تزدحم مكاتب وزارة العمل في المدن السعودية الرئيسية بأرتال السعوديين الباحثين عن وظيفة، وطالبي تأشيرات عمالة أجنبية، والساعين وراء إثباتات «السعودة» لإطلاق مشاريعهم التجارية، فيما يبدأ النهار مبكراً مع تكرار مشهد الاستيقاظ قبل الفجر للحاق بطوابير الانتظار مع إشراقة الشمس. ومع إعلانات الوزارة عن تطوير الخدمات المقدمة وموقعها على الإنترنت بحلته الجديدة، تسعى إلى التخلص من بيروقراطية الورق إلى الخدمة الإلكترونية بجهودٍ ما زالت تعاني فقدان ثقة المستخدمين لمصلحة الملف الأخضر ورائحة الأحبار والختم على الورق. ومنذ إطلاق خدمات التوظيف الإلكترونية الجديدة، أعلنت وزارة العمل عن رقم يتيمٍ بعد نحو شهرين، تحدثت فيه عن استقبال نحو5.9 ألف طلب توظيف مثلت نحو 1.4 في المئة من أعداد العاطلين التي رصدتها مصلحة الإحصاءات العامة في الإحصاء الأخير لها، التي تجاوزت 416 ألف عاطلٍ وعاطلةٍ عن العمل. وتحاول الوزارة بإطلاق خدماتها الإلكترونية الجديدة استخدام عوالم الافتراض، لتخفيف ازدحام مكاتبها الحقيقية، وتقليص أزمنة الانتظار، فيما يغيب عنصر التسويق عن خدمات الوزارة لتلحق بعددٍ من المشاريع الأخرى، التي غابت عن سوق التوظيف السعودية إما لعدم جودة تقديمها وتسويقها، أو لعدم معرفة الجمهور بها أصلاً. في المقابل، يسعى عدد من شركات التوظيف في القطاع الخاص إلى الاستفادة من الفجوة الحاصلة بين قطاعات العمل وطالبي العمل في السعودية، من خلال مواقع إلكترونية مختصةٍ بالتوظيف، دخلت إلى السوق السعودية بعد أن كانت غير موجهةٍ لها، لكن حال النمو الاقتصادي الذي تشهده السعودية فتحت شهية الشركات للقدوم والعمل على المشاريع الجديدة، وبالتالي أفسحت المجال لشركات التوظيف للعمل على توفير الأيدي العاملة لهذه الشركات. ويظهر طالبو العمل في السعودية على رأس قوائم استخدام المواقع الوظيفية الثلاثة الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، «مونستر قولف» و«بيت دوت كوم» و«قولف تالنت»، مع نسبٍ تبلغ 31 في المئة، 23 في المئة، و21 في المئة على التوالي، بحسب دراسةٍ لأحد المختصين في التوظيف في السعودية في تموز (يوليو) الماضي. وهنا يشير صاحب الدراسة خبير التوظيف طارق الكاهلي، إلى أن أرقام زيارة المواقع الثلاثة على الإنترنت تشير إلى الإقبال الكبير عليها من الراغبين في العمل في السوق السعودية من خارجها، بالنظر إلى أن مواقع التوظيف لا تعطي أي مؤشرات على جنسية المستخدمين. ويؤكد الكاهلي أن مواقع خدمات التوظيف الإلكترونية تمتلك المواصفات التي تعطيها الأفضلية. ويقول: «مواقع خدمات التوظيف الإلكترونية أسرع وأسهل وأكثر شفافية في الإجراءات»، إلا أنه يستدرك بأن المواقع الإلكترونية ما زالت تعاني: «إذا أراد أصحاب مواقع خدمات التوظيف التميز والنجاح في مواقعهم فعليهم الاهتمام بتصميم المحتوى ليتناسب والذائقة الشبابية العربية ليكون أكثر جذباً، وأن يكون بسيطاً، مع الاهتمام بجانب تحفيز المستخدم ومكافأته على استخدام الموقع». ويوضح طارق الكاهلي: «الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط ما زال فاقداً ثقة المستخدم، ولا بد من تعويد الناس وبناء الثقة»، مشيراً في أحد الأمثلة إلى أنه: «أخلاقياً لا بد من الرد على المتقدم إلى وظيفة أو مستخدم الموقع بدلاً من تجاهله بمجرد الوصول إلى الهدف المناسب». كما يشير إلى حاجة مراكز ومواقع خدمات التوظيف إلى اتباع مبدأ إدارة التغيير. وبالنسبة إلى طالبي العمل، يؤكد خبراء التوظيف أن بناء السيرة الذاتية ضروري عند التقديم إلى سوق العمل وفي أي وظيفة، يقول طارق الكاهلي: «85 في المئة من الشركات لا تستغرق أكثر من نصف دقيقة لقراءة السيرة الذاتية، ولذلك لا بد أن تكون موجزة ومختصرة ومركزة»، كما أن هيكلة السيرة الذاتية لا بد أن تحوي هدف الشخص والخبرات التعليمية والعملية، إضافة إلى بعض التفاصيل الشخصية المهمة. ويشدد على أن معرفة المواقع وطبيعتها مهم جداً، يقول: «من المعروف أن «مونستر قولف» موجّه لطالبي العمل من الهند، ومن خريجي تقنية المعلومات والهندسة، فيما «قولف تالنت» موجّه لأصحاب الخبرات العملية، ويبقى «بيت دوت كوم» متنوعاً ويستخدمه الجميع».