عقدت الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية أمس، جلستها الثالثة للنظر في الطعون بشرعية انعقاد مجلس النواب والتي قدمتها مجموعة من النواب المقاطعين لجلساته. ورددت أوساط سياسية تكهنات بأن المحكمة تتجه إلى الحكم بعدم شرعية انعقاد المجلس في مدينة طبرق (300 كيلو متر شرق بنغازي). وقدمت الطعون إثر انعقاد المجلس منذ 4 آب (أغسطس) الماضي في طبرق، وذلك بذريعة انعدام الأمن في بنغازي، المقر الدائم للبرلمان، علماً بأنها تشهد قتالاً ضارياً منذ أشهر عدة وحتى قبل بدء البرلمان جلساته. وعقدت جلسة المحكمة العليا في العاصمة طرابلس أمس، وسط إجراءات أمنية مشددة، إذ أغلقت الشوارع المؤدية الى مقر المحكمة قرب فندق المهاري وسط المدينة، للحيلولة دون وصول متظاهرين قد يهددون سير أعمالها، كما حدث في جلسات سابقة. واستمعت الدائرة الدستورية برئاسة المستشار كمال دهان رئيس المحكمة العليا وبكامل أعضائها، إلى مرافعات فريق محامين يتقدمهم أبوبكر الشريف، تم توكيله من قبل الطاعنين في دستورية نقل البرلمان جلساته إلى طبرق، حيث طالب الفريق، الذي أبدى ثقته المطلقة في عدالة القضاء الليبي واستقلاليته، بالاستجابة الى طلب الطاعنين للأسباب المدرجة في المذكرات المقدمة من طرفهم والمستندة الى جملة من المواد القانونية المساندة لهذا الطلب. كما استمعت الدائرة أيضاً إلى طلب إدارة القضايا التي فوضت المحكمة العليا بإصدار الحكم المناسب إزاء هذه الطعون . أما إدارة النقض في المحكمة العليا، فأعلن ممثلها أمام جلسة الأمس قبول الطعن شكلاً وفي موضوع «الحكم بعدم دستورية عقد جلسات البرلمان الليبي في مدينة طبرق»، وقرر رئيس الجلسة حجز القضية للنطق بالحكم اليوم، المصادف 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. وما أن غادر الطاعنون ومحاموهم قاعة الجلسة حتى بدت عليهم علامات الارتياح، فيما قال عبد الرؤوف المناعي النائب الإسلامي المقاطع جلسات البرلمان، لعدد من المتحلقين حوله: «نحن مستعدون لهم (يقصد البرلمانيين في طبرق) بكل الطرق القانونية وغير القانونية». ولم يصدر على الفور سوى رد فعل واحد إزاء ما سيصدر عن المحكمة العليا من حكم بشأن دستورية عقد البرلمان الليبي جلساته في طبرق، إذ قال الناطق باسم البرلمان إن المجلس سيقبل بالحكم الصادر عن المحكمة العليا. ولم تتوافر معلومات عما إذا كانت المحكمة سترفق بحكمها بطلان القرارات التي اتخذها البرلمان في طبرق وأهمها طلب تدخل خارجي وتصنيف خصومها السياسيين بأنهم «إرهابيون». في غضون ذلك، بدأت مرحلة جديدة في التعامل مع الأزمة الليبية في مجلس الأمن بضغط من المبعوث الدولي إلى ليبيا برناردينو ليون مدعوماً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من خلال الإعداد لعملية سياسية بالتوازي مع فرض عقوبات على تنظيم «أنصار الشريعة» بطلب فرنسي - أميركي، في وقت تضغط لندن لتحميل اللواء خليفة حفتر مسؤولية مشتركة في عرقلة العملية السياسية. وقال ديبلوماسي في مجلس الأمن إن «روسيا كانت اعترضت على إدراج اسم حفتر ضمن لائحة معرقلي العملية السياسية في مشروع بيان كانت طرحته بريطانيا على المجلس الأسبوع الماضي، إذ اعتبر المندوب الروسي في الجلسة أن توجيه اللوم إلى حفتر لن يساعد العملية السياسية». وأكد المصدر أن «الإجماع في الجلسة المغلقة الثلثاء كان واضحاً على إدانة أنصار الشريعة فقط». وقال ديبلوماسي مطلع على الموقف البريطاني إن «لندن ترى أن حفتر قاد انقلاباً في ليبيا وهو لا يحظى بدعم واسع بين الليبيين، بل إن دعمه الأساسي يأتي من خارج ليبيا، كما أنه ليس جزءاً من القوات الرسمية التابعة للحكومة وتالياً هو مهدد للعملية السياسية». وقدمت فرنسا ثم الولاياتالمتحدة الاثنين، طلباً إلى لجنة العقوبات التي تتابع تنظيم «القاعدة» والتنظيمات المرتبطة به في مجلس الأمن، لإضافة «أنصار الشريعة» الليبي إلى لوائح العقوبات التي تشمل منع سفر وتجميد أرصدة وحظر أسلحة، على أن تتبنى لجنة العقوبات هذا الطلب في 19 الشهر الجاري، ما لم تعترض أي دولة عضو في مجلس الأمن. وقال ديبلوماسي في المجلس شارك في جلسة المشاورات المغلقة مساء الثلثاء بحضور ليون، إن المبعوث الخاص إلى ليبيا «يعمل وفق طريقة المبعوث الخاص إلى اليمن جمال بنعمر، أي أنه يريد أولاً التوصل إلى اتفاق سياسي داخلي في ليبيا، ثم استخدام سياسة «العصا والجزرة» مع الأطراف، ومن بعدها تدخل مجلس الأمن بشكل مباشر لدعم الاتفاق وفرض إجراءات عقابية على المعرقلين». وقال إن مجلس الأمن سيصدر «موقفاً واضحاً خلال أيام قليلة يوجه فيه رسالة إلى الأطراف الليبيين بضرورة التقيد بالعملية السياسية، ودعم مهمة ليون، وإدانة كل أعمال العنف، والدعوة إلى احترام قرارات مجلس الأمن المعنية بليبيا». وأكد مجلس الأمن دعمه الكامل للمبعوث الخاص إلى ليبيا وجهوده لجمع الأطراف حول حل سياسي. وحض «كل الأطراف في ليبيا على احترام وقف النار»، مشدداً على أن «لا حل عسكرياً للأزمة الحالية». وحض الأطراف الليبية على الانخراط في عملية حوار سياسي يقودها الليبيون وتسهلها الأممالمتحدة. كما شدد على أهمية وصول المساعدات الإنسانية إلى النازحين.