قضت محكمة جنايات القاهرة، أمس (الإثنين)، بالسجن المشدد خمس سنوات على الناشط المصري علاء عبدالفتاح في قضية تظاهر بدون إذن اتهم فيها مع 24 آخرين بالتعدي على الشرطة. وقالت مصادر قضائية إن متهماً آخر يدعى أحمد عبدالرحمن عوقب بالسجن المشدد خمس سنوات أيضاً، كما عوقب 18 متهماً بالسجن المشدد ثلاث سنوات. وقال شاهد من "رويترز" إن نحو 200 من أقارب ومؤيدي المحكوم عليهم والمحامين هتفوا في قاعة المحكمة بعد بالحكم "يسقط يسقط حكم العسكر"، و"ثوار أحرار حنكمل المشوار"، مرددين شعارات من انتفاضة 2011 التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك. وقالت ليلى سويف والدة عبدالفتاح: "أتمنى أن يتمتع (ابني في السجن) بنفس الروح التي كان يتمتع بها والده"، الناشط الحقوقي الراحل، خلال خمس سنوات قضاها في السجن في عهد مبارك. ويقول قانونيون إن عقوبة السجن المشدد تحرم المحكوم عليه حسن السير والسلوك من عفو عن جزء من العقوبة في أي من المناسبات الوطنية أو الدينية. وكان عبدالفتاح قام بدور في تنسيق الاحتجاجات التي أسقطت مبارك. وترجع القضية إلى مظاهرة نظمت أمام مباني البرلمان بوسط القاهرة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 احتجاجاً على صدور قانون يحظر التظاهر بدون إذن السلطات الأمنية، وهو القانون الذي قالت منظمات حقوقية دولية ومحلية إنه يقيد الحق في التعبير. وكانت المحكمة قضت غيابياً في 2014 بالسجن 15 عاماً على المتهمين جميعهم، لكنها أعادت محاكمة 23 منهم تقدموا بطلب إعادة المحاكمة. وأُبقيت أمس (الاثنين) العقوبة السابقة وهي 15 عاماً على ثلاثة متهمين لم يحضروا إعادة المحاكمة. وقال مصدر إن المحكوم عليهم - بمن فيهم عبدالفتاح، وهو مهندس ومدون- عوقبوا أيضاً بغرامة 100 ألف جنيه لكل منهم (13 ألفاً و106 دولارات) والمراقبة مدة مساوية لمدة الحكم بعد تنفيذه. وقال رئيس المحكمة المستشار حسن فريد إن المحكمة قضت "ببراءة جميع المتهمين الحاضرين من تهمة السرقة بالإكراه المنسوبة إليهم". وكانت قائمة الاتهام تضمنت تهمة سرقة جهاز اتصال لاسلكي خاص بأحد ضباط الشرطة، وكذلك قطع الطريق والتجمهر. ويحق لمن حكم عليهم الطعن على الحكم أمام محكمة النقض، أعلى محكمة مدنية مصرية. وقال المرشح الرئاسي السابق، المحامي خالد علي، إنه سيطعن على الحكم. ووصف المحامي محمد عبدالعزيز الذي دافع عن عبدالرحمن الحكم بأنه "ظالم". وشوهد عبدالرحمن يبكي بشدة داخل قفص الاتهام بعد صدور الحكم. وعبدالفتاح واحد من أبرز النشطاء الليبراليين الذين أودعوا السجن بعد عزل مرسي. وقالت الولاياتالمتحدة إنها "منزعجة بشدة" من هذه الأحكام وحثت المتهمين على بحث كل السبل القانونية للطعن على الحكم. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي إن الولاياتالمتحدة شجعت قيادة مصر على استكمال مراجعة قانون التظاهر سريعاً، وجميع الأحكام الصادرة بموجب ذلك القانون، وإصدار نسخة معدلة منه تتيح حرية التعبير وتكوين الجمعيات بشكل كامل. ورداً على سؤال عما إذا كان الدعم الأميركي للجيش المصري يظهر أن واشنطن تضع المصالح الاستراتيجية فوق حقوق الإنسان قالت ساكي إن الولاياتالمتحدة تربطها "علاقة استراتيجية هامة" بمصر. لكن مسؤولا بوزارة الخارجية الأميركية قال إن واشنطن لم تقرر بعد مصير مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 1.3 بليون دولار للسنة المالية 2015. من ناحيته، قال المتحدث باسم حزب الدستور الليبرالي، خالد داود، للصحافيين إن المسؤولين عن مقتل مئات خلال المظاهرات التي أسقطت مبارك مازالوا يعيشون في حرية. وأضاف "لم يصدر حكم على مسؤول واحد من نظام مبارك، أو ضابط شرطة واحد... عندنا شباب يموتون يومياً، ولم يحكم إلا على المؤمنين بالتظاهر السلمي." كانت محكمة جنايات القاهرة قد قالت في كانون الثاني (يناير) الماضي، إنه لا وجه لإقامة الدعوى على مبارك بتهم تتصل بقتل المتظاهرين خلال الانتفاضة، وبرأت وزير داخليته حبيب العادلي وكبار مساعدي الوزير من تهم مماثلة. كما أسقطت المحكمة تهماً بالفساد عن الرئيس الأسبق وابنيه علاء وجمال. وبرأت محاكم مسؤولين ورجال أعمال عملوا في عهد مبارك، وذلك بعد صدور أحكام أولية عليهم في أعقاب الانتفاضة. ويقول حقوقيون إن الشرطة لا تعاقب على انتهاكات تحدث لحقوق الإنسان، لكن وزارة الداخلية تنفي ذلك. وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمة إلى الشعب عبر التلفزيون مساء أول من أمس (الأحد) إنه ستتم محاسبة المسؤول عن مقتل الناشطة اليسارية شيماء الصباغ خلال مسيرة في وسط القاهرة الشهر الماضي، وكذلك أي مسؤول تثبت إدانته في واقعة مقتل نحو 20 من مشجعي كرة القدم في تدافع أمام ملعب في العاصمة هذا الشهر. وكان ناشط آخر بارز هو أحمد دومة قد حكم عليه بالسجن المؤبد هذا الشهر لإدانته بتهم منها التظاهر دون إذن والتحريض على العنف والاعتداء على قوات الأمن وممتلكات عامة.