موسكو، تبليسي - يو بي أي، أ ف ب - رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الأزمة بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية، تشكل مؤشراً على خطورة توسّع حلف الأطلسي (ناتو) شرقاً، وأشار الى أن موسكو لن تقبل بفشل علاقاتها مع واشنطن. ونقلت وكالة الأنباء الروسية (نوفوستي) عن لافروف قوله في كلمة ألقاها أمس في جلسة للجمعية العامة لمجلس السياسة الخارجية والدفاعية في موسكو: «يكفي أن نتصوّر ما الذي كان سيحدث لو أن جورجيا عضو في حلف الاطلسي فيما لم يبق أمام روسيا إلا التصرّف كما فعلت في أزمة القوقاز»، في إشارة الى تدخّل روسيا العسكري في النزاع بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية. ودخلت روسيا على خط النزاع العسكري بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية بعد يوم من اندلاعه في 8 آب (أغسطس) الماضي، تحت شعار الدفاع عن أهالي أوسيتيا الجنوبية. لكن بعد تدخّل الغرب، أعلنت روسيا وقف عملياتها العسكرية التي وصلت إلى قلب الأراضي الجورجية، في 12 آب، وأقدمت في 26 منه على الاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا. ونقل موقع «روسيا اليوم» الإخباري عن لافروف قوله إن موسكو تبدي تفاؤلاً حذراً إزاء تطوّر العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة، «ولا بدّ من أن تمرّ فترة لاستعادة الثقة المتبادلة، لكن الطرفين يسيران في اتجاه صحيح». وزاد: «لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بأن يفشل انطلاق علاقاتنا مع الولاياتالمتحدة». وأعلن لافروف أن روسيا لا تعارض تحويل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الى «منظمة مظلة»، ولكن ليس في شكلها الحالي. ولفت الى أن «مقترحاتنا في هذا الشأن لا تلقى دعماً لدى الشركاء الذين لا يطرحون بدورهم أي مقترحات بديلة، اذ يعتقد الغرب أن المنظمة في شكلها الحالي تعدّ مقياساً ذهبياً». يذكر أن روسيا تعارض توسّع «ناتو» شرقاً، وتعتبر اقتراب الآلة العسكرية للحلف من حدودها تهديداً مباشراً لأمنها الوطني. ويؤكد مسؤولون روس أن هذا التوسّع لا يعزّز الشفافية والثقة في التعاون بين روسيا الحلف، ولا يساعد على التحوّل إلى نوعية جديدة في العلاقات. كما أعربت موسكو مراراً عن عدم اقتناعها بالمبرّرات التي يقدمها «الناتو» لتوسعه. ودعا لافروف الاتحاد الأوروبي الى التعامل مع الدول السوفياتية السابقة «باحترام» و «شفافية»، وانتقد مجدداً سياسة بروكسل حيال أوكرانيا، والاتفاق الذي وقعته مع كييف لمساعدتها على تحديث شبكتها لنقل الغاز، مشيراً الى أن المحادثات بين الطرفين «تخالف تماماً آلية العمل المشترك التي اتفقنا عليها». تظاهرات تبليسي وفي تبليسي، تجمع آلاف من أنصار المعارضة أمس في العاصمة لليوم الثالث للمطالبة باستقالة الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي، لكن زخم الاحتجاجات بدأ يتراجع. وتجمع حوالى أربعة آلاف متظاهر أمام البرلمان، في حين قال قادة من المعارضة ان تجمعات أخرى أدت الى إغلاق الشوارع المؤدية الى مكتب الرئيس والتلفزيون الحكومي. ويمثل عدد المتظاهرين أمس تراجعاً كبيراً مقارنة مع 60 الفاً الخميس الماضي و25 ألفاً أول من أمس. وهي أكبر تظاهرة معارضة لساكاشفيلي منذ النزاع مع روسيا في آب الماضي. وكان المعارضون توعدوا بمواصلة حركة الاحتجاج حتى استقالة ساكاشفيلي، لكنهم أعلنوا انهم لن يتظاهروا اليوم، لأنه أحد الشعانين بالنسبة الى الروم الأرثوذكس وبداية أسبوع الآلام الذي يسبق عيد الفصح. وأكد كوبا دافيتاشفيلي أحد قادة حزب الشعب المعارض، للحشد أمام البرلمان انهم لن يتراجعوا عن المطالبة باستقالة الرئيس. وقال: «لن يكون هناك حوار مع ساكاشفيلي. الحوار ممكن في شأن مسألة واحدة فقط هي: استقالته». وأعلن المتظاهرون حملة عصيان مدني أول من أمس بعدما عرض الرئيس التحاور مع المعارضة لكنه رفض الاستقالة. ويختلف موقف زعماء المعارضة في شأن التحاور مع ساكاشفيلي، الذي يتهمه خصومه بأنه أساء ادارة النزاع مع روسيا وازداد تسلطاً منذ تسلمه السلطة بعد «ثورة الورود» الشعبية السلمية عام 2003. وتعهدت الحكومة والمعارضة أن تكون الاحتجاجات سلمية، لكن التوتر يشتد وهناك مخاوف من أعمال عنف. ويحرص المسؤولون الأمنيون على عدم تكرار أحداث تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، عندما استخدمت الشرطة رصاصاً مطاطياً وغازاً مسيلاً للدموع وخراطيم مياه لتفريق آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة، ما أساء الى صورة ساكاشفيلي الذي يقدم نفسه بصفته مصلحاً ديموقراطياً.