اصطدمت أولى الخطوات الفعلية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من أجل استعادة السيطرة على قوات الجيش والأمن أمس، بتمرد قائد قوات الأمن الخاصة في مدينة عدن على قرار بإقالته وتعيين قائد عسكري يتردد أنه المسؤول المباشر عن قتل مؤسس جماعة الحوثيين قبل نحو عشر سنين، وسط أنباء عن توتر أمني تشهده المدينة، في ظل مخاوف من مواجهات بين ميليشيا «اللجان الشعبية» الموالية لهادي وقوات الأمن. في غضون ذلك، أطلع مبعوث الأممالمتحدة جمال بنعمر الرئيس اليمني في عدن أمس على نتائج مفاوضات القوى السياسية المتحاورة في صنعاء، وقال في بيان صحافي إنه أبلغ مجلس الأمن أنه محبط من عدم تجاوب الحوثيين مع قرار المجلس الأخير، مؤكداً أن أي طرف لا يمكنه أن يفرض بالقوة سيطرته على كل مناطق اليمن. وأشار بنعمر إلى وجود تقدم في المفاوضات، في حين أكد هادي خلال اللقاء تمسكه ب «المبادرة الخليجية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني». وقال: «تحكيم العقل والمنطق كفيل بأن يخرج البلد من الوضع المأزوم إلى واقع السلم والوئام». وتظاهر آلاف من اليمنيين في صنعاء وتعز رفضاً لانقلاب الحوثيين وتأييداً لهادي، وأطلق مسلحو الجماعة النار لتفريق المحتجين في العاصمة. في الوقت ذاته، تجددت هجمات تنظيم «القاعدة» الذي يدعمه رجال قبائل في محافظة البيضاء، بتفجير عبوة استهدفت دورية للحوثيين، وأدت إلى مقتل شخص، بعد ساعات على هجوم انتحاري بسيارة مفخخة طاول مقر القيادة الرئيس للحوثيين وسط المدينة وأوقع عشرات القتلى والجرحى. وأكدت مصادر أمنية ل «الحياة» أن قائد قوات الأمن الخاصة في عدن العميد عبد الحافظ السقاف أعلن أمس تمرده على هادي، غداة قرار رئاسي بإقالته وتعيين العميد الركن جواس ثابت بدلاً منه. وقالت المصادر إن «السقاف رفض القرار واعتبره غير مبرر، وأمر بنشر قواته في محيط المعسكر الرئيس تحسباً لأي هجوم من ميليشيا «اللجان الشعبية» الموالية لهادي، من أجل إجباره على تسليم القيادة». وأضافت أن «محافظ عدن عبدالعزيز بن حبتور زار المعسكر لإقناع السقاف بإنهاء التمرد، لكن محاولته باءت بالفشل». ويتّهم أنصار هادي السقاف بقربه من جماعة الحوثيين، في حين يُعتقد بأن العميد جواس هو المسؤول المباشر عن مقتل مؤسس الجماعة حسين الحوثي في نهاية أول مواجهة حكومية معها عام 2004، وهو ما يجعل قرار هادي بتعيينه، وفق مراقبين «رسالة تحدٍّ واضحة للجماعة، لكنها قد تدفعها إلى تسريع الزحف العسكري إلى عدن». وتزامنت هذه التطورات مع عودة المبعوث الأممي جمال بنعمر إلى عدن أمس يرافقه وفد من الأحزاب المؤيدة لشرعية هادي، لإطلاع الأخير على ما توصلت إليه الأطراف السياسية في مفاوضاتها مع الحوثيين في صنعاء. وقال بنعمر في تصريح صحافي إنه أبلغ مجلس الأمن «إحباطه من عدم تجاوب الحوثيين مع قراراته بانسحابهم من المؤسسات الحكومية، وعدم رفعهم الإقامة الجبرية عن رئيس الحكومة خالد بحاح، وعدد من وزرائه». وكرر بنعمر أنه لا يمكن أي طرف أن ينجح في فرض سيطرته بالقوة على كل أجزاء اليمن، وزاد: «الذين يعتقدون بجدوى الخيار العسكري سيطيلون أمد الأزمة ويدفعونها نحو المسار الذي تشهده ليبيا وسورية». وذكر أن الأممالمتحدة «متمسكة بالحل السلمي للأزمة ودعم الحوار الذي لا يضفي الشرعية على ممارسي العنف، ولا ينقص من شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي».