يضيء الناقد عالي القرشي محطات مختلفة في القصة القصيرة السعودية، ويسائل وعي القاصين على اختلاف اتجاهاتهم، في ورقة مهمة يشارك بها في ملتقى القصة العربية، الذي ينطلق الأحد المقبل في القاهرة إضافة إلى الروائي يوسف المحيميد والقاص حسن البطران. ننشر هنا مقاطع منها: «يعد الجنوح نحو كتابة القصة في السعودية الذي قاده الرواد من أمثال السباعي والعامودي، تحولا نحو نوع من الكتابة يجسد المصائر الإنسانية، ويقيم الشأن للعابر، والمهمش، بعد أن عايش الإنسان العربي ذلك النمط من الكتابة الذي يتعلق بالبطولي، والمثال في قيم الشعر والخطابة، واستمر ذلك التحول يرعى نماذجه ويحول الرؤية للاهتمام بها، ابتداء من الذات الساردة التي أخذت تستبطن، وتخلق النماذج، وتناوئ المألوف والساكن، ومروراً بتلك المساءلات والتأملات التي تنداح في باطن السرد تداعياً يحمل القلق، والاحتجاج، ويقيم الحلم، حتى أصبحنا اليوم أمام تشكيلات سردية في عالم القصة متابينة التشكيل، منها ما أصبح استضافة للشعر في نسيج سردي، ومنها ما أصبح يشكل ميداناً لتحريك النص التراثي، المحكي وغيره في عالم سردي من تشكيل القصة... ولهذا سيغامر هذا المبحث بمحاولة اكتشاف ما يكمن وراء التحولات في كتابة القصة القصيرة، وما تجلى في تقنياتها المتعددة، من خروج عن جماليات الشعر إلى استحضار لها في اللغة الشعرية في القصة، ومن قراءة للفن التشكيلي في مصائر شخصيات وأحداث تصنعها الكلمات، وقراءة لطرائق الكتابة القصصية في المقاطع واللوحات المشهدية، ثم الجنوح نحو التكثيف في مستوى تحول القصة لأن تكون منبعاً لعالم روائي يشكله المتلقي، في نماذج تستند إلى تداع يهيء من ذاكرات تسرد وتخلق متابعاً سردياً؛ لتصبح موئلاً لصنيع روائي مكثف، وفي المستوى الذي جنح للتكثيف في نماذج القصة القصيرة جداً، مع محاولة استكناه فعل القارئ في العمل السردي، وما ارتد به الاعتداد بهذا الفعل على العمل القصصي من تحول في الرؤية والتشكيل».