سيطرت جماعة الحوثيين على معسكر للقوات الخاصة في صنعاء، بعد قتال ضارٍ استُخدِمت فيه المدرّعات وأوقع عشرات القتلى والجرحى. وأجرى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي محادثات مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني الذي التقاه في عدن، في بادرة لتأكيد دعم المجلس شرعية هادي الذي أفلت من قبضة الحوثيين في صنعاء واعتبروه «مطلوباً للعدالة» لأنه تراجع عن استقالته وأحالته جماعتهم أمس على النيابة العامة. معروف أن مجلس التعاون رفض انقلاب جماعة الحوثيين على الشرعية في اليمن، وطالبها بإعادة كل المؤسسات الرسمية إلى الدولة، ورفع الإقامة الجبرية التي كانت فُرِضت على هادي ورئيس الحكومة محمد بحاح والوزراء. وهددت الجماعة بمحاكمة الرئيس رداً على تمديد مجلس الأمن عقوبات على اثنين من قيادييها. وتظاهر أمس آلاف من اليمنيين في تعز وصنعاء رفضاً لانقلاب الحوثيين وتأييداً لهادي، غداة سيطرة الجماعة على معسكر «القوات الخاصة» غرب العاصمة، والذي يُعتقد بأنه يدين بالولاء للرئيس السابق علي صالح، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع جنوده استُخدِمت فيها الدبابات والمدفعية الثقيلة، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى. ومَنَع المسلحون الحوثيون كبار قادة الأحزاب من السفر إلى عدن للقاء هادي، وفرضوا عليهم الإقامة الجبرية في صنعاء، كما أحالوا هادي على النيابة العامة بعدما وجهوا إليه اتهامات لم يُكشف عنها. وأطلق الحوثيون أمس النار على متظاهرين في العاصمة، واستخدموا الهراوات والخناجر في تفريق الحشد وأغلقوا الطرق، كما اعتقلوا عدداً من المشاركين في المسيرة المنددة بانقلاب يريد «حكم البلاد بالحديد والنار». وكان مسلحو الجماعة هاجموا ليل الثلثاء معسكر القوات الخاصة (قوات النخبة في الجيش) في منطقة الصباحة غرب صنعاء، بعدما رفض الجنود تسليم المعسكر، واستمرت الاشتباكات بين الجانبين ساعات، استخدم الحوثيون خلالها الدبابات والمدرّعات والمدفعية لقصف المعسكر الذي يُعتقد أنه يدين بالولاء لعلي صالح ونجله الأكبر أحمد. مصدر عسكري قال ل «الحياة» إن جنود المعسكر «كبدوا الحوثيين عشرات القتلى والجرحى قبل أن تتدخل لجنة وساطة من وزارة الدفاع برئاسة نائب رئيس الأركان زكريا الشامي الموالي للجماعة، قضت بوقف المواجهات وتسليم بوابات المعسكر إلى ميليشيا الحوثيين». وعزا مراقبون مهاجمة الجماعة المعسكر، إلى خشيتها من احتمال استخدام علي صالح قوات الحرس الجمهوري، ومن ضمنها «القوات الخاصة»، للانقلاب على الحوثيين في غمرة انشغالهم بالتحضير لاجتياح الجنوب والسيطرة على مأرب النفطية». وفيما ندد آلاف المحتجين في مدينة تعز بالانقلاب الحوثي، رفض «المؤتمر الشعبي» (حزب علي صالح) قرار مجلس الأمن تمديد العقوبات على الرئيس السابق واثنين من القادة الحوثيين، معتبراً أن القرار «يزيد الأمور تعقيداً أمام الحل السياسي، وسيؤدي إلى إطالة الصراع والأزمة» في اليمن. في غضون ذلك، كسرت دول الخليج الحصار المفروض على هادي بزيارة الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني عدن للقائه وتجديد دعمه رئيساً شرعياً لليمن. والزياني أول مسؤول عربي وإقليمي كبير يستقبله هادي في عدن. وضم الوفد الخليجي مع الزياني سفراء دول مجلس التعاون الست المعتمدين في اليمن في خطوة تؤكد مدى الدعم الذي يحظى به هادي وشرعيته من قبل دول الخليج والعالم وكذا الاعلان عن اعادة افتتاح سفارات الخليج بعدن بعد إغلاقها في صنعاء بعد سيطرة الحوثيين عليها. وقالت مصادر في الاجتماع لوكالة «رويترز» إن الزياني أكد تأييد دول الخليج للشرعية الدستورية للرئيس هادي ووقوفهم إلى جانبه في كل خطوات والإجراءات التي اتخذتها منذ هروبه من صنعاء. ومنعت جماعة الحوثيين عضو الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان من الوصول إلى عدن وأوقفته في إب قبل أن تعيده إلى صنعاء وتضعه تحت الإقامة الجبرية. كما أعادت الأمين العام للتنظيم الناصري عبدالله نعمان من مطار صنعاء. وقال نعمان في تصريح صحافي، إن الحوثيين منعوه من الصعود إلى الباص المؤدي إلى طائرة المغادرة وأبلغوه بوجود «تعميم يسري على جميع قادة الأحزاب بمنعهم من السفر لمقابلة هادي». ويتمسك هادي وغالبية القوى السياسية بنقل المفاوضات التي يديرها مبعوث الأممالمتحدة جمال بنعمر في صنعاء مع الحوثيين إلى «مكان آمن»، وهو ما ترفضه الجماعة، التي اعتبرت هادي «فاقداً للشرعية ومطلوباً للعدالة»، قبل أن تحيله على المحاكمة وتتوعد بعقاب كل من يتعامل معه من موظفي الدولة. وأمس رفضت إيران اتهامات وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأنها أدت دوراً في سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين، من خلال دعمها جماعتهم.