اعتبر نائب الرئيس العام للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة الدكتور عبدالله العبدالقادر أن نظام المنافسات والمشتريات الحكومية يساعد على الفساد، والذي يعتبر إحدى الأدوات البسيطة التي تستخدمها الإدارات الحكومية في اختيار العروض والمناقصات لديها، مشيراً إلى أن الهيئة ومجلس الشورى تقدما بطلب إلى مجلس الوزراء بتعديل النظام، وما زالت اقتراحاتهما تدرس من هيئة الخبراء. وأوضح العبدالقادر خلال أمسية له أقيمت في جامعة الملك عبدالعزيز حول دور مهنة المحاسبة والمراجعة في مكافحة الفساد أول من أمس، أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد لم تفرق بين القطاعين العام والخاص، إذ إن «نزاهة» تكاتب المصارف والشركات والمؤسسات العامة والخاصة على حدٍ سواء، مؤكداً حرصهم على تطبيق الأنظمة والنزاهة في القطاعات كافة، وذلك من طريق إلزام الشركات بإعلان برامجها وأنظمتها للمجتمع وتقديمها إلى الهيئة، إضافة إلى تطبيق نظام الحوكمة على الشركات وتعارض المصالح وغيره من الأنظمة. مضيفاً: «لو لم يكن هناك فساد لما حصلت على وظيفة لمكافحته، والفساد ظاهرة عابرة للقارات وعبر العصور، ولدينا فساد على المستويات كافة، ومن هنا جاء إنشاء الهيئة التي أقرتها الدولة واعترفت بها». وأكد أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد لم تعارض إنشاء مؤسسات المجتمع المدني، بل حثت عليها، وذلك من خلال مشاركة الهيئة في شراكات مع الجامعات الحكومية والأهلية في إنشاء 50 نادياً في 50 جامعة بمسمى نادي نزاهة، وذلك لزرع النزاهة عند الشبان والمجتمع، وتفعيل الإسهام في حماية النزاهة. وأضاف: «لدينا دراسة مقترحة مع وزارة التربية والتعليم في إدخال المناهج الدراسية والبرامج التي تكافح الفساد، وتدعو إلى النزاهة، وسيتم الإعلان عن النتائج قريباً، والمملكة العربية السعودية تنتهج في مكافحة الفساد المدرسة الصينية التي تدعو إلى الوقاية والنصح والإرشاد، إضافة إلى المراقبة على الأداء». وأشار إلى أن الهيئة تواجه العديد من التحديات التي تعوق عملها وقلة صلاحياتها، ومن ضمن ذلك أن الهيئة لا يمكنها أن تجري التحقيق مع المتهمين أو حتى محاكمتهم، إذ إن دورها يقتصر فقط على التحري والضبط، والتشهير بعد إصدار الحكم لاحقاً بالمنشآت والجهات لا الأشخاص، مضيفاً:وفي ما يخص محاكمات السيول على فاجعة جدة، قال متسائلاً: «لماذا لم نر حتى الآن متهماً واحداً زج به إلى السجن في قضية فاجعة السيول في جدة، على رغم أن الفاجعة مضى على عمرها ستة أعوام، والسبب في ذلك تأخر البت في الأحكام من القضاء، والذي طالبنا بضرورة التسريع في الحكم في القضاء والمحاكم المرتبطة بقضايا الفساد». وتابع: «العديد من القضايا سقطت في المحاكم، إذ لم تنجح بعض تلك القضايا، فبعض القضاة تصل إليه القضية ويرجعها إلينا بدعوى أنه غير مقتنع بها، على رغم أنها مكتملة الأطراف، وعملنا دقيق جداً في التحري والضبط، إلا أن تأخر البت في الحكم على القضايا من أبرز المعوقات التي تواجهنا». وأشار الدكتور عبدالله العبدالقادر إلى أن نظام ساهر نجح في الحد من حوادث المرور والفساد في إزهاق الأرواح، وذلك بسبب تطبيقه بالعدل على المخالفين كافة، وعدم التفرقة بين المخالفين، فالمخالف للنظام يتم إصدار مخالفة عليه فوراً، معتبراً أنه عامل المخالفين كافة «كأسنان المشط». وبعض الأنظمة توضع في «الأدراج» ولا يُعمل بها أفصح نائب الرئيس العام للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة الدكتور عبدالله العبدالقادر خلال اللقاء أن أبرز معوق يقف أمام الهيئة وجود العديد من الأنظمة القديمة وغير المرنة في أغلب الدوائر الحكومية والتي تواجه الهيئة تعارضاً معها، إضافة إلى أن الكثير من الأنظمة لا يعمل بها وإنما توضع في الأدراج، فالأنظمة تصدر وتشرع ولا يتم العمل بها، مضيفاً: «هل سمعتم بنظام التأديب الوظيفي، لم يتم العمل بهذا النظام على رغم إقراره إدارياً منذ مدة طويلة، بيد أن وجود النظام ليس رادعاً فقط في كبح الفساد، بل يجب تطبيقه ومعاقبة مخالفيه». وقال إن التعاميم والقرارات في الدوائر الحكومية كافة دائماً تطلق عليها سرية، وهذا من الخطأ الذي تقترفه الدوائر الحكومية، موضحاً أن مهام الهيئة تطوير الأنظمة والمشاركة في تطويرها، إذ إن الهيئة أسهمت في رفع مقترحات بتعديل بعض الأنظمة التي قد تساعد على الفساد. وأضاف: «من الأنظمة التي حرصنا على تطبيقها تعديل نظام الرشوة المعمول به في القطاع الحكومي، وإلزام القطاع الخاص بتنفيذه، وعدم وجوده في القطاع الخاص أسهم في انتشار عقود الباطن الفاسدة بين الشركات». وأشار إلى أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تحتفظ بوثيقة تاريخية تعود إلى مؤسس الدولة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في عام 1347 ه الموافق 1928 يعلن من خلالها محاسبته للفساد ومناصرة المظلومين، وذلك من طريق صندوق البلاغات الذي أقره أمام دائرة الحكم، منوهاً بأن الوثيقة أكدت نصرة المشتكي ومحاسبة الظالم والفاسد كائناً من كان.