ترافق فوز الجمهوريين بحاكميتي ولايتي نيوجيرسي وفيرجينيا مع توقعات بانبعاث قوة الجمهوريين المحافظين الاجتماعيين وأفول باراك أوباما. وثمة عِبر مشتركة تستخلص من اقتراع أنصار الحزبين الديموقراطي والجمهوري. والعبر هي أن الناخبين لم يتخففوا بعد من مخاوفهم من تداعيات الأزمة الاقتصادية، وأن الناخبين المستقلين قوة لا يستهان بها، وناخبي الفريقين ينتظرون أن تنعقد نتائج سياساتهم. وفاز عمدة نيويورك، مايكل بلومبرغ، بولاية ثالثة. وفوزه وثيق الصلة بموقف الرئيس أوباما منه. فعلى رغم تأييده المرشح الديموقراطي، وليام طومبسون جونيور، لم يخف أوباما ميله الى بلومبرغ، ومودته تجاهه. والناخبون اقترعوا لكفاءة المرشح، وخبرته في حل مشكلات المدينة. ولكنهم طلبوا الى بلومبرغ الاستماع إليهم والتقرب منهم، عوض التعالي عنهم. ولذا، منح شطر لا يستهان منهم صوته الى منافسه طومبسون. وخسر المرشح الديموقراطي، جون كورزين، حاكمية نيوجيرسي جراء إيقان الناخبين بافتقاره الى خبرة في الشؤون المالية. وعليه، صوت الناخبون المستقلون الذين سئموا سياسات الحاكم كورزين لمنافسه الجمهوري، كريستوفر كريستي. ففاز هذا بهامش ضئيل من الأصوات. والحق أن موضوع الانتخابات في نيوجيرسي لم يكن لا أوباما ولا سياساته. ولم تكن الانتخابات هذه استفتاء على شعبية الجمهوريين المحافظين. وقال معظم الناخبين إنهم لا يعرفون شيئاً كثيراً عن مواقف كريستي السياسية الاجتماعية. وفي فيرجينيا، تجنب الجمهوري روبرت ماكدونل، تناول مسائل اجتماعية محافظة، على غرار رفض الإجهاض وزواج المثليين، في حملته الانتخابية. وتعهد تكثير فرص عمل، وإصلاح نظام النقل العام. وعلى خلاف حال الانتخابات في فيرجينيا ونيوجيرسي، كان الانقسام الايديولوجي مدار الانتخابات في مجلس النواب في إحدى مقاطعات نيويورك. ولكن الانقسام هذا لم يكن بين الجمهوريين والديموقراطيين فحسب، بل بين الجمهوريين أنفسهم. وخلاصة القول أن الناخبين يريدون من ممثليهم أن ينتهجوا سياسات عقلانية. فشاغل الناخبين هو الاقتصاد، وليس الايديولوجيا الحزبية. وعليه، الرئيس أوباما والديموقراطيون مدعوون الى الثبات على سياستهم وبت مسائل مثل إصلاح الرعاية الصحية، أو حوافز الإنفاق لبعث النمو، وخلق فرص العمل، على ما سبق وتعهدوا. * الافتتاحية، عن «نيويورك تايمز» الأميركية، 5/11/2009، إعداد منال نحاس