بعد أن سلمت إسرائيل بفشل جهودها المكثفة لحمل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف على التصويت ضد مشروع القرار الفلسطيني المدعوم من دول عدم الانحياز بتبني «تقرير غولدستون» الذي اتهم الدولة العبرية بارتكاب جرائم حرب في غزة، وأن معركتها «خاسرة سلفاً»، كرست جهودها أمس لإقناع «الدول الديموقراطية والمتنورة» بعدم تبني التقرير أو الامتناع عن التصويت، «ما سيمس بشرعيته ويجعل مسألة إجهاضه في مراحل لاحقة أسهل». وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن التوقعات الإسرائيلية لنتائج التصويت على طلب تبني التقرير، الذي سيتم اليوم أو الاثنين المقبل، تفيد بأن 27 من الدول الأعضاء في المجلس على الأقل (من أصل 47) ستدعم الطلب في مقابل معارضة 9 دول فيما لم يتبين بعد موقف 11 دولة أخرى. وقالت في حال صوتت دول غربية ضد تبني التقرير، فإن إسرائيل ستدّعي أن «دولاً هامشية لا تحترم الديموقراطية في بلادها» دعمته وأنها قادرة بنفسها على التحقيق في ما حصل في قطاع غزة من دون تدخل خارجي. من جهتها، أفادت صحيفة «هآرتس» أن الجهود التي تقوم بها السلطة الفلسطينية في جنيف لإقناع الدول الأعضاء في المجلس بدعم موقفها تقوم على رسالة تقول إن عدم دعم مشروع القرار سيقوّض حكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى الضرر الكبير الذي ربما يصيب حركة «فتح» في مقابل تعزيز جماهيرية حركة «حماس»، لكن هذا التبرير يلقى معارضة أميركية إذ يشدد الديبلوماسيون الأميركيون في اتصالاتهم مع أعضاء في مجلس حقوق الإنسان على أن «الحجة الفلسطينية» واهية وأن لا علاقة بين المشاكل الفلسطينية الداخلية والتقرير، «ولا يجب حل الخلافات الفلسطينية في جنيف». وتابعت الصحيفة أن واشنطن تعمل على تعديل لهجة مشروع القرار الذي يدعو إلى تبني التقرير وتطبيق توصياته فوراً وإلى التنديد بإسرائيل على المساس بقدسية الأماكن المقدسة في القدس وسائر المناطق الفلسطينية المحتلة وإرغامها على رفع الحصار عن قطاع غزة. وتدعي إسرائيل في اتصالاتها مع دول العالم أن من شأن تبني التقرير أن يلحق ضرراً بالغاً بعملية السلام ويؤدي إلى وقفها. وعلى صعيد الجهود الأميركية لتحريك المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية وأوروبية أن الإدارة الأميركية تعتزم دعوة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى واشنطن لإجراء جولة مفاوضات مكثفة حول التسوية الدائمة تشمل قضايا الصراع الأساسية: القدس واللاجئين والحدود والترتيبات الأمنية، بعدما أيقنت أن جولات المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل لم تحقق شيئاً باتجاه استئناف المفاوضات، على خلفية رفض إسرائيل تجميد البناء في المستوطنات وعدم نجاح ميتشل في الحصول على «بادرات حسن نية» تجاه إسرائيل من دول عربية. وقال مصدر سياسي إسرائيلي إن مسؤولين أميركيين كباراً يجرون في الأيام الأخيرة اتصالات مكثفة مع الإسرائيليين والفلسطينيين لوضع الهيكلية لاستئناف المفاوضات. وأضاف أن مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية اسحاق مولخو الموجود حالياً في واشنطن يجري اتصالات في هذا الشأن. وتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما شخصياً إطار المفاوضات الجديد بعد أن يتلقى من وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون تلخيصاً للمحادثات التي أجراها ميتشل في القدس ورام الله. وأضاف أن كلينتون ستتهم الفلسطينيين والإسرائيليين بعرقلة استئناف المفاوضات. وزاد أن إسرائيل شرعت في اتصالات مع أصدقائها في الكونغرس الأميركي للتأثير على كلينتون كي لا يكون تقريرها متشدداً تجاه إسرائيل.