «حرباً سياسية» بين الحزب الحاكم وشريكه التقليدي «جماعة النور» الدينية بزعامة رجل الأعمال الثري فتح الله غولان المقيم في الولاياتالمتحدة والمعروف بعلاقاته الجيدة مع واشنطن وتل أبيب، بسبب دعوته لما يسمى «الاسلام المعتدل والبعيد عن العنف». وتقول المعارضة إن «هذا التحالف سمح للجماعة بالتغلغل في المؤسستين القضائية والعسكرية، وبالمطالبة بحضورها في مؤسسة الاستخبارات أيضاً، في وقت يؤكد آخرون أن ما يحدث هو حملة تنفذها تل ابيب وجهات دولية اخرى بالتعاون مع جماعة غولان لتشويه سمعة فيدان الذي يحظى بثقة ودعم كبيرين من اردوغان خولاه حمل أسرار ملفات إقليمية مهمة وعززا دوره في وضع السياسات الخارجية لتركيا. وكان الضابط العسكري المتقاعد فيدان أول مسؤول أرسله أردوغان إلى دمشق مع بداية الأزمة السورية قبل نحو سنة. وهو زار الرئيس بشار الأسد مرتين، فيما يعمل حالياً على وضع حل سياسي للقضية الكردية عبر مفاوضات سرية مع حزب العمال الكردستاني.