عندما تعتاد البقاء في القمة، تصعب عليك الحياة في سهولها أو في أية بقعة أخرى سواها، حتى لو كنت بالقرب منها..! هذه حال من اعتادوا النجاح الذي غالباً ما يكون له ثمن يدفعه صاحبه من دمه وأعصابه وراحته.. المركز الثاني قد يكون حلماً للبعض، لكنه قد يكون للبعض الآخر كابوساً..! ولعل ما قاله الشيخ محمد بن راشد، ذات مرة عندما سألوه: لماذا تبحث إمارة دبي دائماً عن لقب «الأول»؟ خير تفسير للهاجس الذي يراود أصحاب الطموح الذي لا يعرف حدوداً.. إذ أجاب قائلاً: «العالم كله يعرف من هو أول إنسان هبط على سطح القمر، لكن لا أحد يتذكر ثاني إنسان فعلها..»! وأتذكر أيضاً ما قاله الشيخ محمد بن زايد منذ أعوام وهو يتحدث عن الصدارة التي يبحث عنها دائماً زعيم الأندية الإماراتية العين ولا يرضى بغيرها، فقال: «لأن المركز الثاني مثل الأخير..»! والخبر الوهمي الذي تناقلته جماهير الهلال السعودي في منتدياتها وفي شبكة التواصل الاجتماعي منذ أيام والذي يقول إن منافسهم النصراوي سيفقد صدارته ويهبط إلى الدرجة الثانية لإلغاء نتائج مبارياته بسبب التلاعب فيها، هي حال تكشف مدى معاناة جماهير الزعيم السعودي، والتي أصبح المركز الثاني بمثابة كابوس تعيشه مع فريقها الأزرق ليل نهار..! لا أدري ما أصاب «زعماء الخليج» هذا الموسم؟! فالهلال جاء ثانياً في السعودية، والسد جاء ثالثاً في قط،ر والعين جاء خامساً في الإمارات..! منذ أن عرفنا مواسم الاحتراف، لم يتصادف تخلي الأندية الثلاثة عن الصدارة في وقت واحد، فإذا تخلى واحد اأو اثنان منها عن قمته، كان الثالث متربعاً على عرشه.. قرأت بالأمس من يطالب سامي الجابر بالرحيل من الهلال، وفي تصوري أن الجابر تجربة لم تكتمل بعد، ولا يجب أن نغفل أيضاً أن النصر تفوق على نفسه ويمر بفترة تألق تجعل من الصعب على أي منافس الوقوف في طريقه، لذا أقول لمن يطالبون بإقالة الجابر: اصبروا عليه، أو على الأقل انتظروا حتى يقيل مانشستر يونايتد مدربه مويز، فإن فعلها الإنكليز افعلوها مع الجابر..! وفي مصر أيضاً عبر تاريخها الكروي تحول المركز الثاني إلى دعابة تغيظ جماهير الزمالك، بعد أن بات هذا المركز محجوزاً معظم الوقت لفريقهم الأبيض، وطالما أن الزعيم الأهلاوي اعتاد النوم في قمة الهرم.. ولطالما تعالت جماهير القلعة الحمراء على الزمالك وأنصاره لأن فارق البطولات والألقاب تجعل الزمالك في واد والأهلي في واد آخر، إلا أن الأهلي أيضاً هذا الموسم ليس في أحسن أحواله، وعلى رغم اختلاف المجموعات فإن القطبين الكبيرين ينطبق عليهما المثل المصري: «لا تعايرني ولا أعايرك.. الهم طايلني وطايلك»! وأحدث طرفة تقول: إن الزمالك هذا الموسم مع ميدو «راجع تاني».. فرد أحد الظرفاء بقوله: «وإيه يعني.. ما هو طول عمره تاني»..! أسامة الشيخ [email protected]