أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أمس، انه وجّه رسالة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طالبه فيها بضبط المقاتلين الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق اوكرانيا، وتطبيق اتفاقات مينسك لوقف النار، واطلاق كل الرهائن وبينهم الطيارة الأوكرانية ناديا سافشنكو التي تقول إن «انفصاليين خطوفها ونقلوها الى سجن في موسكو»، حيث بدأت اخيراً اضراباً عن الطعام. في المقابل، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى حفاظ كييف على حيادها للحيلولة دون مزيد من الانقسامات في اوكرانيا، علماً ان القيادة الأوكرانية الجديدة تسعى منذ إطاحة الرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش في شباط (فبراير) 2014 الى نيل عضوية الحلف الأطلسي (ناتو)، بعدما نبذ البرلمان وضع «عدم انحياز» البلاد. وحصدت الاشتباكات المستمرة منذ ان بدأ الانفصاليون السبت الماضي هجومهم على مدينة ماريوبول، آخر مدينة تخضع لسلطات كييف في الشرق، 3 قتلى جدداً و15 جريحاً في صفوف الجيش الأوكراني. وقال الناطق العسكري فلاديسلاف سيليزنيوف ان الانفصاليين قصفوا 55 بلدة وقرية خلال الساعات ال24 الأخيرة. اما وزارة الخارجية الروسية فأشارت الى تعرض مناطق مدنية لنحو 68 عملية قصف من قوات كييف، بينها اطلاق قذائف مورتر على مدينة دونيتسك التي يسيطر عليها الانفصاليون. وأكدت ان التحركات العسكرية لقوات الحكومة الأوكرانية «ستؤدي إلى مزيد من التصعيد الحتمي للصراع في شرق اوكرانيا، وستقوّض جهود السلام». وخلال زيارته كييف، أكد وزير الخزانة الأميركي جاك ليو ان بلاده ستتعاون مع الاتحاد الأوروبي لتشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب دورها في عودة العنف الى شرق اوكرانيا. وكان الاتحاد الأوروبي أعلن أول من أمس انه يدرس عقوبات جديدة على موسكو. وكشفت مسودة اتفاق سيُناقشها اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في بروكسيل اليوم، إن الاتحاد سيمدد ستة شهور العقوبات التي فرضت على روسيا في آذار (مارس) الماضي بسبب ضمها شبه جزيرة القرم الاوكرانية، كما سيضم أسماءً جديدة الى لائحة المستهدفين بعقوبات، ويُعّد خطوات جديدة. اما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فأعلن ان بلاده صدّرت العام الماضي، رغم العقوبات الغربية، تجهيزات عسكرية بأكثر من 15 بليون دولار، على غرار عام 2013. وتعتبر روسيا ثاني مصدّر للأسلحة في العالم بعد الولاياتالمتحدة، وبين زبائنها المهمين الهند والصين. وتفاخر بوتين بسمعة روسيا «كشريك موثوق لا يرهن احترام التزاماته بتفضيلات عابرة او ظروف سياسية»، في تلميح الى قرار فرنسا ربط تسليم موسكو سفناً حربية من نوع «ميسترال» بتهدئة الوضع في شرق اوكرانيا. وقال ليو: «خيارنا الأول هو الحل الديبلوماسي الذي سيسمح بأن نخفف العقوبات، لكننا مستعدون لبذل مزيد اذا تطلب الأمر. لذا سنواصل العمل مع حلفائنا لتشديد الضغط على روسيا». وكشف ليو ان اوكرانيا التي تعاني من ازمة اقتصادية خطيرة، ستتلقى هذه السنة قروضاً اميركية قيمتها بليوني دولار لتمويل نفقاتها الاجتماعية شرط ان تطبق اصلاحات وعدت بها، خصوصاً في مجال مكافحة الفساد. وكانت واشنطن منحت كييف قرضاً قيمته بليون دولار العام الماضي. وأعلنت وزيرة المال الأوكرانية ناتالي يارسكو ان بلادها التي انهار اقتصادها بنسبة 8.5 في المئة العام الماضي، شهدت تدهور اجمالي ناتجها الداخلي بنسبة 20 في المئة بسبب حرب الشرق التي تكلفها بين 5 و7 ملايين دولار يومياً. الى ذلك، شددت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية فيكتوريا نولاند على ضرورة ابقاء دول الحلف الأطلسي خطها الحازم في أزمة اوكرانيا، وتسريع انشاء مراكز قيادة ومراقبة في الدول الست على حدود اوكرانيا. وقالت، في كلمة القتها بمركز «بروكينغز» للبحوث في واشنطن: «يجب احترام تعهداتنا الأمنية المتبادلة»، مشيرة الى ضرورة مساهمة كل حلفاء الأطلسي في «قوة طليعية تسمح بإرسال قوات سريعاً الى اماكن الاضطرابات». وتابعت: «الأطلسي منظمة دفاعية تهدف الى ردع الدول عن العدوان، ولكن يجب ان نكون مستعدين اذا فشل هذا الهدف». وشددت نولاند على ان العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي وواشنطن على روسيا «لا تهدف الى معاقبة الشعب الروسي بل تغيير سياسة بوتين. ولكن بعد الانتهاكات الفاضحة لاتفاق مينسك الأسبوع الماضي بتنا مضطرين على ضفتي الأطلسي الى بحث زيادة الثمن الذي يجب ان تدفعه روسيا». كازاخستان على صعيد آخر، قال مقرر الأممالمتحدة ماينا كياي، في تقرير عن مهمة نفذها لتقصي الحقائق في كازاخستان، إن مسؤولي البلد الواقع في آسيا الوسطى ابلغوه انهم يضيقون الخناق على المسيرات السلمية، خوفاً من تكرار التظاهرات التي سببت فوضى في اوكرانيا. وقال: «لا أقبل ذلك كسبب مشروع للحد من حق التظاهر»، علماً ان الرئيس الكازاخي نور سلطان نزارباييف سعى الى لعب دور وسيط سلام في صراع اوكرانيا.