اعلن الرئيس محمود عباس في خطاب متلفز مساء امس قراره عدم الترشح لولاية ثانية في الانتخابات التي دعا الى اجرائها في 24 كانون الثاني (يناير) المقبل. كما وجه انتقاداً غير مسبوق للسياسة الاميركية، خصوصا «محاباتها» لاسرائيل في موضوع الاستيطان. غير ان البيت الابيض اعلن تمسكه بعباس «شريكاً حقيقياً» للولايات المتحدة، فيما رفض الناطق باسم البيت الابيض روبرت غيبس الادلاء بأي تصريحات عن انعكاسات قرار عباس على مساعي الرئيس باراك اوباما على دفع عملية السلام. وقال عباس في خطابه ان «المواقف الاميركية المعلنة من الاستيطان والقدس محط تقدير، الا اننا فوجئنا بمحاباتها للموقف الاسرائيلي». واضاف ان «حل الدولتين ما زال قائما، لكنه يواجه مخاطر كبيرة لا ندري الى اين قد توصلنا». وتابع: «لقد ابلغت الاخوة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومركزية فتح بعدم رغبتي في ترشيح نفسي للانتخابات الرئاسية المقبلة»، مضيفاً: «آمل منهم ان يتفهموا رغبتي هذه، علماً بأن هناك خطوات اخرى سأتخذها في حينه». ووجه رسالة الى الاسرائيليين الى ان السلام اهم من اي مكسب حزبي وائتلاف حكومي. واستعرض تجربته منذ الرئاسة، وقال انه كرس مبدأ الانتخابات على كل الصعد، مشيرا الى انتخابات المجلس التشريعي ومؤتمر «فتح» واجتماع المجلس الوطني. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل «الحياة» ان الرئيس عقد اجتماعا قبل الخطاب مع عدد من كبار قادة الامن والسلطة ابلغهم فيه انه عازم على عدم ترشيح نفسه للانتخابات المقبلة بسبب ما قال انه احباطه الشديد من الموقف الاميركي ومن السياسة الاميركية والدول العربية، وكذلك اسرائيل، مضيفا لهم: «انا جئت على اساس برنامج واضح وهو ان احقق دولة للشعب مستقلة للشعب الفلسطيني على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدسالشرقية، لكنني لم انجح في ذلك. انا اعمل من اجل الانتخابات العام المقبل، ولن ارشح نفسي». واضاف المسؤول ان قادة اجهزة الامن هددوا بالاستقالة الجماعية، فرد عليهم قائلا: «ماذا تريدون مني، انا عمري 75 عاما، وهذا يكفي». وعقب الخطاب، تظاهر المئات من ناشطي حركة «فتح» امام مقر المقاطعة، مطالبين عباس بمواصلة قيادة الشعب الفلسطيني. وفي نيويورك، استعدت الجمعية العامة للامم المتحدة ليل الخميس - الجمعة لتبني مشروع قرار «تؤيد» بموجبه تقرير مجلس حقوق الانسان الذي اعده القاضي ريتشارد غولدستون عن حرب غزة، وتضمن توصيات لمحاسبة اسرائيل وحركة «حماس» على الانتهاكات الجسيمة للقانون الانساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان، والتي تمثلت بارتكاب «جرائم حرب وربما جرائم ضد الانسانية». وبموجب مشروع القرار، وتماشياً مع توصيات بعثة غولدستون، تطلب الجمعية العامة من كل من اسرائيل والجانب الفلسطيني اتخاذ كل الخطوات الملائمة في غضون ثلاثة اشهر لاجراء تحقيقات مستقلة وذات صدقية ومتوافقة مع المعايير الدولية. كما تطلب من الامين العام للامم المتحدة متابعة تطبيق القرار بعد ثلاثة اشهر وتقديم تقرير الى الاممالمتحدة «مع الاحتفاظ بامكان احالة الامر على اجهزة اخرى ملائمة للامم المتحدة، من بينها مجلس الامن». وكانت المجموعة العربية عقدت امس اجتماعا خرجت منه بقرار التصويت على مشروع القرار كما هو ليل الخميس - الجمعة، ما يعني فشل المفاوضات مع الاوروبيين على تعديل نص مشروع القرار، علماً ان بعض الدول الاوروبية يرفض صيغة تتضمن «تأييد» تقرير غولدستون، ويريد الاكتفاء بصيغة «أخذ علماً» او حتى «يرحب بارتياح»، كما يرفض بعض الدول رفع التقرير الى مجلس الامن، او وجود آلية مراقبة ومحاسبة للتحقيقات التي سيجريها الطرفان. وقال رئيس المجموعة العربية للشهر الجاري السفير السوري بشار الجعفري بعد الاجتماع ان المجموعة العربية «قررت المضي قدما في اعتماد مشروع القرار الذي سبق وقدمته الى الجمعية العامة من دون اي تغيير، والتشبث فيه». واضاف ان «سورية داعمة للجهد العربي الجماعي ولمشروع القرار»، علما انها سبق ان وضعت ملاحظات عليه. وكان المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية السفير خالد بن عبد الرزاق النفيسي أيد في كلمته امام الجمعية العامة ما توصل اليه «تقرير غولدستون» ووصفه بأنه «صريح وشفاف»، وقال ان المملكة «تدعو الى اتخاذ اجراء مناسب من الجمعية العامة». كما دعا «المجتمع الدولي الى التحرك بمسؤولية في السعي الى تحقيق العدالة في هذه القضية لانه يجب الا يكون هناك دولة او تنظيم مسلح فوق القانون». واعرب عن قلق المملكة البالغ بسبب استمرار اسرائيل في حصار غزةوالقدس والتعديات السافرة على المسجد الاقصى، داعياً الجمعية العامة الى «الوقوف في وجه هذا الاعتداء الغاشم والتضامن والتصويت مع تقرير غولدستون لمنع تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلا».