برز تناقض في المواقف بين الحكومة الليبية التي يرأسها عبدالله الثني وبعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا. وفي حين أشاد رئيس البعثة الدولية برناردينو ليون بمبادرة الجزائر للحوار بين الليبيين واعتبرها الأفضل لحل الأزمة، انتقد الثني الجزائر، نافياً علم حكومته بمبادرتها، ومؤكداً أن ملف الحوار هو من اختصاص مصر التي زارها الأربعاء. وقال ممثل الأممالمتحدة في ليبيا، عقب لقاء جمعه أمس بعبد القادر مساهل وزير الدولة الجزائري للشؤون المغاربية والأفريقية، إن «للجزائر تصوراً ومعرفة ومبادرة تعد الأفضل من أجل إيجاد حل للأزمة في ليبيا». وأضاف ليون: «أنا على يقين بأن الجزائر تضطلع بدور مهم جداً في تسوية الأزمة الليبية البالغة التعقيد». وأكد أن «الأممالمتحدة مقتنعة بأن في إمكانها إحداث فرق في ليبيا من خلال التعاون مع الجزائر». يأتي ذلك في وقت يبذل ممثل الأممالمتحدة مساعي لإطلاق حوار بين الأطراف الليبية، استهلها بجمع ممثلين عن نواب الطرفين في مدينة غدامس مطلع الأسبوع الماضي، تمهيداً لإجراء حوار رسمي على هامش اجتماع لدول الجوار الليبي كان مقرراً أن يعقد في الجزائر في النصف الأول من الشهر الجاري. وكان مقرراً أن يستكمل ليون مساعيه بالدعوة إلى اجتماع ثان بين نواب الطرفين في 11 الشهر الجاري. غير أن مراقبين في ليبيا توقفوا أمس عند كلام رئيس الحكومة الليبية رداً على سؤال عن مبادرة الجزائر لاستضافة حوار بين الليبيين، إذ أجاب أن «هذا الملف مختصة به مصر، ولم توجه أي دعوة بخصوص حوار الجزائر». وأضاف الثني: «لا علم لنا بخصوص حوار الجزائر، لأنه لم يتم توجيه دعوة (إلى الحكومة)، وإذا كان هناك حوار يجب توجيه الدعوة إليه وأن تعلم الأطراف الحاضرة. وأما أن يتم التسويق لحوار والحكومة لا علم لها به، فهو أمر غير صحيح». وقرأ المراقبون في هذا الكلام رفضاً من جانب الثني الذي بدا غير مقتنع بجدوى حوار مع خصوم يرعون تحالفاً عسكرياً يعرف باسم «فجر ليبيا» يفرض سيطرته على أجزاء واسعة من البلاد، خصوصاً العاصمة طرابلس ويشكك في شرعية انعقاد البرلمان المنتخب حديثاً في مدينة طبرق (شرق). وتجلى ذلك في قول الثني خلال مؤتمر صحافي في القاهرة أول من أمس، أن «الفصائل التي سترضى بإرادة الشعب يمكن الجلوس والحوار معها، والفصائل التي تريد أن تسرق السلطة بالقوة لا حوار معها، إلا إذا انضوت تحت مجلس النواب وما ينبثق عن مجلس النواب. وبعد ذلك لا يمكن الحوار مع أي مجموعات إرهابية لا ترضى بإرادة الشعب». يأتي ذلك في وقت دعت حركة «النهضة» التونسية برئاسة راشد الغنوشي الفرقاء في ليبيا إلى التوافق، وأكدت دعمها المبادرة الجزائرية. ومعلوم أن البرلمان المنعقد في طبرق والذي يدعم حكومة الثني، يخوض صراعاً مع الأطراف التي تشكك بإجراءات تسلمه السلطة وتعتبرها غير دستورية، كما تشكك بقراره الانتقال إلى طبرق، الأمر الذي دفع مجموعة من النواب الى الانسحاب منه، والتبرؤ من جملة قرارات اتخذها، وأهمها: طلبه تدخلاً عسكرياً خارجياً وتصنيفه معارضيه بأنهم «إرهابيون». وقال ل «الحياة» مصدر ليبي قريب من برلمان طبرق، إن «الحكومة ترفض حواراً يجري في ظل أمر واقع على الأرض، يكرّس هيمنة الميليشيات التي تسيطر على طرابلس، ويكافئها بجعلها طرفاً مقبولاً في المعادلة السياسية». في المقابل، أبلغ «الحياة» مصدر قريب من «فجر ليبيا»، أن الحوار مع الحكومة بات متعذراً في وقت تسعى إلى الاستقواء على معارضيها، عبر الإلحاح على طلب مساعدة دولة مجاورة في مواجهتهم» وذلك في إشارة إلى مصر. وتوقع المصدر فشل حوار غدامس لهذا السبب. ميدانياً، تواصلت المعارك العنيفة للسيطرة على مطار بنغازي، بين القوات التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومقاتلي «مجلس شورى ثوار» المدينة. وأسفرت المعارك عن مقتل قيادي بارز ل «الثوار» واثنين من معاونيه في الغارات الجوية التي يشنها حفتر الذي سقط 14 قتيلاً من قواته خلال الساعات ال72 الأخيرة. وأعلن «مركز بنغازي الطبي» أنه استقبل جثة سليم نبوس القائد الميداني ل «الثوار» واثنين من رفاقه، الذين قضوا في المعارك الدائرة في محيط مطار بنينا.