يرى الباحث الشرعي الدكتور سمير برقه أن «كل من يتبع طريقاً أو طريقة فهي لا تعدو أن تكون مدرسة تربوية سلوكية تهتم بافتتاح الزوايا، كما فعلت السنوسية في جبل أبي قبيس، حتى غدت مكة والمدينة وجدة تنتشر فيها الزوايا لتعليم الناس وتربية الطلاب على الأخلاق ومعالجة القلوب من أمراضها»، مضيفاً: «ظل علماء الحجاز ومكة بخاصة على الاهتمام بالجانب العلمي الفقهي كأتباع للمذاهب الإسلامية ينصحون طلابهم بطلب العلم أولاً ثم التصوف لتربية النفس». ويقول: «هذا الإمام السيد علوي مالكي وهو مفتي الملكية في وقته، وأستاذ التفسير، وكان له حظوة عند ولاة الأمر، ينصح طلابه برسالة إذ يقول: هل تنجح الأعمال الدنيوية بغير العلم؟ لا والله .. إن التجار وأرباب الأعمال يحتاجون في حساباتهم وترتيب أعمالهم ونجاح نتائجهم إلى العلم..». ويوضح أنه لا توجد في الحجاز بيارق ترفع، ولا مسيرات تنظم ولا تقوقع يحدث، «وإنما مشاركة»، مضيفاً: «يتم استغلال المناسبات في الدعوة إلى الله، وتعلمنا من علمائنا أن نجيب من يسألنا عن مذهبنا أو طريقنا، فطلب العلم أولاً وأخيراً، والتصوف ما هو إلا سلوك نمارسه في حياتنا». وعن نفور المجتمع من التصوف، يجيب أن «التصوف يعالج القلوب، وليس صحيحاً أن هناك نفوراً منه، إلا بقدر ما يشوهه خصومه وتناولهم لرموزه، فكما للسلفية من أدعياء، كذلك للتصوف أدعياء، والميزان هو الشاهدان الكتاب والسنة حكم بينهم». ويقول: «الانحرافات والشطحات حوادث حدثت لكل التيارات والجماعات والمذاهب، والمهم معرفة الخلل وممارسة النقد الذاتي لتصحيح المسار، وعقلاؤهم يقومون بهذا للحفاظ على دينهم». وعن احتفاء المجتمع الغربي بالصوفية عن غيره من المذاهب قال: «لا أظن أن المجتمع الغربي يحتفل بالصوفية، بقدر مصالحه التي تأتي أولاً، ثم معاناته من الفكر المتطرف الذي وصل لعقر دارهم». ويذكر أن «المجتمع الغربي يبحث عن بدائل، ووجدوها في رجال التصوف بعلمائها الكبار وفقهائها العظام بديلاً، والدليل ما سطره التاريخ في شمال أفريقيا وآسيا والشام والعراق من مقاومة، لأن دينهم يمثل أكسير حياتهم، وفي الوقت نفسه لا يعادون أحداً». ويقول برقه: «إننا في أمسِّ الحاجة إلى درس التصوف الحجازي المنضبط، بروح الشريعة وحقيقة التصوف، ولنكن أنموذجاً لسائر الأمم في كل شيء، فكراً واعتدالاً».