فيينا، باريس، برلين – «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب – أكد مسؤولون في ايران والدول الست المعنية بملفها النووي أمس، ان المحادثات التي أجراها الجانبان في جنيف الخميس الماضي، لم تثمر اتفاقاً نهائياً على المسائل التي نوقشت، خصوصاً قضية نقل اليورانيوم الضعيف التخصيب من إيران الى دول أخرى لزيادة تخصيبه. لكن المسؤولين شددوا في المقابل على ان المفاوضات لم تفشل، وان لم تؤد في جولتها الأولى الى اتفاق كامل حول تفاصيل مبدأ «تجميد التخصيب مقابل تجميد العقوبات» الذي يسعى الغرب الى تطبيقه. وأكد مسؤول في الخارجية الأميركية ل «الحياة» أن إيران «وافقت من حيث المبدأ» على الاقتراح الروسي - الأميركي بتخصيب اليورانيوم المنخفض المستوى في روسيا، في وقت قالت مصادر ل»الحياة» ان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي سيزور طهران غداً لإجراء محادثات مع علي أكبر صالحي رئيس «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، تستند الى نتائج اجتماع جنيف، للاتفاق على جدول زمني لتفقد المفتشين منشأة التخصيب الجديدة قرب قم، إضافة الى تبادل وجهات النظر حول آلية تنفيذ اقتراح تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج. وأعربت مصادر إيرانية عن ارتياحها الى نتائج محادثات جنيف، تحديداً تلك التي جمعت جليلي مع المندوب الأميركي وليام بيرنز، في لقاء ثنائي مباشر هو الأول منذ 3 عقود. وقالت هذه المصادر ل»الحياة» ان جليلي لمس «رغبة لدى الولاياتالمتحدة» بتغيير سلوكها حيال الملف الإيراني، تحديداً في الموضوع النووي. وكما طالب الرئيس الأميركي باراك اوباما طهران باتخاذ إجراءات عملية لإثبات حسن نياتها، طالب جليلي الإدارة الأميركية باتخاذ خطوات «تثبت حسن نيتها» على صعيد الغاء العقوبات المفروضة على إيران وإعادة الملف النووي الإيراني من مجلس الأمن الى الوكالة الذرية. وأبلغت مصادر ل «الحياة» ان إيران نجحت في التوصل الى «صيغة حل وسط» حول نشاطات التخصيب، وهي صيغة معدلة من الاقتراح الذي طُرح العام 2005 لإجراء التخصيب في روسيا، في محاولة لاستبعاد قرار جديد يصدره مجلس الأمن حول إيران. ووصف مهدي صفري مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون الأوروبية والذي رافق جليلي الى جنيف، نتائج المحادثات بأنها «جيدة جداً لمصلحة الجانبين». وقال ان «الجانب الغربي اضطُر الى مناقشة رزمة الاقتراحات الايرانية المقدمة الى الدول الست، ولم ينجح في أن يكون الملف النووي هو بداية المحادثات». لكن صفري قال لوكالة «اسوشييتد برس» رداً على سؤال حول تفتيش منشأة قم وإرسال اليورانيوم الى روسيا، ان المسألة «لم تُناقَش بعد». وسئل هل وافقت إيران على ذلك، فأجاب بالنفي. ونقلت وكالة «مهر» عن عضو في الفريق الإيراني المفاوض في جنيف قوله ان اجتماع جنيف أسفر عن «اتفاق على مواصلة المحادثات حول رزمة الاقتراحات الإيرانية ونقاط الاشتراك بينها وبين رزمة اقتراحات الطرف الآخر، ولم يحصل أي اتفاق آخر». وعلمت «الحياة» ان الإيرانيين وممثلي الدول الست لم يتوصلوا الى اتفاق على تجميد التخصيب في مقابل تجميد العقوبات، بل وافقت طهران على البحث في تفاصيل مثل هذا الاتفاق في الاجتماع المقبل في 18 الشهر الجاري، آخذة في الاعتبار المهلة التي حددتها لها قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى حتى آخر السنة، لإعطاء ضمانات حول تجاوبها مع قرارات مجلس الامن، او مواجهة مزيد من العقوبات. وبرزت خلال اجتماع جنيف ليونة لدى الطرفين، وعزا الغرب تراجع إيران عن تشددها الى أوضاعها الداخلية. جاء ذلك في وقت أعلنت إيران ان مساعدي جليلي والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي رأس لقاء جنيف، سيجتمعون «خلال الأيام المقبلة» لبحث المرحلة التالية من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، فيما اعتبرت باريس وبرلين اجتماع جنيف «خطوة في الاتجاه الصحيح وسيتم تقويم النتائج استناداً الى الوقائع». في غضون ذلك، أكد مسؤول في الخارجية الأميركية ل»الحياة» أن طهران «وافقت مبدئياً» على الاقتراح الروسي - الأميركي المقدم الى الوكالة الذرية والذي يقضي ب»تخصيب اليورانيوم الإيراني ذي المعدلات المنخفضة في روسيا» وتحويله الى وقود يُنقل الى إيران». وأشار الى أن «تطبيق هذه الخطة سيخفض بنسب كبيرة مخزون اليورانيوم الإيراني الذي يثير قلق المجتمع الدولي»، كما يوفر لطهران الطاقة بأسعار أرخص من القيمة الحالية. وأكد المسؤول أن اجتماع فيينا في 18 الشهر الجاري سيبحث في تفاصيل هذا الاقتراح. وجاء كلام المسؤول في وقت أعلنت وزارة الخارجية أن الوزيرة هيلاري كلينتون ستتوجه الى موسكو الأسبوع المقبل، في جولة تشمل لندن ودبلن وبلفاست. وستغادر الجمعة المقبل وستناقش مع نظيرها الروسي سيرجي لافروف «التعاون في مكافحة الانتشار النووي والإرهاب والخطوات المقبلة للجنة كلينتون - لافروف» في هذا الصدد.