تأتي فاعليّات «مهرجان الموسيقى الشعبيّة الإيطالية» لهذه السنة، محمّلة بموسيقى الشرق وأوتاره، لاسيّما أنّ منظّميه اختاروا «بين الغناء والأوتار والآلات النفخيّة» عنواناً له. على مدى ثلاثة أشهر متتالية سيكون الجمهور الإيطالي على موعد مع الموسيقى الإثنية غير التقليدية في بلاد فيردي وفيفالدي. ف «المهرجان الشعبي» الذي انطلقت فاعلياته، يعتبر الأضخم بين مهرجانات الموسيقى الإثنية في إيطاليا، حتى أنّ موقع «روما اليوم» كتب عنه أنه أتى هذا العام كنوع من «تحدِّ رمزيٍّ لمهرجان «سانريمو» الذائع الصيت في أوروبا. ويتوالى العديد من الفنّانين والفرق الموسيقية على العزف والغناء على مسرح «مركز BAOBAB للثقافات المتعددة» في العاصمة الإيطالية، حتى الرابع والعشرين من نيسان (أبريل) المقبل. الافتتاح كان مع فرقة Novalia التي احتفت بالذكرى الثلاثين لتأسيسها عام 1985 بقيادة Stefano Saletti وRaffello Simeoni، حيث أحيت حفلة بعنوان «ثلاثون عاماً في ليلة». استوحيت النصوص من «المحكية» في جبال «الأبينيني» الإيطالية المقرونة بكلمات إسبانية وفرنسية وشمال أفريقية. أما الأنغام فتتخطى تلك الإيطالية الشعبية القديمة لتشمل أغاني حجّاج المقامات الدينية في القرن الرابع عشر وأنغام شمال أفريقيا والبلقان وصولاً إلى إسبانيا القرن الثالث عشر. علماً أن الفرقة دأبت منذ انطلاقتها على البحث عن الأنغام الموسيقية القديمة لمنطقة البحر المتوسط ولعصر النهضة الإيطالي. وكانت أصدرت سبعة ألبومات تراوحت بين الغناء والموسيقى، وصنّفت مجلة ال Folk Roots الإنكليزية ألبومها «Canti & Briganti»، كأفضل ألبوم للموسيقى العالمية للعام 1997. يدير مهرجان الموسيقى الشعبية الإيطالية الفنّان ساليتّي قائد فرقة «نوفاليا» السابقة الذكر، والمتبحّر بالموسيقى المتوسطية لاسيما العربية منها، مجيداً العزف على آلتي العود والبزق، والعديد من الآلات الكلاسيكية. عمل ساليتّي خلال مسيرته الفنية على تأسيس العديد من الفرق الموسيقية الإثنية، ويترأس حالياً، إلى جانب فرقة «نوفاليا»، فرقةLa Piccola Banda Ikona التي أصدرت عام 2008 ألبومها «أعدك بالبحر وملحه» مستخدمةً فيه لغة «الفرنكا» التي كانت معتمدة في جميع موانئ المتوسط إبان الحملات الصليبية. إضافة إلى شغله منصب قائد فرقتي أوركيسترا متوسّطيتين تضمّان موسيقيين من المغرب وإسبانيا مروراً بإيطاليا ووصولاً إلى كرواتيا. وتضم جعبة ساليتّي العديد من الأعمال الموسيقية أهمها ألبوم (2010) «oriental night fever» الذي تمّ بالتعاون مع الموسيقار الفرنسي- الجزائري هيكتور زازو. تمتاز العروض الموسيقية بالحضور القوي للآلات الشرقية وبفنّانين إيطاليين ذاع صيتهم كثيراً في تسعينات القرن العشرين لدى محبّي الموسيقى الإثنية واليسار الإيطالي. فقد أحيا الفنّان Rocco De Rosa حفلة موسيقية قدّم خلالها ألبومه الجديد «Sonoaria 2014». هذا ويعدّ دي روزا أحد أبرز الفنانين الذين يتغنّون بالموسيقى المتوسّطية وتلك الخاصة بالجنوب الإيطالي، ولحّن ألبوم «كوفية: غناء لفلسطين» (1990) صدر في ملحق خاص مع صحيفة المانيفستو، وضمّ أغنية «جندي يحلم بالزنابق البيضاء» المأخوذة من قصيدة الشاعر محمود درويش. وللبنان حصة في المهرجان الشعبي، حيث ستعرض فرقة Kabìla (قبيلة) ألبومها الجديد «يالله» 10 نيسان الذي يضم عشر أغانٍ، هي عبارة عن مزيج من اللغتين العربية والإيطالية، أبرزها أغنية «شوارع بيروت» وأغنية «صيدون». علماً أن الفرقة كانت قد وضعت منذ تأسيسها عام 2007 ألبومين، على أثر النجاح الكبير الذي لقيته مقطوعة «حفلة أفريقيا» التي تناولتها العديد من المحطات الإذاعية الإيطالية، لاسيما الRai Demo. وتحاكي معظم أغاني الفرقة لبنان بمدنه وأغانيه التقليدية، لاسيّما وأنّ المطرب الأول في الفرقة هو عماد شومان المولود في سيراليون لأبوين لبنانيين. أمّا اختيار مؤسّسي الفرقة لاسم «قبيلة» فيعود إلى محاولة إبراز الخصائص الإنسانية التي تجمع الشعوب قاطبة، رغم الاختلافات الثقافية واللغوية والإثنية بينها. يحيي المهرجان الكثير من الحفلات الموسيقية حيث سيقدّم العديد من الفنّانين ومن الفرق جديدهم الفني، فالفنانة Lucilla Galeazzi، ستعرض ألبومها الجديد «حفلة إيطالية» (مساء الجمعة المقبل) تستعيد فيه السجل الموسيقي الإيطالي الشعبي القديم. أما فرقة Agricantus «أغاني حقول القمح» فستحيي حفلة ترتكز فيها على الآلات الموسيقية التقليدية. أما الفنّانان Enrico Fink و Arlo Bigazzi فسيقدمان عملهما الجديد «مرويات البئر» 26 آذار(مارس) الذي يجمع بين الإلقاء والغناء بالعديد من اللغات الإيطالية والعبرية والآرامية، يحاكيان من خلاله هجرة وملاحقة اليهود في أوروبا. أما Giuliana De Donno وabriella Aiello فيحييان حفلة «البعض من الماء والملح» 27 آذار وهو عمل مخصص للبحر الأبيض المتوسط والدول المحاذية له وللثقافات المتعددة التي تجمع بينها. من ناحيتها ستقدم فرقة Lavinia & Semilla حفلة عنوانها «المتوسّط والعالم الجديد» (17 نيسان) للتبحّر ليس فقط في الموسيقى الإيطالية القديمة بل أيضاً في موسيقى المتوسّط وصولاً إلى أميركا اللاتينية. هي عبارة عن «تلويث موسيقي» قائم على «الحوار» بين «اللغات الموسيقية العربية والفلمنكية والأنغام الأميركية اللاتينية والإيطالية». أما حفلة الختام فستكون مع المجموعة المؤلفة منMauro Palmas وNando Citarella وPietro Cernuto الذين سيقدمون عملهمTA-MA TRIO المرتكز على الآلات الإيقاعية والوترية والنفخية أهمها العود والناي والطنبور والمزمار والزمبونيا الإيطالية. ينتمي هذا العمل إلى موسيقى المتوسط، حيث يستعيد فيه الفنّانون الثلاثة النسيج الموسيقي التقليدي لجزيرتي صقلية وساردينيا اللتين تأثّرتا موسيقياً بدول المتوسط.