1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    موديز ترفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى Aa3    الرائد يتغلب على العروبة بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    الخليج يكسر انتصارات الهلال ويعوض جماهير اليد    جمعية تآلف تحتفل باليوم العالمي للطفل بفعاليات ترفيهية وبرامج توعوية    اختتام المؤتمر العربي لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    مليار ريال لمشروعات سياحية في حائل    ضبط شخص في عسير لترويجه الحشيش عبر مواقع التواصل    تعليق الدراسة الحضورية غدًا بمدارس محايل عسير ورجال ألمع    بلدية القطيف تطلق مبادرة "تراث ديرتنا" لتهيئة المناطق التراثية    ضيوف الملك: المملكة تمد يد العون والعطاء للمسلمين    بمبادرة سعودية.. الاحتفاء باليوم العالمي للتوائم الملتصقة    هل تعاقب دول غربية إسرائيل بحظر السلاح ؟    سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة    أسبوع واحد نقل الحرب في أوكرانيا إلى التصعيد    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    وزير السياحة يدشن شركة رملة للرحلات السياحية والمنتجعات البرية في حائل    عبدالله آل سالم يتوهج في دوري روشن    عن الدراما المسرحية والتجاهل الأكاديمي أتحدث    تحديد موقف تاليسكا من لقاء الغرافة    الطقس يهدد الولايات المتحدة    فنانو المدينة يستعرضون أعمالهم في جولتهم بجدة    «حلاه يشدف» أحدث أغاني إبراهيم فضل بالتعاون مع محمد الخولاني    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة    1850 متدربا ومتدربة على المانجا في اليابان    الحارثي في ذمة الله    أرسنال يعود بطريق الانتصارات في الدوري الإنجليزي بثلاثية في فريق نونو سانتو    الانسانية تحتضر    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    الالتزام بالمواعيد الطبية: مسؤولية مجتمعية تحفظ الصحة وتُحسن الخدمات    انترميلان يقسو على هيلاس فيرونا بخماسية في شوط    الطاقم الطبي يحدد موقف محترف الأهلي من مواجهة العين    ابن وريك يدشن معرض الأمراض المنقولة بالنواقل في مهرجان الدرب    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    5 مطارات تتصدر تقارير الأداء لشهر أكتوبر 2024    سيارة جايكو 8 تبدأ رحلة جديدة في السوق الإقليمي بمظهرها الفاخر للطرق الوعرة    ترمب يرشح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة    معتمر فيتنامي: أسلمت وحقق برنامج خادم الحرمين حلمي    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    انطلاق أعمال منتدى مستقبل العقار في الرياض يناير المقبل    الفنان المصري وائل عوني يكشف كواليس طرده من مهرجان القاهرة السينمائي    مصدر أمني يؤكد استهداف قيادي في حزب الله في الغارة الإسرائيلية على بيروت    بريدة: مؤتمر "قيصر" للجراحة يبحث المستجدات في جراحة الأنف والأذن والحنجرة والحوض والتأهيل بعد البتر    ضبط 19696 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مشروع العمليات الجراحية خارج أوقات العمل بمستشفى الملك سلمان يحقق إنجازات نوعية    موديز ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "Aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة    جمعية البر في جدة تنظم زيارة إلى "منشآت" لتعزيز تمكين المستفيدات    وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسيقى الراب في إيطاليا ... من السياسة إلى مناهضتها ... فتدويرها

عرفت موسيقى الراب مجدها في إيطاليا، بلد الموسيقى الكلاسيكية، في تسعينات القرن العشرين. ومن ثم خَفُت نجمها أواخر التسعينات واستمرّ ذلك إلى العام 2006، حين عاد وشهد هذا النوع من الموسيقى غير التقليدي نهضة ما زالت مستمرة في إيطاليا. استوحيت كلاسيكيات الموسيقى في إيطاليا في الخمسينات من مزيج الموسيقى الميلودية والجاز والبوب، ويعدّ ريناتو كاروزوني أحد أبرز مغنّي ذاك الزمن، وقد أدّى معظم أغانيه باللهجة المحليّة الخاصة بمنطقة نابولي. لاحقاً، شهدت مرحلة الستينات دخول موسيقى الروك وBritish Beat اللتين انتشرتا بشكل واسع في أوروبا. أما إيطاليا السبعينات فشهدت تحوّلاً موسيقياً كبيراً مع دخول الالتزام السياسي إلى عالم الموسيقى. وتميّزت موسيقى هذه المرحلة بموسيقى «الفولك» والعزف المنفرد على الغيتار. ويعدّ فرنشيسكو غوتشي وفابريتسيو دي أنرديه أبرز وجوه تلك المرحلة.
وتُعدّ الثمانينات مرحلة التجديد الموسيقي في إيطاليا، فإلى الموسيقى الإلكترونية، شهد النصف الثاني من هذه المرحلة دخول موسيقى الراب التي بقيت قليلة الانتشار آنذاك وبمستوى «underground» (تحت الأرض)، إذ إن إنتاجها اقتصر على مبادرات فرديّة، إضافة إلى أنّ تأديتها اقتصرت على الساحات والشوارع العامة. وفي أواخر الثمانينات دخلت موسيقى الراب مرحلة ال «Mainstream» مع المغني لورينتسو كيروبيني، المعروف باسم «Jovanotti»، عبر برامج تلفزيونية وإذاعية عدّة وخصوصاً عبر قناة إيطاليا الأولى التلفزيونية. وتميّزت هذه المرحلة بمغنّي ال «أندرغراوند» الذين سيصبحون لاحقاً مشاهير غناء الراب الإيطالي، مثل ماركو فيوريتو المعروف ب Kaos One وساندرو أورّو المعروف ب DJ Gruff وسيباستيانو روكّو المعروف بIce One.
بيد أنّ فترة التسعينات تمثّل عصر موسيقى الراب الذهبي في إيطاليا، إذ اقترنت بالالتزام السياسي، خصوصاً بين مجموعات اليسار المتطرّف الموجودة بكثرة في إيطاليا. هي مرحلة انكشاف الفساد المستشري في ما عرف بقضية «تانجنتوبولي» (مدينة الرشاوى) ودخول إيطاليا مرحلة «الجمهورية الثانية» بعد إقصاء الحزبين الديموقراطي المسيحي والاشتراكي، اللذين حكما إيطاليا منذ خمسينات القرن المنصرم، عن الحكم. فقد طاولت قضايا الرشوة والفساد معظم قيادات هذين الحزبين وأدت إلى تفككهما وانحلالهما ودخول إيطاليا عصر رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلوسكوني... وعليه، نشطت الحركات الاحتجاجية وكانت موسيقى الراب أحد أشكالها.
«ميليشيا»
في بداية التسعينات انتشرت «ظاهرة موسيقية» مخالفة للسائد عُرفت بال «Posse» (أي الميليشيا)، توزّعت بين عدد من الأنماط الموسيقية أهمها «الراب» و «البانك روك» و «الريغي الجامايكية». وعلى رغم كونها بقيت ظاهرة موسيقية «تحت الأرض»، فقد انتشرت في إيطاليا، لا سيما بين طلاب الجامعات، وحملت لواءها الحركة الطلابية «بانتيرا» التي ذاع صيتها في التظاهرات الطلابية، العنفية منها خصوصاً. وقد ساهمت «المراكز الاجتماعية» (وهي عبارة عن حركات سياسية متطرفة طرحت نفسها بديلاً من الأحزاب السياسية التي فقد المواطن الإيطالي الثقة بها بعد قضايا الفساد) في انتشار موسيقى الراب، إذ ارتبط هذا النوع الموسيقي بتلك المراكز ال «أنتي سيستم».
وحملت موسيقى الراب حينها أبعاداً سياسية مناهضة للحكم داعية إلى النضال السياسي من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، وكانت تؤدّى في التظاهرات والاحتفالات الطلابية التي عمّت كل جامعات إيطاليا. ونذكر فرقتي ال99 Posse والAssalti frontali اللتين تُعتبران من أبرز فرق الراب الناتجة عن ظاهرة الPosse، واللتين حققتا انتشاراً واسعاً في إيطاليا لا سيما في بداية التسعينات ومع بدء حرب الخليج الأولى.
ولاقت أغنية «بغداد 1.9.9.1»، التي تنتقد الولايات المتحدة ومحطة «سي أن أن» وقنوات «راي» الإيطالية، رواجاً كبيراً. وتميزت هذه الفرق بمزج موسيقى الراب مع «الريغي» وبموسيقى «الهاردكور بانْك» (Hardcore Punk) المعروفة بتردداتها السريعة وأنغامها القاسية، وتميزت أيضا باختيار النصوص التحريضية والعنفية.
أمّا التحوّل المهم الذي عرفته موسيقى الراب، فبدأ مع ألبوم «SxM» العام 1994 لفرقة «سانغوي ميستو»، الذي شكّل «العلامة المميزة» لموسيقى الهيب هوب الإيطالية. وتَشَارك في وضع الألبوم أندريا فيزاني المعروف ب»Deda» وجوفانّي بيلّينو المعروف ب»Neffa» و «DJ Gruff». واتّسمت الأغنيات ال12 للألبوم بالنقد الاجتماعي والسياسي وباللامبالاة، مثل أغنية «الغريب» التي تشكو من غربة المواطن عن مجتمعه ومحيطه، وأغنية «الحشيشة» التي تمجّد حشيشة الكيف واللامبالاة.
كان منتصف التسعينات غنياً لناحية صدور العديد من ألبومات الراب ونشوء العديد من الفرق الموسيقية بميزة إيطالية لجهة الأنغام والكلمات «السوفت»، والتي انتشرت انتشاراً كثيفاً، خصوصاً بين فئة الشباب والمراهقين. وأبرز فرق تلك الفترة «OTR» (بث الأنغام الأصلية) وألبومها «تلك النكهة المميزة» الذي لاقى رواجاً، لا سيّما فيديو كليب أغنية «عندما تتوقّع القليل» بكلماتها البسيطة التي تحاكي يوميّات المراهقين. ونذكر أيضاً «البند 31»، إحدى الفرق البارزة في تلك الفترة وألبومها الثاني «Messa di Vespiri»، بأسلوب موسيقاه البسيط وكلمات أغانيه الجذّابة، ما شكّل نوعاً من التناقض مع فرقة «سانغوي ميستو» السابقة بأسلوبها الفظّ والقاسي والغريب عن أذن المستمع. هذا الأمر أرسى نمطين مختلفين من موسيقى الهيب هوب، ذاك الذي اعتمد على التقنيّات والنصوص البسيطة، بقي «تحت الارض» وانتشر في الساحات العامة والتظاهرات والاحتفالات الطلابية، وذاك الذي اعتمد على الإنتاج الضخم لكبرى الشركات الإنتاجية.
ثمة فرق مهمة أخرى عُرفت في تلك المرحلة مثل Colle der Fomento وألبومها «الكره الخالص» الذي تميّز بأنغام «الهاردكور» والنصوص القاسية والقاتمة، متأثرة بنمط فرقة «سانغوي ميستو»، لكن خلافاً للأخيرة، أسّست لنمط راب إيطالي من دون اللجوء إلى موسيقى البوب. وقد استمر الإنتاج الغزير لأغاني الراب حتى نهاية الألفية التي شهدت صدور ألبوم «اينما تذهب سيكون النجاح» لمغني الراب تومازو زانللو المشهور بPiotta. لاقت أغنيته «شديد الوقاحة» رواجاً كبيراً، حاز على أثرها لقب «فنان العام» للعام 1999 وجائزة «قرص البلاتين» من «جمعية الفونوغراف الإيطالية»، إذ إنه كان أوّل مغني راب يؤدي أغنياته باللهجة المحكيّة في مدينة روما.
وشهدت بداية الألفية الثالثة (العام 2006) عودة لفناني الراب بعد انحسار استمر نحو خمس سنوات. وتميّزت هذه السنة بصدور العديد من ألبومات أبرزها ثلاثة من إنتاج شركات إنتاج كبيرة هي: «الخيانة» (2006) للمغني الشهير فابريتسيو ترادوتشي المشهور بFabri Fibra ، الذي من خلاله تخلّى عن «تحت الأرض» ووقّع عقده الأول مع شركة Universal Music Group الضخمة.
الألبوم الثاني «عقوبة الإعدام» (2006) لفرقة Club Dogo من إنتاج Vibra Records، وقد حطم أرقاماً قياسية لعدد المستمعين. أما الألبوم الثالث فهو «رجل واحد فقط» (2006) لمغني الراب جان ماركو مارتشيللو الشهير بMondo Marcio، الذي حاز شهرة واسعة في إيطاليا وحصل على جائزة «القرص الذهبي» في مدة قصيرة جداً.
وتميزت الألبومات الثلاثة بموسيقى خفيفة قريبة إلى أذن المستمع، تحمل في طياتها لمحات موسيقى البوب ونصوصها المستوحاة من المخدرات والجنس والأنانية واللامبالاة والكلمات القاسية والفظّة.
في السنوات الأخيرة، عادت موسيقى الراب لتثبت شعبيتها مجدداً متجهة نحو موسيقى البوب المطعّمة بلمحات الDance، كما هي الحال عند مغني الراب إميليانو جامبيللي الشهير بEmis Killa. وباتت مدينة ميلانو في الشمال بمثابة القلعة الحصينة لهذا النوع الموسيقي، إذ إنّ معظم المغنّين والفرق انطلقوا من تلك المدينة.
ويعدّ المغني فيديريكو ليوناردو لوتشيّا الشهير ب Fedez أحد الوجوه البارزة في مشهد الهيب هوب الإيطالي الحالي. وأبرز أعماله ألبوم «أول ألبوماتي للبيع» (2011) الذي شارك فيه العديد من مغني الراب الإيطاليين. إلا أنّ مشهد الراب اختلف نوعاً ما مع هذا الأخير.
انطلق الراب الإيطالي في التسعينات من منطلقات سياسية مناهضة للحكم وبتوجيهات مجموعات اليسار المتطرف، وها هو يأخذ منحى سياسياً في أعمال Fedez لكن «مناهضاً للسياسة»، على طريقة «حركة خمسة نجوم» الحديثة في المشهد السياسي الإيطالي. ف Fedez أعلن انضمامه إلى صفوف تلك الحركة وغنى لها «ليست حزباً»، التي عُدّت بمثابة نشيد الحركة. ومن المعروف أن هذه الحركة السياسية، بزعامة الممثل والمهرج بيبي غريللو، التي حصدت أرقاماً قياسية في مقاعد البرلمان الإيطالي في الانتخابات الأخيرة، حققت نجاحها السياسي بفضل مناهضتها للسياسة في إيطاليا، طارحة نفسها بديلاً «غير هرمي» لتمثيل الشعب عبر «الديموقراطية الإلكترونية» في اختيار المرشحين، وعبر أمور أخرى أثبتت التجربة عدم صدق مزاعمها، فجلّ ما فعلته هذه الحركة هو «إعادة تدوير» السياسة التقليدية في إيطاليا بأسلوب يميني حديث لم يخلُ من النزعات الفاشية في مناهضة المهاجرين والطبقة السياسية الإيطالية بأكملها، والعملة الأوروبية الموحّدة «اليورو» أيضاً.
* ناشط بيئي إيطالي متخصص في «أرشفة الموسيقى» من جامعة أوديني- إيطاليا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.