انطلقت في جنيف جلسات الحوار الليبي التي تستمر حتى اليوم، برعاية مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون وحضور عدد من الشخصيات «المعتدلة». وعلمت «الحياة» أن ليون أطلق جلسات الحوار قبل يوم من موعدها المقرر، ليتسنى له التوجه بعدها إلى لندن لإطلاع عواصم الغرب المعنية على مضمون الاتفاق الذي توصل إليه المتحاورون ونيل دعم لهذا الاتفاق يتمثل بدرس فرض عقوبات في مجلس الأمن على الذين «يعطلون الحوار». (للمزيد) وشاركت في جلسة الحوار أمس، 16 شخصية ليبية، من بينها أعضاء في مجلس النواب (المنعقد في طبرق) وآخرون من الأعضاء السابقين في المؤتمر الوطني (المنتهية ولايته)، على رغم إعلان الهيئتين الاشتراعيتين المتنافستين مقاطعتهما الحوار. كما شارك ناشطون واستشاريون وممثلون عن المجتمع المدني، نشرت بعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا أسماءهم على موقعها ليل الثلثاء- الأربعاء. لكن نشر أسماء المشاركين لم يبدد ما وصفه مراقبون في ليبيا «ضبابية» خيّمت على جدول أعمال المناقشات، في ظل تكتم إعلامي شديد على مضمونها، سواء لجهة ما تناولته تكهنات عن سعي إلى الاتفاق على تشكيل مجلس تنفيذي توافقي لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، أو لجهة إعلان وقف للنار، وقدرة المتحاورين على فرض ما يتفقون عليه في هذا الشأن. واعلن ليون امس، أن الحوار يهدف إلى «تسوية سياسية لتشكيل حكومة وحدة يمكن أن تدعمها غالبية الليبيين». وأعرب عن أمله في أن تلتزم الفصائل المسلحة بوقف لإطلاق النار لدعم هذه العملية. وأكد أن «الباب سيظل مفتوحاً» أمام المقاطعين للمشاركة، مبدياً تفاؤله بقرار «عدد من البلديات المتحالفة مع طرابلس حضور محادثات» جنيف، في إشارة إلى مدينة مصراتة. وقال ل «الحياة» مصدر ليبي مطلع على حوار جنيف، إن المناقشات تتناول وقف الغارات الجوية التي تشنها القوات الموالية للواء خليفة حفتر، في مقابل انسحاب «فجر ليبيا» من مناطق في العاصمة طرابلس، الأمر الذي وصفه بإقامة «منطقة محايدة» في المدينة لضمان أمن مؤسسات عامة ومنشآت حيوية. وعلى رغم إعلان المجلس المحلي في مصراتة التي تعتبر عماد ما يوصف ب «الميليشيات الإسلامية»، مباركته الحوار الذي تمثلت فيه المدينة بعدد من نوابها، فإن قوات «فجر ليبيا» أعلنت رسمياً انضمامها إلى موقف المؤتمر الوطني الرافض للحوار بصيغته الحالية. وأظهر ذلك تبايناً في المواقف داخل مصراتة. وأبلغ مصدر ديبلوماسي فرنسي مطلع «الحياة»، أن مسار الحوار الذي يقوده ليون «صعب ومعقد، لكن الأمر الإيجابي فيه، هو محاولة التوصل إلى اتفاق». ولفت المصدر إلى أن الحوار يعقد عشية اجتماع مقرر في لندن يوم الجمعة المقبل، على مستوى مدراء وزارات الخارجية في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، إضافة إلى ممثلين عن ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والجامعة العربية، للبحث -في حضور ليون- في استراتيجية للتقدم نحو حل للأزمة الليبية. وستتم مناقشة عدد من أدوات الضغط لدفع مسار الحوار، بما في ذلك درس فرض عقوبات على رافضيه. وعزا المصدر الفرنسي تعجيل ليون عقد الحوار، إلى رغبة الأخير في إطلاق المسار التفاوضي قبل البحث في إجراءات عقابية. في الوقت ذاته، أبدى مصدر غربي مطلع على الوضع الليبي، قناعته بأن حفتر «ممثل في حوار جنيف، خصوصاً أن ليون التقاه الأسبوع الماضي». وشدد المصدر على أهمية اجتماع لندن الذي سيحضره ليون، لأن الأخير «سيضع المجتمعين في صورة ما حصل (في الحوار) وستناقش الدول المشاركة في الاجتماع آليات لدعم مسار الحوار والتوصل إلى حل حفاظاً على وحدة ليبيا». في المقابل، بدت «فجر ليبيا» غير ممثلة في الحوار، بعدما أعلنت قياداتها الميدانية رفضها العملية والتزامها قرار المؤتمر الوطني المقاطعة. وقال ل «الحياة» النائب المقاطع جلسات مجلس النواب في طبرق والمحسوب على الإسلاميين، عبد الرؤوف المناعي، إن حوار جنيف «ولد ميتاً، لأن ليون لم يحترم الأصول (في توجيه الدعوات) ولا حكم المحكمة العليا إبطال برلمان طبرق». وأسف لمشاركة بعض الشخصيات من مصراتة في الحوار، وتمنى من المدينة «أن يكون خيارها منسجماً مع حجم تضحياتها في ثورة 17 فبراير».