بين التذمر والفرح عاد طلبة الجامعات العراقية الى مقاعد الدراسة الجامعية بعد انتهاء عطلة العيد. فالصورة الذهنية التي يحملها الطلبة في رؤوسهم عن الالتزام الصباحي والزحامات المرورية التي تعايشوا معها لسنوات مضت كانت سبباً في ظهور علامات التذمر على وجوههم مع بدء العام الدراسي. وسيضطر الكثيرون منهم الى وداع الكسل الصباحي والبرامج الشتلفازية والنهوض مجدداً على اصوات المنبهات للتهيؤ لاستقبال باص الخطوط الجامعية امام باب المنزل او في الشارع الرئيس للحي. اما من لا يملك منهم خطاً لنقله الى الجامعة فعليه ان يخرج قبل بدء المحاضرات بساعتين كي يتمكن من انجاز رحلته الصباحية بين باصات النقل العام بنجاح واللحاق بموعد المحاضرة الاولى. وتبدو اوقات اللهو والسعادة معدودة في حياة بعض الطلبة، وهي لا تتجاوز بضعة ايام قبل ان تتراكم الواجبات والدروس العملية لاسيما بالنسبة الى طلبة الاختصاصات العلمية. وتقول سمر مازن وهي طالبة في المرحلة الخامسة في كلية الطب انها لا تملك الوقت مطلقاً وانها لم تنقطع عن الدوام اثناء العطلة بل قضت الوقت في التطبيق العملي داخل المستشفيات. وتضيف: «نحن طلبة الاختصاصات العلمية لا نملك الوقت الكافي للدراسة، فنستقتطع من اوقات راحتنا كي نتمكن من النجاح والحصول على التقدير الذي نرغب فيه». اما الطلبة الجدد فلهفتهم في اليوم الاول للدراسة لا توصف اذ اخذوا يهيِّئون له قبل اعلان نتائج القبول في الجامعات، فأقدموا على شراء الملابس الجديدة بألوانها الزاهية متأملين الا يطيح قرار وزاري مفاجئ بفرض الزي الموحد بألوانهم ويعيد فرض اللونين الرمادي والابيض. ويؤكد ايمن جليل ان تمرد الطلبة في العام الماضي دفع الى التغاضي عن الزي الموحد وان غالبية الطلاب عازمون على اسقاط القرار في حال صدوره، لأسباب اجتماعية واخرى مادية. ايمن يرى ان فرض الزي يتوجب ان يتم الإعلان عنه قبل شهرين من بدء العام الدراسي على اقل تقدير لا في منتصف السنة الدراسية مثلما حصل في العام الماضي. المدن الجامعية هيّأت هي الاخرى مستلزمات عامها الجديد، ليس باقتناء كراس او تنظيم رحلات جديدة، بل بتنظيف الصفوف والممرات المهملة والمتضررة بفعل التفجيرات، وتقسيم الطلبة الى مجموعات طبقاً للمراحل التي انتقلوا اليها علماً أن الطاقة الاستيعابية لكل صف يجب الا تتجاوز في أسوء الاحوال ال 45 طالباً. وبدا مجمّع باب المعظم الذي يضم سبع كليات علمية وانسانية الأكثر إرباكاً من بقية المجمعات، اذ لم تتمكن رئاسة جامعة بغداد من ازالة الزجاج وترميم الاضرار التي لحقت به نتيجة انفجار شاحنة مفخخة بالقرب من وزارة المالية المجاورة للمجمع، ما اضطر الطلبة الى المشاركة في عملية ازالة الانقاض . ولم تستثن الاستعدادات للعام الدراسي الجديد طالبات السكن الجامعي اللواتي فوجئن بعد عطلة طويلة بعدم اكتمال ترميم السكن، فاضطررن الى التكدس في الغرف السفلية لحين انتهاء العمل. ومهما اختلفت طبيعة الاستعددات للعام الدراسي الجديد تبقى هناك مفاجآت غير متوقعة لا يخلو منها بلد يعيش ظروف العراق، وهي ظروف مهيّأة لأن تتصاعد وتتحول اضرابات طلابية مثلما حدث العام الماضي في الجامعة المستنصرية عندما قاد الاتحاد الطلابي اضراباً عاماً ولم يعد الطلبة الى مقاعد الدراسة الا بعد تنحية وزير التعليم العالي العميد.