في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام، يحتفل بعض المسلمين في بعض البلدان العربية بمولد النبي «صلى الله عليه وسلم» ابتداعاً أو عن حسن ظن وطيبة قلب، من باب المحبة للنبي «صلى الله عليه وسلم»، ومحبة الرسول من الواجبات، بل وأعظم الحقوق بعد حق الله تعالى، وهو القائل عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين»، ومن محبتنا للرسول «صلى الله عليه وسلم» الايمان به واتباعه وطاعته وتحكيمه، ورد ما يتنازع فيه اليه، والرضا بحكمه والتسليم له وتعزيره وتوقيره ونصرته وتقديمه على النفس والمال والأهل. وأعظم الحقوق له «صلى الله عليه وسلم» طاعته وامتثال أمره، وهذا الحق هو أعظم حقوق الرسل عليهم الصلاة والسلام، من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله)، ومن هنا فإنه لا يجوز لأحد يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر، أن يأتي فيزعم بأن لرسول «صلى الله عليه وسلم» شيئاً فوق هذا، مدعياً أنه يحبه ويجله ويوقره، كما يفعله البعض – هداهم الله – ممن يطالبون، بل ويحيون بأنفسهم ما يُسمى بالمولد النبوي، إذ ينشدون الأشعار ويتغنون بالمدائح، ويستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويسألونه قضاء الحاجات، أو يرجونه لشفاء الأمراض أو تفريج الكربات، وهو صلى الله عليه وسلم انما جاء ليدعو الناس لعبادة الله وحده، ويحذرهم من الكفر والشرك والغلو فيه، وهذا واضح في سيرته وحياته عليه الصلاة والسلام، إذ نهى معاذ – رضي الله عنه – أن يسجد له، وقال «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»، ونهى ذلك الرجل الذي قال: ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نداً، قل ما شاء الله وحده، وغير ذلك كثير من الأحاديث التي تنهى عن الغلو فيه «صلى الله عليه وسلم». الاحتفال بالمولد النبوي أمر محدث مبتدع ومخترع، لم يأذن به الله ولم يرضه رسوله «صلى الله عليه وسلم»، ولم يفعله من أمرنا باتباعهم والأخذ بسنتهم وهم الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يفعله أحد من الصحابة الكرام ولا التابعين الذين هم من أشد الناس حباً للنبي «صلى الله عليه وسلم»، بل أول ما ظهر هذا الأمر وجاءت به الدولة العبيدية. وما جواب المحتفل بالمولد من قول النبي صلى الله عليه وسلم «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وفي رواية «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، ولو كان هذا العمل الذي تطالبون به أمراًَ مشروعاً وخيراً مبروراً لسبقنا اليه سلف هذه الأمة، فهم على الخير أحرص وإلى البر أسبق، ثم أيضاً أين نجد الدليل القاطع أنه ولد «صلى الله عليه وسلم» في الثاني عشر من ربيع الأول؟ وأهل العلم والثقات في بلادنا وغيرها قد ردوا هذا الأمر من قديم الزمان، بل وألفوا المؤلفات في ذلك، ولدار الافتاء في السعودية إصدار مميز حول هذا، فأتمنى من الجميع أن يطلع عليه. أخيراً... أقول لكل من يرى أن هذا الاحتفال بالنبي «صلى الله عليه وسلم» حق، وأنه مشروع مما يؤجر عليه الانسان، أقول له كما يقول تبارك وتعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). حمد بن إبراهيم الحريقي الداعية في فرع وزارة الشؤون الإسلامية في منطقة القصيم